نهي عبدالعظيم

7 نقاط السمعة
112 مشاهدات المحتوى
عضو منذ
في مرة قال لي مؤلف ان كل عابر في حياته هو مشروع بطل لرواية قادمة. لكن الكاتب الحقيقي لا ينقل الواقع حرفياً بل يأخذ الفكرة الإنسانية. ​لو انتظر يوسف إدريس مثلا إذن الطفلة أو انتظر دوستويفسكي إذن المساجين، لفقدنا أعظم الأعمال الإنسانية. ​ الفيصل هنا هو 'الهدف'؛ فهل يكتب المبدع ليفضح الشخص أم ليوثق الشعور؟ لانه بالطبع لا يملك الكاتب سلطة مطلقة والا لما سمعنا عن مئات قضايا التشهير.
اظن انه حال المبدعين كلهم، فالمبدع لا يكتب من فراغ، بل من ذاكرة بصرية وحسية تشكلت في طفولته. ولعلنا نجد هذا جلياً عند أيمن العتوم؛ فبيئته وقراءاته العميقة في التراث واللغة، وتجربته الشخصية القاسية، حولت 'المكان' في رواياته (سواء كان سجناً أو قرية) إلى بطل حقيقي يتنفس ويؤثر في مسار الأحداث. واظن انه من الصعب أن يتحرر الكاتب تماماً من أثر نشأته الأولى ويكتب عن عالم لا يشبهه،
قائمة المفضلة لديّ طويلة ومزدحمة، لكن يظل لـ أيمن العتوم وأحمد خالد توفيق مكانة استثنائية لا ينازعهما فيها أحد، ربما لأن كلاً منهما يمثل زاوية مختلفة تماماً في علاقتي بالقراءة. ​أيمن العتوم في نظري ليس مجرد روائي، بل هو 'شاعر الرواية'؛ لديه قدرة مدهشة على تحويل الألم والمعاناة الإنسانية إلى نص أدبي، تجعل القارئ يتألم ويستمتع باللغة في آن واحد. أما العراب أحمد خالد توفيق، فقيمته تتجاوز مجرد الحكايات؛ هو الصديق الذي علمنا كيف نقرأ، وكيف نفكر بمنطق وعقلانية حتى
المشهد بدأ يتغير في السنوات الأخيرة. نجد أن أسماء مثل ريم بسيوني استطاعت أن تعيد للرواية التاريخية بريقها، ونور عبد المجيد التي تغوص في المسكوت عنه اجتماعياً بنعومة بالغة، فضلاً عن الانتشار الجماهيري لـ أثير عبد الله النشمي وخولة حمدي مثلا. ​لم يصلوا بالضرورة إلى مستوى ما حققه نجيب محفوظ، ليس لنقص في موهبة النساء، بل لأن ما صنعه محفوظ كان طفرة غير مسبوقة في زمنه، أسست لمفهوم 'الرواية العربية' بحد ذاته. ​أظن أن العائق هو تصنيف كتابات المرأة على
رواية 'سفينة نوح'، وجدتُ نفسي في متاهة حقيقية؛ تداخل الشخصيات وكثرة الأسماء جعلتني أشعر بنوع من 'التشتت الذهني' الذي يكسر متعة الحكاية، وكأن الكاتب يختبر قدرتنا على التركيز لا على الاستمتاع. و رواية 'ربع جرام'، فكان التحدي مختلفاً تماماً؛ الانغماس في لغة 'عالم المخدرات' ومصطلحاته المكثفة جعلني أشعر بضيق واغتراب عن النص، فبدلاً من أن تأخذني الرواية لعالمها، شعرتُ أن اللغة أصبحت جداراً فاصلاً. ​أراه شعور طبيعي فليس كل ما يُكتب يناسب ذوقنا في كل وقت، وربما بعض الكتب تنتظر
نعم أننا نتألم مرتين: مرة لفقد الشخص، ومرة لأن صورتنا عن أنفسنا تهتز. ​يبدو أن الوجع الحقيقي اليوم لا يأتي من الحب ذاته، بل من تلك 'الخيارات اللانهائية' التي تجعل كل طرف يشعر بأنه قابل للاستبدال في أي لحظة. هذا القلق الدائم من 'البحث عن الأفضل' جعلنا نفقد القدرة على الصبر على عيوب الآخر، وكأننا نبحث عن 'منتج مثالي' لا عن إنسان نشاركه الحياة بضعفها وقوتها. أظن أن العودة للحب 'الرحيم' الذي تتمنينه، تتطلب منا شجاعة التخلي عن عقلية السوق،
غير ان تشيخوف بارع اصلا في تصوير تلك الشخصيات التي لا تستطيع أن تجد تعريفاً ، لكن تساؤلك بالطبع في محله. ​للأسف ما زلنا نحصر دور الأرملة في 'التضحية'، وكأن أمومتها أو وفاءها للماضي يتناقض مع رغباتها. في المقابل، نُعفي الرجل من هذا الاختبار بحجة 'الواقعية' المزيفة بالطبع. يبدو أن السبب هو رغبة المجتمع في تأمين استقرار الأبناء عاطفياً على حساب الأم، فبقاؤها وحيدة يضمن لهم اهتماماً كاملاً بينما لا يمانع المجتمع وجود 'زوجة أب' لأن المهم لديه هو استقرار
حقيقة أظن أن هذا الملل هو بسبب التعود على السرعة التي فرضتها علينا الحياة الرقمية؛ فننجذب للروايات التجارية تماماً كالوجبات السريعة. بينما الكلاسيكيات أو الكتب المعرفية تتطلب منا التمهل والصبر، وهي مهارة بدأنا نفقدها تدريجياً للأسف ​الغريب ان صعوبة الكتاب اصبحت بلاشك عيباً فيه، بينما قد تكون هي ميزته الأكبر؛ لأنها تجبرنا على التفكير بعمق مثلا. ربما الحل هو تغيير نظرتنا للقراءة نفسها؛ فليس الهدف دائماً هو 'الوصول للنهاية'، بل الاستمتاع بالرحلة الذهنية حتى لو كانت شاقة.
