Fatma Nasar

أنا فاطمة نصَّار، متخصص مناهج ومدقق لغوي، لي خبرة تتجاوز 10سنوات في إعداد المناهج، وكتابة المحتوى التعليمي الإبداعي. أكتب؛ لأن الكلمة تُعلّم، وأناقش؛ لأن الحوار يُنضج الفكرة.

92 نقاط السمعة
2.16 ألف مشاهدات المحتوى
عضو منذ
أنا سأنتقل بالحوار من مساحة توقعات نوع الهدايا إلى مساحة الفهم(المعنى) من وجهة نظري أننا أغلب النساء نرى أن للهدية رسالة عاطفية تحمل معنى، بينما الكثير من الرجال يميلون لرؤيتها كشيء عملي ملموس يُستخدم ويستمر. كما أرى أن الهدية تُعيد ترتيب طريقة التواصل الطرفين حول التفاصيل الصغيرة التي تُحرّك العلاقات من الداخل (تهادوا تحابوا).
المثير للإ هتمام هنا ليس قرار نتفليكس نفسه بل ما يعكسه القرار من موجة أكبر كل منصة تريد أن تصبح عالما كاملا لا مجرد خدمة كأن الحدود القديمة سقطت وصرنا أمام بيئات ترفيهية تقدم كل شيء في وقت واحد حتى لو بدا هذا التوسع غير مكتمل أو غير منسجم في بدايته أظن أن الخطوة لا تنحصر في إضافة ألعاب فقط بل تعلن عن عصر جديد تتقاطع فيه الصناعات لدرجة يصبح فيها تعريف المنصة بحد ذاته سؤالا مفتوحا هل هي مكتبة؟
الجميل هنا أن المساحات التي تنعش الروح ليست دائما مكانا بقدر ما هي حالة نسمح بها لأنفسنا والأجمل أن كل شخص فينا يحمل بيت الغابة الخاص به منا يجده في الفن وآخرون يجدونه في القراءة أو في اليوجا في الضحك مع صديق أو في لحظة يتوقف فيها الزمن داخل رأسه بلا ضجيج فنحن لسنا بحاجة لطقوس خارقة لنستعيد أنفسنا بل فقط أن ننتبه لما يمنحنا هذا الهدوء ونسمح له أن يكون جزءا من يومنا لا حدثا نادرا.
فعلا لكن المشكلة الحقيقية تبدأ حين يظن البعض أن المرونة نفسها تتطلب التنازل عن شيء من المبادئ فيتحول التكيف إلى مجاملة مفرطة والمجاملة إلى تسييب داخلي يجعل الإنسان لا يعرف أين يقف أصلًا وقد يبدو أن المجتمع أحيانًا يكافئ هذا النوع من المرونة المزيفة ويعتبره ذكاء اجتماعيا بينما هو في الحقيقة استنزاف للهوية وطمس للثبات الداخلي والنتيجة شخص يتغيّر مع كل وجه يراه حتى يفقد وجهه هو
فعلاً، كأننا نعيش حالة إنكار جماعية. نعرف أن الصورة مضخمة، وأن المنتج لن يصنع معجزة ومع ذلك نسمح لأنفسنا بالتصديق. الغريب أيضا أن الإعلانات لم تعد تبيع منتجا،بل تبيع شعورًا سريعا لحظة تخيّل أننا سنصبح أفضل، أجمل، أهدى. وربما لهذا السبب يستمر الوهم في النجاح لأنه يلامس رغبات داخلية أكثر مما يلامس العقل.
الاستقالة هنا يمكن أن تُفهم بطريقتين في نفس الوقت. من جهة، تبدو كتصرف مسؤول وشجاع: شخص يتحمّل خطأ حدث تحت إدارته حتى لو لم يكن هو من فعله. هذا يعكس احترامًا للمهنة وللناس. ومن جهة أخرى، قد تكون خطوة ذكية لحماية المؤسسة قبل أن تكبر الأزمة أكثر. أحيانًا تقديم الاستقالة يُستخدم لتهدئة الموقف ولمنع الضرر من الانتشار.
