في زمن الكل يريد أن يتكلم أصبح الاستماع فنًا مفقودًا وكأننا نسمع فقط لنرد لا لنفهم غياب فن الاستماع دمّر قدرتنا على الحوار الحقيقي وحوّل النقاشات إلى ساحات معارك صوتية كل طرف يريد إثبات أنه الأذكى والأصح حتى لو لم يفهم نصف ما قاله الآخر أغلبنا يظن أن الكلام هو القوة بينما الحقيقة أن أقوى من في الغرفة هو من يعرف متى يصمت ليستوعب ومتى يتكلم ليضيف لا ليكرر حين نفقد القدرة على الاستماع نفقد فرصة فهم وجهات نظر مختلفة ونحرم أنفسنا من التعلم ونعيش في دوائر ضيقة من أفكارنا الخاصة والأسوأ أننا نحكم على الآخرين بناءً على نصف جملة أو كلمة اقتطعناها من سياقها ثم نتهمهم بما لم يقولوا في مجتمعنا أصبح غياب الاستماع كارثة فكرية وأخلاقية نحن لا نفهم بل نبحث عن ثغرة لنهاجم بها خصمنا صار النقاش صرخة وصراع لا حوار وإذا لم نعد الاستماع إلى مكانته الحقيقية فلن يبقى عندنا حوار بل فقط ضجيج وأجيال تظن أن النقاش هو الصراخ
غياب فن الاستماع يدمّر قدرتنا على الحوار الحقيقي
أعتقد أن المشكلة ليست في الاستماع، وإنما غيابه هو أثر وعرض من أعراض الانتصار للنفس، أي أن أغلب الناس اليوم للأسف لا تهمهم الحقائق وإنما يهمهم إثبات قوتهم وفرد عضلاتهم والانتصار لأنفسهم، ليشعروا أنهم أقوياء وأذكياء ووو
وبمجرد ما يتغلب الإنسان على هذا الطبع السيء، ويتواضع لله عز وجل، ويدرك أنه عبد ضعيف لا حول له ولا قوة، وأن ما يجهله أكثر مما يعلمه، ويربي نفسه التربية السليمة الصحيحة، سيبدأ لوحده بإدراك أن أسلوب الصراخ ينافي هدفه الذي هو البحث عن الحقيقة الموضوعية! وسيدرك بطريقة أو بأخرى أن عليه الاستماع لأنه يعتقد أن الحقيقة قد لا تكون معه وإنما مع الطرف الآخر، وعندما يدرك الحقيقة يكون مستعدا للاعتراف بالهزيمة ولا يشعر بألمها لأن شعوره بالفرح بإدراك الحقيقة أكبر.
أتفق معك جدًا وأظن أن ما قلته هو جوهر الموضوع لأن أغلبنا لا يرفض الاستماع بحد ذاته بل يرفض فكرة أن يظهر وكأنه انهزم أمام الآخر وكأن النقاش مباراة لازم يطلع منها منتصر شخصيًا أرى أن أكبر راحة يعيشها الإنسان حين يتخلص من فكرة الانتصار للنفس وقتها يصبح النقاش أخف ونشعر أن الحقيقة هي الهدف وليست صورتنا أمام الناس وأعتقد أن من يصل لهذه المرحلة فعلا يفهم أن الاعتراف بالخطأ أو التراجع عن فكرة ليس هزيمة بل خطوة للنضج
نيلسون منديلا كان يحكي عن أبيه أنهم كانوا يجلسون في دوائر وأن أبوه كان آخر شخص يتكلم، فالكلام من صفات الحكماء لكن للأسف في هذه الأيام أصبح الحكماء من التراث بل أصبحنا نصفهم بالدقة القديمة الذين فات زمانهم. ولمواقع التواصل الاجتماعي أثر كبير في هذا لأنه أصبح كل من هب ودب له منبر يُسمع فيه بعكس السابق الذي كان فيه من يزدهر ويُسمع صوته هو فقط من يستحق.
ولمواقع التواصل الاجتماعي أثر كبير في هذا لأنه أصبح كل من هب ودب له منبر يُسمع فيه بعكس السابق الذي كان فيه من يزدهر ويُسمع صوته هو فقط من يستحق.
إذا كنا نلوم مواقع التواصل الإجتماعي على أنها أصبحت منبرًا يصعده كل صاحب رأي وبوقًا ينفخ فيه كل نافخ بهوى فهي برأيي أشبه بالديمقراطية التي جعلت الشعوب بكل أطيافها وأفرادها تختار من يحكمها أو يمثلها. وهي برأيي أفضل من النظام الأرستقراطي أو أي نظام حكم آخر يعتمد فيه على النخبة الثرية التي تختار من تراه هي يصلح فقط. وأعتقد أنك لا تفضل أي نظام حكم آخر على الديمقراطية التي هي آخر صور الحكم التي عرفتها البشرية وأصبحت تمثل الجميع وإذا كان لها من أخطاء فهي أخطاء الفضيلة أي فضيلة مشاركة الجميع وعد إقصاء أحد. كذلك برأيي مواقع التواصل أعطت فرصة للجميع لمن كل هب ودب للتعبير عن رأيه وهذا بحد ذاته فضيلة.
