أسامة فيصل

مهندس مدني. أكتب ما يعكس لحظة شعورية عابرة، لا ما يختصرني في صورة ثابتة

144 نقاط السمعة
4.55 ألف مشاهدات المحتوى
عضو منذ
3

رحيل آخر جيل

برحيلها، أُغلِق آخر باب من أبواب الأجداد في عائلتنا. لم تكن مجرد امرأة من زمن مضى، بل كانت الذاكرة الحيّة التي ربطتنا بجذورنا الأولى. كانت آخر خيط يمتد بيننا وبين زمن لم نعشه، لكنه ظلّ يسكن في صوتها، في دعواتها الهادئة، وفي يديها اللتين حملتا من العمر ما يكفي لملامسة كل الأجيال. من بين جميع الأجداد، كان لها مكان مختلف. لم تكن "إحدى الجدّات"، بل كانت الجدة بمعناها الكامل بمعجمها الدافئ الذي يجمع بين الحنان والحب، بين القصص القديمة التي
5

هل التعليم في بلادنا ينتج موظفين فقط أم مثقفين؟

منذ سنوات طويلة يدور جدل واسع حول وظيفة التعليم في بلادنا: هل هو بوابة لصناعة المعرفة وتحرير العقول، أم مجرد خط إنتاج ضخم لتجهيز الموظفين وإرسالهم إلى سوق العمل؟ عند النظر إلى الواقع، نجد أن أغلب المناهج الدراسية مصممة بطريقة تجعل الطالب يحفظ أكبر قدر ممكن من المعلومات ليمرّ بالامتحان بسلام، دون أن يُطلب منه التفكير النقدي أو إبداع حلول جديدة. النتيجة أن الطالب يتخرج بشهادة، لكنه لا يملك غالبًا الأدوات التي تمكّنه من قراءة العالم بوعي أو تطوير نفسه
6

هل التقاليد أهم من الحرية الفردية في العلاقات الأسرية؟

في كل بيت، وفي كل أسرة، هناك خيط مشدود بين ما ورثناه من عادات وتقاليد، وبين ما نرغب فيه من حرية شخصية. التقاليد في نظر البعض هي صمغ الأسرة، ما يحفظها من التشتت والانهيار. فهي التي ترسم حدود الاحترام بين الأجيال، وتحدد ما يجوز وما لا يجوز، وتبني أرضية مشتركة تجعلنا نشعر بالانتماء. لكن على الطرف الآخر، هناك من يرى أن هذه التقاليد نفسها قد تتحول إلى قيود تخنق الفرد. ماذا لو تعارضت مع طموحه، أو مع أبسط اختياراته؟ هل
6

هل الزواج المبكر حماية من الفتن أم مسؤولية قبل أوانها؟

الزواج المبكر كان يومًا ما أمرًا طبيعيًا في مجتمعاتنا، بل ميزة يُشاد بها، إذ يراه الكثيرون وسيلة لحفظ النفس، والاستقرار العاطفي، وبداية حياة مليئة بالمسؤوليات التي تُكسب الشاب نضجًا مبكرًا. البعض ما زال يرى فيه حماية من الانجراف في طرق ضارة، وإطارًا شرعيًا لبناء أسرة والبدء في رحلة النضج مع شريك الحياة. لكن، هل يكفي الحافز الديني أو الاجتماعي لتبرير الزواج المبكر؟ أم أن الظروف الاقتصادية وضغوط الحياة اليوم جعلت من الزواج المبكر مسؤولية ثقيلة قد تعصف بأحلام الطرفين؟ فالزواج
3

السكن مع الأهل بعد الزواج: برّ وصلة، أم بداية للمشاكل؟

من تجربتي الشخصية، أستطيع أن أقول إن السكن مع الأهل بعد الزواج ليس كما يُصوَّر دائمًا بأنه بداية للمشاكل. على العكس، قد يكون له جوانب إيجابية كبيرة، خاصة في بدايات الحياة الزوجية. فأنت تجد الدعم، والمساندة، ودفء العائلة الذي يخفف من أعباء البداية. لكن الأمر لا يتعلق بجدران البيت بقدر ما يتعلق بالتفاهم بين أفراده. السكن مع الأهل يعني التزامات وآداب يجب أن يراعيها الجميع: الزوجان من جهة، والأهل من جهة أخرى. قد يراه البعض تقليلًا من الحرية، بينما هو
6

