أحيانًا أشعر أن الدعوات للتحرر من الخوف صارت مجرد شعار يُباع على شكل "إيجابية" و"تحفيز" أكثر من كونها حلًا واقعيًا. الخوف ليس دائمًا وهماً أو ظلًّا داخليًا فقط، بل أحيانًا يكون عين العقل. الموظف الذي يخشى أن يخسر وظيفته إذا تكلم، ليس ضحية "وهم"، بل يقرأ الواقع كما هو: مدير متسلط، بيئة عمل لا ترحم. الشاب الذي لا يتقدم للوظيفة، ربما لا يخاف فقط، بل يعرف أن مجتمعنا يطلب عشرات الشروط التعجيزية. الخوف في جزء منه غريزة بقاء، وليس ضعفًا.
1
هذا موضوع مهم وظاهرة خطيرة تستحق الوقوف عندها. قد تبدو حفلات الطلاق عند البعض نوعًا من المكابرة أو محاولة لإرسال رسالة للطرف الآخر بأن الحياة بدونه أجمل. لكن حين نفكر قليلًا في المشهد من زاوية أوسع، نجد أن الخاسر الأكبر هم الأطفال. تصوّر طفلًا يرى والدته تحتفل بانفصالها عن والده بالضحك والرقص، كيف سيفهم قيمة الأسرة؟ كيف سيستوعب فكرة أن الزواج مسؤولية وأن الطلاق حدث مؤلم يستحق التروي؟ هذا المشهد يزرع في نفسه ارتباكًا كبيرًا، وقد يجعله يفقد ثقته بالبيت
فعلاً، الحابل اختلط بالنابل وأصبح من الصعب التفريق بين المؤسسات الصادقة وتلك التي تركب موجة العمل الخيري للانتفاع. المشكلة اليوم أكبر مع دخول خط التواصل الاجتماعي، فالحملات تُطلق بضغطة زر، والدفع صار أسهل من أي وقت مضى. وهذا فتح باب الخير بشكل واسع، لكنه أيضًا فتح باب الاستغلال. برأيي، الحل يكمن في وجود آليات واضحة للشفافية والمساءلة، سواء عبر تقارير مالية منشورة أو متابعة حكومية مستقلة، حتى لا يبقى المتبرع عالقًا بين نية الخير والخوف من الوقوع في فخ الفساد.
طرح مهم جدًا . أنا شخصيًا أواجه أمر مشابه في الكلية: عندنا مدرج كبير، لكن يُمنع علينا الجلوس في الصفين الأول والثاني بحجة أن هذه الأماكن يجب أن تكون مخصصة لثلاث زميلات فقط من بين عشرات الطلاب، على اعتبار أنهن الأولى بالرؤية الواضحة. ومن يعترض يُتهم بسوء النية أو يُقابل بالرد الشهير: اعتبرهن خواتك. المشكلة ليست في التقدير أو الاحترام، بالعكس، كلنا نؤمن بمكانة المرأة. لكن حين يتحول ذلك إلى تمييز عكسي أو تعطيل الآخرين، يصبح عبئًا بدل أن يكون
أتفق معك جدًا، وهذا ينطبق على المطبخ اليمني أيضًا. فمثلًا من اللحم وحده نُحضّر أطباق مختلفة كـ"المندي" و"الكبسة" و"الفحسة"، ولكل طبق نكهته الخاصة رغم أن المادة الأساسية واحدة. السر في التوابل وطرق الطهو التي تعطي لكل وجبة روحًا مختلفة. وهذا يبيّن أن الأكل التقليدي أوسع تنوعًا مما نتصور، على عكس الوجبات السريعة اليوم التي تكاد تكون مجرد تكرار بنفس المذاق وإن اختلفت الأسماء.
أكثر ما يوجع في هذه الحوادث أن الضحايا دائمًا أبرياء، نساء يطلبن الأمان في بيوتهن، فإذا بالمكان الذي يفترض أن يكون أكثر الأماكن حماية يتحوّل إلى ساحة خوف. لا شيء يبرر أن يعيش شخص صدمة كهذه، ولا يوجد ظرف مهما كان قاسيًا يسمح للرجل أن يحوّل عجزه أو وحدته إلى أداة أذى للآخرين. المشكلة هنا ليست في المجتمع ولا في المرأة ولا حتى في الظروف الاقتصادية. أصل الداء في الداخل: في رجل لم يتعلم أن مسؤولية رغباته تخصه وحده، وأنه
تجربتي الشخصية مع هذا الموضوع جعلتني أميل لتصديق ما ذكرتَه في نهاية النص. أذكر أنني حين عدت إلى الطبخات البسيطة التي كانت أمي وجدتي تعوداننا عليها – مثل السلتة أو حتى الخبز التقليدي – لاحظت فرقًا كبيرًا في طاقتي وصحتي مقارنة بفترات كنت أتناول فيها الوجبات السريعة بشكل شبه يومي. المدهش أن تلك الأكلات، رغم بساطتها وربما افتقارها للتنويع، إلا أنها كانت متوازنة بشكل لا نشعر به إلا بعد أن نجرب البدائل الحديثة. أظن أن السبب ليس طرفًا واحدًا فقط،
فكرة التواصل الفعّال تبدو منطقية جدًا، لكن التحدي أن الكثير من الأزواج لا يملكون القدرة على التعبير عن مشاعرهم بالوضوح المطلوب، أو قد يشعر أحد الطرفين أن المصارحة ستزيد الأمور سوءًا بدل أن تصلحها. لذلك يظل السؤال: هل المصارحة دائمًا حل؟ أم أن هناك مواقف يكون الصمت أو إعطاء مساحة للطرف الآخر أكثر فاعلية من الكلام المباشر؟
كلامك منطقي للغاية؛ فقد يُظن أن مشاركة الوجدان تعني أن نحمل أثقال الآخرين كاملة، فنغرق في همومهم ونفقد توازننا. لكن المشاركة لا تعني ذلك الذوبان المرهق، بل الوقوف بجوار من نحب بوعيٍ وحدود. هي أن نمنحه لحظة دفء في برد حزنه، وأن نرافقه في عبور خوفه، دون أن ننسى أن لنا طريقنا الخاص أيضًا. فالمشاركة ليست محوًا للذات، بل سندٌ متبادل يحفظ للطرفين طاقتهما، ويبقي شعلة الحب مضيئة من غير أن تحرق صاحبها.
أتفق معك أن هذا الانفتاح قد يكون محفوفًا بالمخاطر، إذ قد يُنهك النفس لكثرة التفكير بالآخرين، وربما يؤدي إلى التوتر ثم الإنهاك. لكن، ماذا لو كان شعور مشاركة الوجدان حاضرًا عند من تبادله هذا الشعور؟ أنا لا أقصد بالذوبان فقدان الهوية وما يميزك عن غيرك، بل أقصد ذوبان الهموم والطموحات في لحظة صدق مشتركة. فمشاركة الوجدان لا تعني أن نحمل الجبال عن غيرنا، بل أن نُذَكِّره أنه ليس وحيدًا وهو يحملها.