صحيح وأظن أن سبب غياب الحكمة في النقاشات اليوم هو أننا نعيش في زمن السرعة الكل يريد أن يقول كلمته أولًا حتى يثبت وجوده قبل أن يضيع صوته وسط الضجيج أحيانًا أشعر أن الصمت صار يُفهم على أنه ضعف أو قلة حيلة بينما في الحقيقة هو قوة وضبط للنفس مثلما كان يفعل والد مانديلا ومن تجربتي لاحظت أن أكثر الحوارات التي خرجت منها بفائدة حقيقية كانت مع أشخاص يجيدون الاستماع قبل الكلام لأنهم يلتقطون المعنى كاملًا ثم يردون بشكل يجعل الحوار يضيف لي شيئًا جديدًا المشكلة اليوم أن مواقع التواصل منحتنا منبرًا لكن سلبت منا عادة التروي فصرنا نكتب ونعلّق بسرعة ونعتبر أن ذلك هو المشاركة بينما المشاركة الحقيقية تبدأ من الاستماع أولًا
لقد أصبتِ في وصف غياب فن الاستماع ككارثة فكرية وأخلاقية فالكلمة لا تكتمل قوتها إلا حين يسبقها إنصات واعٍ فالاستماع ليس مجرد سماع بل هو جهد لفهم الرسالة وربطها بسياقها وهو ما يحوّل الحوار من صراع إلى مساحة للتفاهم ومن بعض المقولات التي أسمعها "كن إلى الاستماع أسرع منك إلى القول ومن خطأ الكلام أشد حذراً من خطأ السكوت" فالقوة الحقيقية ليست في الصوت الأعلى بل في من يعرف متى يصمت ليستوعب ومتى يتكلم ليضيف وحين نستعيد مكانة الاستماع نستعيد معها قيمة الحوار وأفق التعلم من الآخرين
فعلا وأعتقد أن المشكلة أعمق مما نتصور لأن غياب فن الاستماع لا يفسد فقط النقاشات بل ينعكس على العلاقات اليومية سواء داخل الأسرة أو في العمل أحيانًا نجد أن الخلافات الصغيرة تكبر فقط لأن كل طرف يريد أن يثبت وجهة نظره دون أن يمنح نفسه فرصة ليصغي للآخر ربما لو تعلمنا جميعًا أن الاستماع ليس ضعفًا بل وسيلة لاكتساب وضوح أكبر ستتغير طبيعة الحوارات ونخرج منها بوعي مشترك بدل أن نخرج منها بخصام
غالبا تلام مواقع اللتواصل في هذه القصة وأنها جعلت كل شخص منعزل ومستقطب في مجتمع منعزل يشجع كل أفكاره وهو ما يجعله رافض تماما لأي وجهات نظر أخلاى، لكن أعتقد أن الأمر كان موجود وبقوة قبل انتشار مواقع التواصل، وهو يرجع دائما للمجتمع، الذي يكسب فيه من يملك أعلى صوت حتى اذا كان عقله فارغ
لكن قبل وسائل التواصل لم يكن الأمر بهذا الشكل الحاد والمنظم، صحيح أن المجتمعات تنجذب كثيراً لصاحب الصوت العالي حتى لو كان فارغًا، لكن الفارق اليوم أن منصات التواصل أعطت هذا "الصوت العالي" منبرًا واسعًا وتأثيرًا مضاعفًا، وسمحت له بأن يكون له جمهورًا مغلقًا يصفق له دائمًا ويعزله عن أي نقد.
في السابق كانت الأفكار المتطرفة أو السطحية تواجه بردود فعل مباشرة من المجتمع المحيط، أما الآن فكل شخص يستطيع أن يحيط نفسه بمن يؤمنون فقط بما يقول، ويقوم بتصفية أي رأي مخالف بكبسة زر مما يعزز الانغلاق ويضعف الحوار الحقيقي.