التعليم الجامعي اليوم: ضرورة أساسية أم شهادة بلا قيمة؟

كان دخول الجامعة في الماضي أشبه بجواز عبور إلى المستقبل؛ شهادة تعني وظيفة ومكانة اجتماعية واحترامًا مضمونًا. أما اليوم، ومع البطالة وتسارع سوق العمل، صار السؤال يفرض نفسه: هل ما زالت الجامعة ضرورة، أم أن الشهادة فقدت قيمتها؟ الجامعة تمنحنا أكثر من ورقة: تجربة نضج، تفكير نقدي، علاقات تُبنى، وفرصة لاكتشاف الذات. لكن هل تكفي هذه المزايا لتبرير سنوات طويلة وتكاليف مرهقة؟ كثيرون اليوم يصنعون نجاحهم خارج أسوار الجامعة: مبرمجون، رواد أعمال، وكتّاب تعلموا بأنفسهم. بينما هناك مجالات لا غنى
11

التدخل العائلي في اختيارات الزواج: حماية أم وصاية؟

الزواج ليس قرارًا عابرًا، بل هو اختيار مصيري يبني عليه الإنسان مستقبله كله. ومع ذلك، يظل هذا القرار في مجتمعاتنا نادرًا ما يكون فرديًا خالصًا؛ إذ تحضر العائلة دومًا، برأيها وخبرتها وتصوراتها، وأحيانًا بقراراتها الحاسمة. من منظور إيجابي، تدخل الأهل قد يبدو نوعًا من الحماية. فهم يرون ما لا نراه، وتجاربهم أوسع وأطول. قد يلتقطون إشارات يغفل عنها الشاب أو الفتاة بدافع الحماسة أو العاطفة. ربما يحمون أبناءهم من علاقة محكومة بالفشل منذ البداية، أو من شخص لا يليق بهم،
9

الزمن مع الأهل: هل نقدّر هذه اللحظات بما يكفي؟

من فترة قصيرة كنت اتواصل مع أخي الذي في الغربة ، نتبادل أحاديث بسيطة جدًا عن أمور يومية: غلاء الأسعار، أخبار الجيران، ذكريات طفولتي، أحداث وقعت عندما كنا صبياناً . كلام عادي لا يحمل أي عمق فلسفي أو حدث استثنائي، ومع ذلك أحسست أن الوقت يتباطأ بشكل جميل. كان في داخلي صوت يقول: هذا المشهد سيتكرر كم مرّة بعد الآن؟ في زحمة الدراسة والعمل ومشاغل الحياة، صرنا نتعامل مع وجود الأهل وكأنه أمر دائم، بينما الحقيقة أن الزمن يأخذ من
5

الأكل بين نزهة المطاعم ووجبات التوصيل: متعة اجتماعية أم عادة مريحة تفقدنا معناها؟

لم يعد الطعام مجرد حاجة بيولوجية نشبع بها جوعنا، بل صار طقسًا اجتماعيًا يحمل معانيه الخاصة. في السنوات الأخيرة، صارت تطبيقات التوصيل جزءًا من روتيننا اليومي: ضغطة زر واحدة، وإذا بالوجبة تقف عند باب بيتك. رفاهية بلا شك، لكنها في الوقت نفسه تثير سؤالًا صعبًا: هل فقدنا شيئًا من روح الأكل ومعناه حين اختصرناه إلى "وجبة في كيس بلاستيكي"؟ المطعم ليس مجرد مكان يُقدَّم فيه الطعام، بل فضاء صغير للهروب من رتابة الأيام. هو نزهة تمنح العائلة فرصة للتنفس، للترويح
7

التصوير في المناسبات بدون إذن: ذكريات جميلة أم انتهاك للخصوصية؟

في كل مناسبة اجتماعية اليوم، يكفي أن يخرج أحدهم هاتفه لتبدأ الكاميرا في التقاط اللحظات: ضحكات عابرة، حركات عفوية، وحتى لحظات قد يفضل البعض أن تبقى خاصة. النية غالبًا بريئة، فالمصور يريد الاحتفاظ بذكرى أو مشاركة لحظة مع الآخرين. لكن المشكلة تبدأ حين لا يُسأل الأشخاص الظاهرون في الصورة عن رغبتهم في ذلك. خذ مثلًا حفلات التخرج؛ تجد الكاميرات تلتقط الوجوه من كل زاوية، وبعد ساعات فقط تنتشر الصور على فيسبوك وإنستغرام. أو في الأعراس، حيث تُنشر الفيديوهات أحيانًا بلا
9

