رأيت صديقاً لي كثير الإنفاق على أولاده خصوصاً فى مجال التعليم، بطريقة لفتت نظرى فهو لا يترك سبيلاً أو طريقاً فى مجال التعليم إلا وأنفق بسخاء عليهم دون تململ .
حينها حركنى الفضول فقلت له لماذا كل هذا الإنفاق؟ أليس هناك مجالات أخرى يمكنك الإنفاق فيها؟
فقال لى مقولة أذكرها إلى الآن : "أنه يستثمر في أولاده ".
حاولت عمل إسقاط على المجتمعات والدول والحياة الاقتصادية، بسؤال منطقى: هل يمكن للدول أن تستثمر في مواطنيها؟ وإن حدث ذلك بالفعل، فهل ذلك يعود على الحياة الاقتصادية وعلى الناتج المحلى بالتطور أم أن الأمر محض إسقاط غير عملى منى؟
ولكنى وجدت من الاقتصاديين من سبقنى بهذا الفكر حيث أن من طرح فكرة أن التعليم هو استثمار هو في الواقع أحد الاقتصاديين الفائزين بجائزة نوبل. فقد رأى تي دبليو شولتز أن الاستثمار في التعليم يفسر عملية النمو وقدم لنا جاري بيكر نظرية رأس المال البشري. باختصار، تفترض نظرية رأس المال البشرى أن الاستثمار في التعليم لديه مردود من حيث ارتفاع الأجور.
إذا بالفعل التعليم استثمار، حيث أنه سيكون له مردود فى المستقبل فالتعليم عاماً واحداً فقط قد يرفع العوائد بنسبة 10% سنوياً، وفي النهاية هو يزيد من الناتج المحلى الإجمالى للدول التي تتبنى النهج التعليمي لأولادها.
ولكن هل هناك نماذج دولية جيدة تبنت النظام التعليمى كاستثمار فى أولادها؟
فمثلاً دولة مثل اليابان تخصص سنوياً 17.93 مليار دولار سنوياً لدعم التعليم ، فهل يعد ذلك إسرافاً، بالعكس تماماً فاليابان تنتهج استراتيجيات تعليمية قوية تمنح الأجيال القدرة على الإبداع و الإسهام في عملية النهضة التي تشهدها البلاد في مختلف المجالات، وتسعي اليابان من خلال استراتيجيات التعليم المحكمة إلى الموازنة بين حاجيات السوق و عدد الخريجين من الجامعات والمعاهد اليابانية، ولتحقيق هذه الأهداف يبدأ التركيز في سياسات التعليم على مختلف المراحل من المدرسة ثم التدرج حسب مراحل التعليم المختلفة ويتلقى الطلاب خلال هذه الفترة تكوينات وتدريبات ليس فقط في المنهج الدراسي المقرر بل في مجالات أخرى تشمل النشاطات الاجتماعية كالتطوع في عمليات الإنقاذ وعمليات مساعدة السكان في حالة الكوارث وغيرها.
كل ذلك سيكون له مردوده فى تحسين مستوى الدخول محلياً، إلى جانب جذب العملة الصعبة من خلال العمل فى الخارج للكفاءات هذه في الدول النامية، فكيف إن كان الشخص الذي تم الاستثمار فيه عمل في الدولة وكان ساعداً للتنمية فيها، حينها نستطيع أن نسمي ذلك رأس المال الفكري فكما يكون للشركات رأس مال فكري، يكون للدول كذلك رأس مال فكري بشري يعود عليها بالنفع في المستقبل من حيث التقدم وزيادة الناتج المحلى .
والآن شاركونا تجاربكم ..
هل تعمل دولتكم على الاستثمار فى التعليم ورأس المال الفكرى كعامل أساسى فى تطوير الدولة واقتصادها؟ وهل يتم تطبيق استراتيجيات طويلة المدى أم أن الأمر قاصر على تعليم روتينى لا تربطه الدولة بالاقتصاد تماماً؟
التعليقات