انه صراع كل محبي الكتب؛ لان علاقتي مع الكتاب تبدأ أحياناً قبل قراءته، أتفق معك طبعا في أن تحول المكتبة إلى 'ديكور' صامت هو نوع من أنواع هدر المعرفة. ​ما يحزنني فعلاً تلك المكتبات العظيمة التي نراها تباع على الأرصفة بعد رحيل أصحابها؛ وكأن جزءاً من هوية الشخص يُعرض للبيع بثمن قليل. ربما الحل الذي طرحه 'أيمن العتوم' هو الأرقى، لأنه يضمن للكتب عمراً ثانياً، بالاضافة لدعمي الدائم المؤسسات التي تقوم باستبدال الكتب او اعارتها بمبالغ زهيدة لكن للاسف انها
هذا الكتاب قام بتتفكيك فكرة 'وهم المتابعة نحن نظن أن معرفة كل ما يحدث في العالم يجعلنا أكثر وعياً، بينما الحقيقة بالفعل أن هذا الانغماس يسحبنا من واقعنا ويجعلنا متفرجين استطاع المؤلف أن يعيد تعريف 'الزمن' في أذهاننا؛ استوقفني أن العمر ليس ما نعيشه، بل هو ما 'ننجزه' بعيداً عن ضجيج المنصات. على أرض الواقع لقد قللت متابعة وسائل التواصل بعد قرائتي لهذا الكتاب.
بالطبع أن الرواية حين تمتلك قضية حقيقية، تتحول من مجرد 'تسلية' إلى وثيقة إنسانية عابرة للزمن. يدهشني فعلا كيف يمكن لنص أدبي أن يفعل ما لا تفعله الخطابات السياسية؛ فهو يتسلل إلى وجدان القارئ ويجعله يتبنى القضية وكأنها جرحه الشخصي. أظن أن هذا هو الاختبار الحقيقي لقيمة الرواية فعلا.
هذا الانقسام في الآراء اللانهائي، يذكرني دائماً بمن يسأل: هل لـ 'الفن' فائدة؟ في الحقيقة، أجد أن الكتب العلمية تمنحنا 'المعلومة'، لكن الرواية تمنحنا 'التجربة'. مثلا حين أقرأ كتاباً في علم النفس، أفهم نظريات التعاطف، لكن حين أقرأ رواية متقنة، أنا 'أتعاطف' فعلياً وأعيش حياة أشخاص لم ألتقِ بهم قط. ​أظن أن حصر الفائدة في 'المعرفة العملية' فقط يجعل الحياة جافة جداً؛ فالرواية هي المكان الذي نجرب فيه مشاعرنا وقراراتنا .
نعم اختيار في مكانه تحديدا هذه الرواية رغم تصنيفها لليافعين، إلا أنها تضعنا أمام مغامرة حقيقية ابسطها صراع الشخصية مع مخاوفها القديمة. أظن أن الروايات التي تعيش طويلاً هي التي تجعلنا نفكر ونحن نقلب صفحاتها مثلا لو كنا مكانه، هل كنا سنمتلك تلك الشجاعة.
نعم هذا ما اعلمه جيدا عن كتابات 'فريد الأنصاري'؛ فهو يمزج بين التوثيق التاريخي والنفَس الروحاني بشكل يجعل القارئ في حيرة فعلاً. لكنني أظن أن يربطها بأعمال 'أحمد عبد المجيد' رغم اختلاف الأسلوب كثيرا، المحاولة لتقديم 'رواية فكرية' تهدف لتهذيب النفس لا لمجرد الحكي.