هل الصداقة تدوم فعلًا أم أن لكل صداقة عمر محدد؟

كثيرًا ما نظن أن الأصدقاء الذين نلتقيهم في مرحلة معينة سيبقون معنا إلى الأبد. نشاركهم تفاصيل صغيرة وأسرارًا كبيرة، ونشعر أن بيننا جسرًا لا يمكن أن ينكسر. لكن مع مرور الوقت، نكتشف أن بعض الجسور تهتز، وبعضها ينهار من غير خلافات ولا صراعات كبرى، فقط لأن الطرق افترقت والمسافات اتسعت. أحيانًا تموت الصداقة ببطء، ليس لأن المحبة انتهت، بل لأن الحياة أخذت كل واحد في اتجاه آخر. ترى صديق المدرسة وقد صار غريبًا، وزميل الجامعة الذي كنت تقضي معه ساعات
11

هل التقدم التكنولوجي جعل حياتنا أسهل فعلًا، أم أكثر تعقيدًا؟

نعيش اليوم في زمن لم يكن أجدادنا ليتخيلوه. بضغطة زر نرسل رسالة تصل في ثانية، ونطلب طعامًا يصل إلى بابنا، ونجري مكالمات مع أشخاص على بعد آلاف الكيلومترات وكأنهم يجلسون بجوارنا. يبدو كل شيء أسرع، أسهل، وأقرب. لكن الغريب أن هذا "التسهيل" لم يجلب بالضرورة راحة أكبر. بدل أن نملك وقتًا إضافيًا، أصبحنا نركض أكثر لنلحق بإيقاع الحياة المتسارع. صارت الرسائل التي تصل في ثانية تتطلب ردًا في الثانية نفسها، والعمل الذي كان ينتهي مع غروب الشمس أصبح يلاحقنا إلى
11

هل يصل الكاتب إلى لحظة يكتفي فيها من القراءة؟

كثيرًا ما يُقال إن القراءة وقود الكاتب، وأن القلم بلا كتاب سرعان ما يجف. لكن يراودني سؤال مختلف: هل هناك لحظة يصل فيها الكاتب إلى الاكتفاء، كأن المعرفة التي جمعها عبر السنين تكفيه ليمضي وحده؟ ربما بعد مئات الكتب، وبعد رحلة طويلة مع الفكر والتجارب، يشعر بعض الكتّاب أن ما تبقى ليس إضافة، بل تكرار لما عرفوه من قبل. عندها يتجهون إلى الداخل بدل الخارج؛ يبحثون في ذاكرتهم وتجاربهم الخاصة، ويكتبون من اليقين الذي استقر في نفوسهم، لا من الكتب
6

حين يخفت وهج الكتابة… كيف نعبر أوقات فقدان الشغف؟

أعرف تمامًا ذلك الشعور حين تجلس أمام ورقة بيضاء أو شاشة مضيئة، وتحدّق طويلًا كأن الكلمات فقدت طريقها إليك. ليس لأنك توقفت عن التفكير، ولا لأنك لم تعد تملك شيئًا تقوله، بل لأن الشغف نفسه تراجع خطوتين إلى الخلف، وكأنه يراقبك من بعيد. مررتُ بهذه اللحظات كثيرًا. كنت أكتب وكأنني أطارد الحياة، أفيض على السطور بما يتجاوزني، ثم فجأة يتوقف كل شيء. أظل أتساءل: هل انتهت الحكاية؟ هل جفّ النبع؟ أم أن الأمر مجرد استراحة لم أكن أعلم أنني بحاجة
3

حين يفكر الزوجان في العودة… هل تكفي النوايا الطيبة لترميم العلاقة؟

تمرّ كل علاقة زوجية بمحطات صعبة، قد تترك في القلب ندوبًا صغيرة أو كبيرة. أحيانًا يصل الأمر إلى ابتعاد مؤقت أو حتى التفكير في الانفصال. لكن وسط كل هذا، تبقى هناك رغبة خفية في العودة، وكأن القلب يقول: "لا أستطيع أن أستمر من دونك". هذه الرغبة في العودة تبدو في ظاهرها شيئًا جميلًا، لأنها تعكس وجود مشاعر صادقة لم تُمحَ رغم الخلافات. لكنها أيضًا تفتح أبوابًا أخرى من التفكير: هل تكفي النوايا الطيبة لترميم ما تهدّم؟ هل يكفي الاشتياق وحده
5

حين لا يسير القلبان بنفس الإيقاع… هل هو طبيعي أم بداية شرخ؟

في العلاقات الزوجية، لا يسير القلبان دائمًا على نفس الإيقاع. قد نجد طرفًا في قمة الحب، ممتلئًا بالشوق والرغبة في التعبير، بينما الطرف الآخر يعيش حالة فتور هادئ، وكأن مشاعره أخذت استراحة مؤقتة. هذا الفتور قد يكون أمرًا طبيعيًا، نتيجة تراكم الإرهاق النفسي والجسدي وضغط الحياة اليومية، وليس بالضرورة علامة على خلل أو برود في العلاقة. فكل إنسان يحتاج أحيانًا مساحة يلتقط فيها أنفاسه ويستعيد توازنه. لكن الإشكال يظهر عند الطرف الآخر: ذلك الذي يفيض قلبه بالعاطفة، ويتمنى أن يُقابل
6