كلامك واقعي جدا ، ولكن نحن ( المستهلكين) أصبحنا جزءًا من اللعبة. نحن نرى الصور المفلترة قبل الشراء ونعرف أن القصص مثالية أكثر من اللازم،ومع ذلك نسمح لأنفسنا بالوقوع نفس الوقعة كل مرة وكأننا نريد تصديق الخيال.وأنا أرى أن المشكلة ليست في الإعلانات بل في حاجتنا للتعلق بأي وعد سحري يريحنا من البحث عن حلول واقعية.
كلامك هذا يوضح مدى احتياج التعليم أن يتحرر من فكرة أن الطالب مجرد وعاء يملأ بالمناهج لأن الطالب الذي يُفهم مشاعره ويتعرف على نفسه مبكرا يكون له القدرة على التعلّم بصورة أعمق من أي كتاب. المشكلة هنا أن الأنظمة اللي تتمسك بالتلقين تفقد أهم لحظة في تكوين عقل الطالب وهي اللحظة اللي يكتشف فيها الطالب نفسه قبل أن يكتشف الدرس. هنا تبدأ الفجوة الحقيقية بين الدول التي تبني الإنسان والدول التي ما زالت تبني المناهج.
جميل توصيفك لأن رحلة التسليم أصلًا ما تنضج إلا لما يكون القلب متعب ويفهم إن الرفق والدعم مش ترف بل جسر يعيد الإنسان لنفسه. وفي هذا الوقت فقط يستطيع أن يعيش اللحظة الحلوة بدون خوف لأنه يعرف أن الخير ليس في طول الفرح أو قصره بل في القلب الذي يستطيع تلقي الفرح.
وبما إنه (رامي الصغير) لاحظ الفكرة متأخرا، فنتمنى الأ تؤثر عليه لاحقًا لأن الخوف من الفرح بيخطف منا لحظات ربنا كتبها لقلوبنا. وأكبر خسارة أننا نعيش نصف السعادة ونترك نصفها للحذر بدلا من أن نسلم ونسعد ونستقبل اللحظة بنقائها. وأتمنى أن يرزقنا الله جميعا السعادة والفرح دائما ويبعد عنا جميعا الهم والحزن.
كلامك حقيقي جدا؛ فالشخص المُثقل بالصدمات لا يمكنك أن تطلب منه غيّر طريقة نظرتك للفرح ، لأن ما يحمله أكبر من أي نصيحة. في تلك اللحظات، دورنا يكون الرفق والدعم لا إصدار الأحكام. ولكن حتي لحظات السعادة التي يرزقنا الله بيها، نترقّب فيها السعادة بدلا من أن نعيشها وكأن اللحظة الحلوة نفسها ليست كافية يمكن لو سلّمنا قلوبنا لله أكتر سنرتاح ونستمتع على الأقل باللحظات الحلوة في حياتنا.
واضح أنك تنظر إليها من زاوية صادقة جدًا، أحيانًا نعيش سلوكًا لسنوات دون أن نلتفت لمعناه العميق كأنه جزء تلقائي من ردود فعلنا اليومية. اللافت هنا أن هذا الخوف من الفرح يتوارث بصمت نراه في الآخرين فنقلده دون أن نسأل: لماذا نتعامل مع اللحظات الجميلة بحذر؟
فعلا، كأننا نتعامل مع الفرح وكأنه دين علينا للحياة، يجب أن ندفع مقابله حزنًا لاحقًا وهذه الفكرة بحد ذاتها تُتعب الإنسان أكثر من الصدمات نفسها فهل المشكلة في التجارب التي مررنا بها أم في الطريقة التي تعلمنا بها تفسير كل لحظة جميلة كأنها فاصل بين مشكلتين؟ لأن تغيير هذا التفسير وحده قد يعيد تشكيل علاقتنا بالكامل مع الفرح والحزن معًا.
