عندما تشعر أنك واثق تماماً من نفسك فاعلم أنك على موعد مع أبشع اخطائك

هذا يسمونه بعلم النفس تحيز الثقة المفرطة، Overconfidence Bias وهو مبالغة الفرد منا في تقدير قدراته بقدر أكبر بكثير مما هي عليه، كأن يقول الشخص أنا استشاري وهو بالحقيقة قد تخرج من الجامعة منذ ثلاث سنوات، ولكي نتغلب على هذا التحيز برأيي أول شيء هو الاستماع والانصات لكل من حولي حتى لو كان لدي يقين أنهم أقل مني علما أو معرفة، خاصة من هم نطاق عملك، والاعتياد على السماع لمن يخالفك أو يعارضك، هذا يجعل الفرد يرى ويفكر في نقاط لم يكن يتطرق لها ولا يضعها بالاعتبار عند التفكير مع نفسه، كذلك البحث والتمحيص حول الشيء وكأنه لا يعرف عنه شيء ويعطي أولوية لكل المعلومات هذا يجعله يرى كافة الجوانب عند اتخاذ القرار بدلا من رؤية جانبه الخاص فقط

من المهم أن نعي أن الثقة بالنفس لا تعني الجهل بالأخطاء أو الاستخفاف بالأمور الهامة. بل هي تلك الثقة التي تنبع من معرفة قدراتنا، لكن مع إدراك مستمر بأن هناك دائمًا مجالًا للتحسين. عندما نثق في أنفسنا، ينبغي أن نتذكر أن الفشل جزء من النمو، وليس نقيضًا للثقة. ومن هنا يأتي التواضع، وهو الاستعداد للاستماع للآخرين، والاعتراف بأخطائنا، والتعلم من تجاربنا.

برأي الأهم أن نطور مهارات التحليل الذاتي. بمعنى آخر، أن نكون قادرين على تقييم أنفسنا بشكل دوري، والسؤال المطروح لأنفسنا "هل هناك شيء يمكنني تحسينه؟" أو "هل هناك شيء فاتني؟". هذا النوع من التحليل يساعد على إبقاء الثقة في مستوى صحي ويمنع الانغماس في الكبرياء.

عندما تتجاوز ثقة الفرد بنفسه حدودا قصوى، يغفل عن حقيقة أنه إنسان يطبعه النقصان في الأفعال والأقول، ويعمى عن تتبع ومراقبة وإعادة تقييم مساره من حين لآخر، إيمانا منه أنه دائما على صواب، وأنه بلغ من الكمال مبلغا، وهذا ما يجعله على موعد مع ارتكاب أفدح خطإ.

فما مدى اتفاقكم مع فكرة أن الأخطاء البشعة تحدث عندما نكون واثقين بأنفسنا بقدر كبير ؟

لا أتفق مع هذه الفكرة تماماً، لأن الثقة بالنفس عندما تكون مدعومة بالوعي والإدراك الصحيح لحدود قدراتنا، يمكن أن تساهم في تجنب الأخطاء وتقوية القدرة على اتخاذ القرارات، كما أن الشخص الواثق من نفسه يمكن أن يكون أكثر قدرة على التعامل مع التحديات وتجاوز العقبات، خاصة إذا كان يعترف بأخطائه ويتعلم منها، الثقة بالنفس ليست مرتبطة بالغرور، بل هي شعور بالقدرة على تحقيق الأهداف والتقدم، وهي ضرورية للنجاح الشخصي والمستمر.