لماذا ننجذب أكثر إلى القصص الحزينة من القصص السعيدة؟

من المدهش أن القصص الحزينة تبقى عالقة في أذهاننا أكثر من القصص السعيدة. لماذا نتذكر لحظة خيانة أو موت بطل أكثر من زفاف أو انتصار؟ انظر مثلًا إلى رواية البؤساء: ما الذي جعلها خالدة؟ ليس لحظات الفرح القليلة، بل رحلة الألم والمعاناة التي عاشها جان فالجان. أو أحدب نوتردام، حيث ينتهي البطل مسحوقًا بالموت بدل أن يفوز بالحب. وفي المسلسلات الحديثة، من منا لم يتأثر بتحوّل "والتر وايت" في Breaking Bad إلى مجرم قاسٍ؟ القصة لم تكن عن الانتصارات، بل
7

هل انتهى زمن البطل النبيل؟

في الماضي، البطل في الروايات والقصص كان دائمًا رمزًا للخير المطلق. مثل جان فالجان في البؤساء، أو أبطال الحكايات الشعبية الذين لا يخطئون أبدًا. كنا نقرأ عنهم فنشعر بالأمان لأن هناك دائمًا من يقف في صف العدالة بلا تردد. لكن الأدب والدراما الحديثة تغيّرت. صرنا نرى أبطالًا مليئين بالتناقضات: في Breaking Bad مثلًا، والتر وايت يبدأ كأستاذ بسيط يحاول إنقاذ عائلته ثم يتحول تدريجيًا إلى مجرم. في Game of Thrones، جون سنو أو تيريون لانيستر أبطال لكن عندهم نقاط ضعف
4

مشاركة الوجدان

كنت أظنُّ أنني أدركُ ماهية المشاركة، لكنني اكتشفتُ أنني لم أكن أعي جوهرها. لطالما ظنَـنت أن المشاركة خاصةٌ بالأشياء؛ كنا نعرفها على أنها عطاءٌ ماديّ، وكرمُ ما في اليد، ورغبةٌ في مشاركة الناسِ ما نملك. لكنّي أظنُّ أنني اكتشفتُ مجالًا أوسعَ وأصلًا أعظمَ للمشاركة: مشاركةُ الوجدان. لطالما غصنا في التفكيرِ بأنفسنا — في نجاحنا وفشلنا — وأيضًا في مستقبلنا؛ لأن ذلك يُعَبِّرُ عَن مَن نحنَ ومَن سنكون. فنجاحي وفشلي نتاج لي، ومستقبلي هو طريقي للوصولِ إلى هذا أو ذاك. لكنْ
4

قياس رد الفعل المناسب

نرجو من الأخوة المتخصصين في العلوم التطبيقية المساعدة في تطوير صيغة رياضية لتحديد قوة رد الفعل المناسبة، بالإضافة إلى تحديد وقت بدء هذا الرد ومدته الزمنية. لقد حاولت كثيرًا ملاحظة ردود الفعل من حولي لفهمها، ولكن لا جدوى؛ فعند نفس الفعل تجد ردود أفعال متباينة، على الرغم من أن هذه الردود جاءت من أشخاص لهم عوامل متشابهة تربطهم بمؤثرات نفس الفعل. فيتلقى البعض الفعل بهدوء كخبر يطالعه في الأخبار، والبعض الآخر تجده يضخم الفعل ويجسده ككارثة تهدد أمنه الشخصي ومن
1

لا عنوان

لا عجب في انقلاب الناس على معتقداتهم وأفكارهم، أو فيمن يؤمنون بهم، منذ أن عاشوا على هذه الأرض، في لحظة لا يمكن لشخص أن يتوقعها. أخ بجوارك منذ طفولتك، يعرف تفاصيلًا لا تعرفها عن نفسك. يصدق أنك تخادعه وتؤذيه. ما زلتُ غير قادر على فهم ما حدث. هناك مشاعر مستعرة بداخلي، ولا أعرف من أين تنبثق الحسرة والندامة والحقد والغضب، وقد تكون هناك رغبة في الانتقام. نعم، أقصد ذلك حقًا. أخبرني، رجاءً، ماذا ستفعل إذا تم تحطيم الجدار الذي تعتقد