صحيح ما تقولينه فالتغيير الحقيقي يبدأ عندما تتحرك الأسرة والمدرسة معًا لا كل طرف بمفرده. وهذا بالضبط ما لفت نظري أن بعض الأسر بدأت فعلًا تهتم بمهارات أطفالها المستقبلية، لكن ما زال الجانب العاطفي والاجتماعي خارج الحسابات لدى الكثيرين. وكأنهم يُحضرون أبناءهم لسوق العمل لا للحياة نفسها. وأري أن اللحظة التي يدرك فيها الأهل والإدارات أن الصحة النفسية ليست طرفًا بل جزءًا من التربية الأساسية ستبدأ عندها أول شرارة تغيير حقيقي، ينعكس على ثقافة جيل كامل، لا على مدرسة واحدة
كلامك حقيقي جدا، فنحن نطالب الطلاب بأن يكونوا أقوياء نفسيًا… بينما المدرسة نفسها غير مهيأة لصناعة هذا النوع من القوة. والمشكلة ليست في المناهج فقط بل في العقلية التي تدير التعليم. وقبل أن نعلم الطفل مهارات الحياة يجب أن نمنح المعلم نفسه هذه الأدوات ونحول المدرسة من مكان للحفظ والدرجات إلى بيئة تربي وتدعم وتفهم. وبصراحة أي تغيير حقيقي لن يبدأ من الطلاب، بل من طريقة إعداد المعلم ورؤية المدرسة لدورها أصلًا.
تجربتك هذه تطرح سؤالًا أعمق إذا كان الوعي يحرّر الفرد من خوفه: فهل يمكن للمجتمع كله أن يتحرر بالطريقة نفسها؟ تجربتك تكشف أن المشكلة ليست فردية بل ثقافة كاملة تربت على الحذر بدل الاطمئنان وعلى توقع الألم بدل السماح للفرح بأن يكون فرحًا فقط. وهذه التجربة بمثابة مرآة كثيرون يمرون بنفس الرحلة لكنهم لا يذكرونها. ولحظة الفهم والوعي التي وصلْتِ إليها قد تكون النقطة التي يبدأ منها التغيير الحقيقي ليس لكِ فقط بل لأي شخص يكتشف أن مخاوفه ليست قدرًا
يبدو أن تجربتكِ تكشف نفس الحقيقة التي نتجاهلها منذ سنوات مدارسنا تخرّج طلابًا ناجحين في الدروس لكنهم يخرجون للحياة بفراغ عاطفي واجتماعي كبير. ومجرد أن معلمة تركت المهنة لأن ضميرها لم يتحمّل هذا النظام وهذا وحده مؤشر على حجم المشكلة. ولابد أن نعترف الآن بأن الذكاء العاطفي ليس رفاهية وأن التعليم الحالي يصنع معرفة لكنه لا يصنع قدرة على الحياة.
بصراحة ردك شرح صدري، ما قلته يوضح أن العبارة نفسها ليست المشكلة بل الروح التي تُقال بها. هناك من يقولها بارتجاف وكأن الفرح عبء يحتاج إذنًا وهناك من يقولها كما قلت أنت بثقة الواقف على أرض ثابتة موقن أن الخير بين يدي الله، وأن التوكل لا يعني الهلع بل الاطمئنان. جميل أن نيعيد لهذه العبارة معناها الحقيقي:فمعناها ليس الحذر من الفرح بل الثقة بأن ما يأتي من الله خير .