لا أعلم إن كان هذا الأمر لدي انا فقط ام لا، لكن دائما ما أشعر كأن هناك مناد بداخلي يحاول أن يكبح جماح ثقتي بنفسي. فكلما ازدادت ثقتي بنفسي فوق الحد أجد شيئا بداخلي يقول لي أن اتواضع قليلا وانني هكذا سأتكبد خسائر فادحة. لا استمع لهذا الصوت دائما واحيانا اتجاهله عمدا، ولكن كلما تجاهلته تيقنت أكثر من أنه على حق وأن ثقتي الزائدة بنفسي هي عدوي الأول والأكبر

موازنة الثقة بالنفس مع التواضع هي مهارة حيوية تحتاج إلى وعي دائم وتفكير نقدي. من المهم أن ندرك أن الثقة بالنفس ليست مجرد شعور بالقدرة، بل هي أيضًا نتيجة لتجاربنا ومعرفتنا، حيث يجب أن تكون مبنية على أسس قوية من الفهم والتعلم المستمر. يمكننا أن نبدأ بتقييم إنجازاتنا بشكل موضوعي، مع الأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة من الأخطاء السابقة، مما يعزز ثقتنا دون أن نقع في فخ الغرور. من الضروري أيضًا أن نحيط أنفسنا بأشخاص يقدمون لنا ملاحظات صادقة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، لأن هذا يساعدنا على رؤية الأمور من زوايا مختلفة ويعزز قدرتنا على التعلم. علاوة على ذلك، يمكننا ممارسة التواضع من خلال استكشاف مجالات جديدة، والسعي لفهم وجهات نظر الآخرين، مما يفتح أمامنا أفقًا أوسع ويقلل من فرص الوقوع في الأخطاء الناجمة عن الثقة الزائدة. في النهاية، التوازن بين الثقة بالنفس والتواضع يتطلب منا أن نكون مرنين وواعين، وأن نكون مستعدين دائمًا للتكيف مع المواقف الجديدة والتعلم من تجاربنا، مما يعزز قدرتنا على النجاح في مختلف جوانب الحياة.

الثقة بالنفس تعتبر من أهم الصفات التي يمكن أن تقودنا إلى النجاح وتحقيق الإنجازات. ومع ذلك، فإن هذه الثقة إذا لم تُوجه بحذر وتوازن يمكن أن تتحول إلى مصدر للمشاكل، بل وقد تدمر الشخص الذي يمتلكها إذا تجاوزت حدودها. لذا، فإن الموازنة بين الثقة والتواضع أمر ضروري للحفاظ على النجاح المستدام وتجنب الوقوع في الأخطاء الكبيرة.

كيف نوازن بين الثقة بالنفس والتواضع؟

• الاعتراف بمحدودية المعرفة: من المهم أن ندرك أنه لا يوجد أحد يمتلك كل الإجابات. فالثقة الحقيقية ليست في معرفة كل شيء، بل في القدرة على التعلم من التجارب والخبرات. التواضع هنا يعني الاعتراف بأننا نحتاج دائماً لتعلم أشياء جديدة، سواء كان ذلك من أشخاص آخرين، أو من التجارب، أو حتى من الفشل. قائد المشروع الذي يدرك أنه قد يخطئ يكون أكثر استعداداً للتعلم من أخطائه وتحسين أدائه.

• التفريق بين الثقة والغرور: الغرور هو الاعتقاد بأن الشخص لا يمكن أن يخطئ أو أنه دائمًا على صواب. بينما الثقة الحقيقية تعني الإدراك بأننا قادرون على الإنجاز ولكننا لا نخلو من الأخطاء. الشخص الواثق والمتواضع يعرف كيف يتقبل النقد ويستفيد منه، بينما الشخص المغرور يرفض النقد ويعتبره هجومًا شخصيًا.

• التقييم المستمر للأداء: الحفاظ على الثقة الصحية يتطلب تقييم مستمر للأداء والإنجازات. سواء كنت تعمل على مشروع تجاري أو في حياتك الشخصية، من المهم أن تتوقف بين الحين والآخر لتقييم ما إذا كانت قراراتك تحقق النتائج المرجوة أم لا. التواضع يساعدك على النظر بموضوعية إلى ما قمت به، بينما الثقة تساعدك على التحرك قدماً.

