الوقت ليس مجرد ساعات تُقاس، بل هو عُمر يتسرّب من بين أيدينا دون رجعة. ومن هنا تأتي قدسية الموعد؛ فهو وعد صغير، لكنه في الحقيقة ميزان لصدق المرء واحترامه لنفسه ولغيره.

كم هو مُرهق أن يقف الإنسان منتظراً موعوداً لم يأتِ! يبدأ الوقت يمشي ثقيلاً، والثواني تصبح كالجمر. وما يزيد الانتظار مرارة، أن يتجاهل صاحب الموعد اتصالاتك، أو يختبئ خلف أعذار واهية، كمن يحاول ستر الشمس بغربال. عندها لا يكون الأمر مجرد تأخير، بل يصبح جرحاً في المصداقية، وكسراً في الثقة.

الإخلاف بالمواعيد عادة قبيحة، تُنقِص من قيمة صاحبها أمام الناس. فالشخص الذي لا يقدّر وقت غيره، إنما يستخف بكرامة الآخرين. والناس لا تنسى؛ فهي تحفظ جيداً من صدق في وعده ومن سار على خُطى "عرقوب" الذي صار مضرباً للمثل في الكذب والإخلاف، حتى بات يُقال عن كل وعد كاذب: "وعد عرقوبي".

إن احترام المواعيد ليس مسألة شكلية ولا عادة اجتماعية عابرة، بل هو مرآة الأخلاق وميزان الالتزام. فالاعتذار عند العجز، أو إبلاغ الآخر عند التأخر، يكفي ليحفظ الودّ ويُبقي الثقة. أما الصمت والتهرّب، فهما ما يجعل الانتظار طعماً مُراً، ويحوّل اللقاء المرتقب إلى خيبة ثقيلة.

فلنجعل من احترام الموعد عنواناً لصدقنا، ولنُدرك أن وعداً صغيراً قد يُبنى عليه الكثير. فكما يُقال:

من استهان بالموعد، استهان بالإنسان.

فهل مررتم بتجربة انتظار بشعة جعلت الوقت ثقيلاً لا ينتهي؟ وكيف كان شعوركم حينها؟