كلامك أعجبني وأضاف عمقا للفكرة: أنتِ لم تخافي من الفرح لأنه مخيف بل لأنكِ تربيت في بيئة زرعت داخلك أن السعادة يتبعها عقاب وأن الحب يجب أن يعاش بحذر وأن الله يُخشى أكثر مما يُحب وهذا خلق لكِ نظرة مشوشة للحياة حرمتك من الاستمتاع بلحظات كثيرة. الجميل هنا أنك استعدتي وعيك بأن هذا الخوف ليس منك بل من أساليب تربية خاطئة. ومتى عرف الإنسان أصل خوفه يبدأ طريق التحرر منه. قصتك توضح أن الفرح ليس فخًا وأننا نستطيع إعادة تربية
فكرتك عن الخيار الثالث تكشف حاجة مختلفة تمامًا عن نقاش الكمبوند والحي المفتوح. تشير إلى الهروب من الضجيج أصلًا. كوخ في جزيرة أو قرية نائية هو نوع من الحياة لا يختاره إلا من يرى أن روحه تهدأ أكثر مع الطبيعة لا مع البشر. لأنه مكان لا يحملك ضغط الاختيارات اليومية ولا يطالبك بالتفاعل أو الاندماج بل يتركك مع ذاتك فقط. وهذا يؤكد أن السكن في النهاية ليس جدرانًا ولا خدمات بل هو ما يجعل الإنسان يشعر أنه في مكان يشبهه.
كلام جميل ، ولكن هذا ليس تقليلًا من قيمة الآخرين، بل تنظيم للدوائر: دائرة عامة نتعامل فيها باحترام مع كل البشر. ودائرة خاصة لا يدخلها إلا من نثق أنه لن يؤثر على قيمنا سلبًا أو يجرّنا لمكان لا يناسبنا. الفكرة ليست في الجلوس بل في دلالة الجلوس، وما يترتب عليه اجتماعيًا وأخلاقيًا وهذا ما يجعل التصرف ليس كِبرًا بل تمييزًا صحّيًا يحافظ على اتساق الإنسان مع قيمه دون أن ينتقص من احترامه للآخرين.
لو وضعت نفسي داخل هذا الاختيار فسأميل -بشكل شخصي - إلى الحي المفتوح ليس لأنه الأفضل للجميع بل لأنه يمنحني ذلك النوع من الحياة الذي يشعر فيه الإنسان أنه جزء من نسيج حي: أصوات الصباح البقال القديم الذي يعرف اسمي الوجوه التي أراها كل يوم حتى لو لم أتحدث معه هذه التفاصيل تصنع إحساسًا عميقًا بالانتماء لا توفره البيئات المغلقة مهما كانت جميلة ومنظمة. لكن، أعترف أيضًا أن الكمبوند يناسب مراحل معينة عندما يكون الإنسان بحاجة للهدوء أو الخصوصية أو
فعلا كلامك صحيح، فتركيز المدارس على الدرجات أصبح واقعًا نراه كل يوم. ولو ظل المنهج كما هو وبقيت البيئة التعليمية مليئة بالضغط والتقييم المستمر فلن يكون لدرس عن المشاعر أي تأثير حقيقي. الأثر يظهر عندما تصبح لغة التعامل اليومية أكثر إنسانية، وعندما يشعر الطالب أن مشاعره ليست عبئًا بل جزءًا طبيعيًا من تكوينه. المنهج قد يضيف معلومة… لكن السلوك المدرسي هو الذي يصنع الفرق.
فعلا، لكن ما لاحظته أن الخوف نفسه لا يمنع الألم إذا جاء ولا يزيد الأمان إذا غاب. هو فقط يسلب اللحظة قيمتها. السماح لأنفسنا بالاستمتاع بالفرح كما هو بدون مبالغة وبدون خوف، قد يكون أول خطوة لفك هذا الارتباط القديم بين السعادة والقلق هي خطوة صغيرة لكنها تخفف الكثير من الثقل عن القلب.
صحيح… وهذا المثال الذي ذكرتَه ينطبق تماما على ما أشعر به في هذا الوقت (على العميل أن يستلم المشروع ولكنه تأخر في الاستلام وقال بعد المراجعة) وهذا يوضح كيف يتحول الفرح عند كثيرين إلى حالة “تأهّب” بدل أن يكون لحظة استحقاق. كأن العقل تعود يربط أي نجاح بخطر محتمل فيظل يقف على قدم واحدة حتى وهو يحقق إنجازًا يستحق الاحتفال. وهذا الشعور يسرق منا حق الشعور بالراحة والإنجاز في اللحظة نفسها. النجاح لا يصبح أجمل أو أأمن حين نقلق عليه،