• طلب المشورة والنصائح من الآخرين: الشخص الذي يمتلك ثقة صحية بالنفس لا يخشى طلب النصيحة من الآخرين. سواء كان ذلك من زملاء العمل أو من خبراء في مجال معين، طلب المساعدة يعتبر علامة على التواضع. الشخص الذي يعتقد أنه يعرف كل شيء هو الذي يرفض المشورة، وهذا قد يؤدي إلى أخطاء كبيرة. في حين أن التواضع يتيح لنا فرصة الاستفادة من تجارب الآخرين وخبراتهم.

• التعامل مع الفشل كجزء من العملية: الفشل هو جزء طبيعي من أي رحلة نحو النجاح. الشخص الذي يمتلك ثقة مفرطة قد ينكر الفشل أو يرفض الاعتراف به، مما يعيق عملية التعلم. بينما الشخص الذي يمزج بين الثقة والتواضع ينظر إلى الفشل كفرصة للتعلم وتحسين الذات. الاعتراف بالأخطاء وتحليلها يساعد على تفاديها في المستقبل.

• الاحتفاظ بنظرة متوازنة: يجب أن يكون الشخص متوازنًا بين الثقة والتواضع حتى في التعامل مع النجاحات. النجاح لا يعني أنك أصبحت منيعًا للأخطاء، بل قد تكون النجاحات أحيانًا مصيدة للشعور بالغرور. من هنا، يجب أن يحتفظ الشخص بنظرة متوازنة تجاه نفسه وإنجازاته، فلا يتجاهل النجاحات ولا يبالغ في تقييمها.

• الاستماع الفعّال: من أحد أهم مظاهر التواضع هو القدرة على الاستماع للآخرين وتقدير آرائهم. عندما يستمع الشخص بصدق واهتمام للآخرين، فإنه يعترف ضمنياً بأنه لا يمتلك جميع الإجابات، وأنه مستعد للتعلم من الآخرين. هذا لا يعني التقليل من قيمتك، بل يعزز من قدرتك على التفاعل بفعالية مع من حولك.

• التعلم من المنافسين والأعداء: الثقة بالنفس تمكنك من المنافسة وتحقيق الإنجازات، ولكن التواضع يمكن أن يجعلك تتعلم من المنافسين وحتى من الذين تختلف معهم. القائد الذي يعتقد أنه لا يحتاج إلى النظر فيما يفعله منافسوه قد يفاجأ في النهاية بخسارته للمنافسة بسبب تجاهله لتلك الفرص التعلمية.

• القدرة على الاعتراف بالأخطاء والاعتذار: الشخص الواثق والمتواضع لا يرى مشكلة في الاعتراف بأخطائه عندما تحدث. القدرة على الاعتراف بالخطأ والاعتذار عند الضرورة تعكس مستوى نضج الشخص، وتظهر أنه يدرك أن الأخطاء جزء طبيعي من عملية التعلم.

• التركيز على الهدف وليس على الذات: عندما يكون التركيز على الهدف الرئيسي وليس على تعزيز الصورة الذاتية، يصبح الشخص أقل عرضة للوقوع في فخ الثقة الزائدة. الهدف هنا هو تحقيق النجاح والإنجاز وليس إثبات أنك الأفضل. هذا يساعد على تطوير توازن صحي بين الثقة والتواضع.

تلخيص:

الموازنة بين الثقة بالنفس والتواضع أمر حاسم للحفاظ على النجاح وتجنب الأخطاء الكبيرة. الثقة تدفعنا للتحرك والإنجاز، بينما التواضع يساعدنا على التعلم وتجنب الأخطاء. القائد الناجح هو من يمتلك الثقة بقدراته ولكنه أيضًا يعرف حدود معرفته ويكون على استعداد دائم للتعلم من الآخرين.

في مدونتي "رواد الأعمال" اتطرق لمواضيع تطوير الذات والتنمية البشرية أهملتها ورغم ذلك انقل منها معظم الإجابات هنا في التعليقات .. رابط المدونة في البايو.