المشكلة في تحويل الروايات الناجحة مثل 'هيبتا' إلى أفلام هي أننا كقراء نذهب للسينما وفي مخيلتنا 'نسختنا الخاصة' التي رسمناها للأبطال والأماكن، وغالباً ما نصطدم برؤية المخرج التي قد لا تشبهنا. اذكر جيدا صدمتي عند مشاهدته وأن من لم يقرأ الرواية اعجب بالفيلم جدا ! مع الوقت وتكرار الامر فكرت ربما السينما لا تحاول أصلاً نقل الرواية، بل تحاول صنع عمل مستوحي من الرواية. لذلك ينجح المسلسل أحياناً لأنه يعطينا وقتاً لنعيش مع الشخصية مثل حديث الصباح والمساء مثلا. بينما
أتفق معك الكثير من روايات المغامرة المعاصرة أصبحت تشبه 'أفلام الأكشن'؛ استهلاك سريع، إثارة لحظية، ثم فراغ بعد إغلاق الكتاب. لدرجة اني ظننت ان المشكلة في ادب المغامرة نفسه. لكن ​لو نظرنا مثلا للأعمال الكلاسيكية مثل 'موبي ديك' أو 'الشيخ والبحر'، سنجد أنها قصص مغامرات ، لكن اظن انها بقيت لأن المغامرة الخارجية داخلها مغامرة أعمق في نفس البطل. ​ربما المشكلة في النماذج الحديثة مثل 'أرض زيكولا' وأخواتها أنها تركز على المغامرة أكثر من تركيزها على الإنسان. كاتب المغامرة الحقيقي
تذكرتُ مقولة قرأتها يوماً مفادها أننا حين نعجب بزهرة برية نقطفها (لنمتلكها) فتموت، بينما لو أحببناها حقاً لسقيناها وتركناها في جذورها. كثيرين يقعون في فخ الإعجاب بـ 'الاختلاف' في البداية، ويرونه بريقاً يجذبهم مثلما فعلت الجنية، لكن بمجرد أن يقتربوا، يتحول هذا الاختلاف إلى مصدر قلق، فيبدأون محاولات التغيير ليكون الشريك نسخة مريحة لهم. الغريب في الامر أننا نكره أحياناً نفس الخصلة التي جعلتنا نحب في المقام الأول؛ فالجنية أحبت إنسانية هذا الشخص، لكنها لو جردته منها، لما بقي الشخص
رواية عبد الرحمن مروان حمدان.. اتعجب كيف كانت هذه الروايات، رغم عناوينها التي تبدو قاسية ، قادرة على لمس شيء حقيقي داخلنا في تلك الفترة. كأنها كانت تمرن مشاعرنا على استيعاب تناقضات الحياة قبل أن نبدأ في القراءات الأكثر هدوءاً. أظن أن العودة لمثل هذه العناوين الآن تجعلنا ندرك كم تغيرت نظرتنا للأمور، فما كان يبهرنا حينها قد نراه اليوم بعين مختلفة تماماً، وكأننا فعلا لا نعيد قراءة الكتب، بل نعيد قراءة أنفسنا من خلالها
افهم جيدا تلك المراحل، تجربتك ذكرتني بقراءاتي لكتب بسيطة في صغري لابراهيم الفقي ، إن الرواية او الكتاب الأول يمكن ان يكون مجرد بداية لطيفة، بينما الرواية الأعمق أثرًا تأتي لاحقًا حين نكون أكثر استعدادًا للفهم والتلقي. كأن القراءة نفسها فعلا تنضج معنا، وربما لهذا تختلف الرواية التي نحبها عن الرواية التي تغيّرنا فعلًا، فلكلٍ منهما وقته ومكانه، مثل رواية عودة الفرسان هل هي تعد من الادب الصوفي مثل اعمل احمد عبد المجيد مثلا
بالفعل قرأتها مثل كافة أعمال أحمد مراد أخاذة جدا خاصة أنها في مجال دراستي، مثلك كانت قناعتي في البداية إن الروايات كسر لقاعدة أن القراءة مفيدة ، ثم اكتشف ببطء أن الرواية ليست نقيضًا للتعلم او الكتب بشكل عام كما نظن، بل قد تكون مدخلًا ناعمًا له. قصدي هنا ومع مرور سنوات وجدت أن الروايات تشحن خيالنا وحسّنا النقدي فعلاً، مثل القيمة من الحياة ليست في الرواية ذاتها، بل في التحول الذي أحدثته داخلي بشكل تراكمي مثل كاتبة بجمال نور