سنجد أن قائد المشروع قد يغامر بمشروع جديد وفقا لخبرته ويتجاهل أشياء مهمة مثل دراسة السوق

هذه من اوضح الأمثلة على اختلاط الغرور بالثقة بالنفس، فالثقة وحتى إن كانت زائدة، ليس من المفترض أن تعيقك عن تطبيق آليات عملك بالطريقة الصحيحة، وإلا هنا نحن نتكلم عن غرور خام وترفع عن العمل بشكل مماثل للآخرين، وهذا معياري الأهم للموازنة، أنني في حالة ثقتي بنفسي أكون مؤمنًا أنني سأفعل المهمة على أكمل وجه، وربما أفضل من الآخرين، ولكني غير مستعد لتخطي خطوات أساسية لأنني الأفضل.

ككل الصفات الإنسانية يكون على الفرد المتميز أو الساعي للتميز مراعاة حدي الفضيلة الواحدة: كالثقة والغرور..

وكذلك مراعاة الصفة المتممة في نفس الوقت وهي في حالة الثقة يكون الحذر مطلوب.

عملية التوازن هذه ليست سهلة، لكن هي الحد الفاصل بين الجانب الإيجابي والسلبي للصفات الإنسانية.

أحسنت طرح الموضوع أخي

ربما المعادلة الواضحة والتي اراها في التعليقات هي:

احتقار النفس < الثقة بالنفس < الاغترار بالنفس.

أين التواضع هنا؟ أقول.. التواضع أن تكون على علم ومعرفة وإيمان بقدراتك لكنك لا تتحدث عنها أو تتباهى بها، ولا تتقدم الصفوف إلا للضرورة والحاجة.

ومن هنا نفهم ان التواضع يمكن أن يكون بنفس مكان الثقة بالنفس في المعادلة جزئيا لكن ليس دائما، لأنه أحيانا الواثق بنفسه قد لا يتواضع.. وقد يتباهى ويتقدم الصفوف لكن عن علم ومعرفة حقيقية بإمكانياته دون إفراط أو إغترار..أي أن له حدا معينا يتوقف فيه ويتقبل أنه ليس أهلا له.

وبالتالي:

لذا كيف يمكننا أن نوازن بين الثقة بالنفس التي تحفزنا على الإنجاز، والتواضع الذي يجعلنا مستعدين للتعلم وتجنب الأخطاء الكبيرة؟

الثقة التي تقصدها هنا قد تكون مثل دائرة تتقاطع مع دائرة التواضع في جزء كبير مشترك بينهما لكن الثقة لها خاصية التصريح بالامكانيات دون حاجة او ضرورة بعكس التواضع. مبدئيا كلاهما سليم طالما أنت بعيد عن حواف المعادلة (الاحتقار والاغترار)

و الموازنة برأيي الشخصي والله أعلم متعلقة بطبيعة العمل أو البيئة، هناك بيئة تجبرك على التصريح ببعض قدراتك ومدحها حين تكون هناك منافسة مثل العروض التي نقدمها في مستقل مثلا.. أو حين يتم احتقارك بطريقة ما أو التلميح لعدم كفائتك فتبرز مميزاتك بثقة ومجاهرة لكن دون الخروج عن الحقيقة والوصول للاغترار.. أما في الحالات العامة التي قد لا يؤثر فيها تواضعك على شيء فهنا أفضل عدم التسرع والتقدم حتى لو كنت على دراية بقدرتك.. من تواضع لله رفعه.

بكيت حتى سمع عوائي النساء و الرجال

اتفق معكم، لا يُصاب إلا من إدعى العلم و نعلم حق العلم من وحده يعلم

الثقه بالنفس اجده لحد ما مرض ، و مرضت بذاك الداء يوماً ما نحن إلا بشر و لكن مع الوقت تعلمت كيف أثق بالخالق وحده بدون الحاجه لدليل أو مبرر لما يحدث

فقط إتباع الأسباب و ترك النتائج له وحده

و فضلا لله عز و جل وحده وجدت الطريق بعد عناء