هو أكيد وسائل التواصل أثرت لكن في رأيي الموضوع موجود من زمن لغة الحوار نفسها أراها حولي بين أصدقائي أو حتى في العائلة ليست موجودة الصوت العالي دائمًا هو الغالب كأن الناس تعتقد أن رفع الصوت يعطي حجة أقوى بينما الحقيقة أن هذا يعكس فقط فقدان القدرة على الإقناع بالحجة والمنطق ويمكن يكون هذا جزء من ثقافة تربينا عليها أن من يفرض نفسه بالقوة هو من ينتصر لذلك صار النقاش بالنسبة للكثيرين معركة وليس مساحة للتبادل وهذا يفسر لي ليه حتى في أبسط المواقف اليومية نفشل في الوصول لحل وسط
أشعر بأننا عقول قبلية متنكرة فى شخصيات تدعى الحضارة ، وحتى فى قبلية عقولنا انحيازنا لا يكون للقبيلة وكفى بل إنه انحياز لأراء شخصية مضطربة وغير مستقرة
فعلا وأحيانًا هذا الانحياز القبلي هو السبب في أن أي نقاش يتحول بسرعة إلى خصومة بدل أن يكون فرصة للفهم حتى لو اختلفنا طبيعي أن يكون لكل شخص رأي لكن المشكلة أننا نربط الرأي بالكرامة الشخصية فإذا تراجعنا خطوة أو غيّرنا وجهة نظرنا نعتبره هزيمة وهذا يجعلنا ندافع عن أفكار مرتبكة فقط لأننا قلناها من قبل أعتقد أن الخروج من هذه الدائرة يبدأ من تقبل فكرة أن تغيير الرأي ليس ضعفًا بل نضج وأن الاستماع للآخر لا يعني أننا تخلينا عن هويتنا
ما أكنا قبائل فعلًا :))) التحضّر لا يلغي التحيزات، أصلًا لا يوجد إنسان بلا تحيزّات، وإلا فهو بلا شيء، هو نفسه لا شيء، شخص "عدمي" بمعنى الكلمة.. وفكرة افكار متضطربة أو سوية، هي ايضًا خاضعة للتقييم الإنساني، عادة نقول شخص سوي لو هو لا يريد أذية الغير، وشخص معادي للمجتمع لو يريد أذية، أو ليس عند كود أخلاقي عمومًا، وأريد سؤالك: ما أصلًا مفهوم الحضارة التي تغيب فيها التحيزات والنزاعات؟؟ هي أقرب ليوجينيا افلاطونية، نحلم بها بالتأكيد.. ولكن هل موجودة؟
المشكلة ليست فى التحيزات المشكلة فى الحوار الذى أصبح من المستحيل إدارته بسبب تعصب كل شخص لرأيه ، لدرجة تعطى للقوى الحق فى التعدى على الضعيف ، وأحيانا تصل للتعدى بالضرب لمجرد اختلاف الاراء.
وليس معنى عدم وجود مجتمع يخلو من النزاعات انه غير قابل للنقض ، أما بالنسبة لماضينا واننا كنا قبائل فأنا مصرية ، والقبائل عندنا ليس طبيعة البلاد ، ولا تبنى الحضارات أبدا بذلك الفكر المتعصب
أبي كان له حس فكاهة في الأمر، كلما رأى من حولنا يتصارعون على الكلام وابداء الرأي يقول ( اللهم صلى على حبيبك الصادق محمد فقد أخبرنا بأن الروبيضة ستنطق وها هي تجلب لنا الصداع من كثرة نطقها)، أنا تعودت عدم الكلام عموماً حتى لو كنت لا اطيق ما أسمع، وحتى في العمل لا اتكلم اسمع فقط وخصوصا لو معلومات وكأنني جاهل تماماً وبذلك احصل على الفائدة ولا أهدر طاقتي
عليه افضل الصلاة والسلام
فعلا هذا الأسلوب شائع في مصر وغالبًا بيجيب نتيجة ويهدي الحوار لأنك عندما تختار الصمت وتكتفي بالاستماع الناس من حولك إما يفرغوا طاقتهم ويتوقفوا أو يبدأوا يلاحظوا أنك أكثر هدوءًا منهم هذا الهدوء يعطيك مساحة أكبر للفهم وجمع التفاصيل التي تضيع وسط الجدال أنا طبعي قلة الكلام وبصراحة أراها نعمة من الله لأنها تحميني من الدخول في نقاشات بلا جدوى وتخليني أركز أكثر على ما ينفعني
تعيش الحضارات على التفاهم والتعاون واحترام وجهة الآخر ، بينما نعيش حالتنا كما وضحتي في المقال ، أضرار عدم الاستماع كثيرة وتفشل كثير من الشراكات بسببها ، لذلك كان على المثقفين بالأحرى العمل على توعية المجتمعات عن أهمية الإستماع ، قبل فتح مجالات جديدة على المستمع يختلف معها.
كلامك صحيح جدًا وأرى أن غياب الاستماع هو واحد من الأسباب الأساسية لفشل أي علاقة سواء كانت شراكة عمل أو حتى علاقة شخصية لأن عدم الاستماع ببساطة يعني أننا نعيش في جزر منفصلة كل طرف يتحدث لنفسه فقط وأتفق معك أن دور المثقفين مهم لكن أعتقد أن البداية يجب أن تكون من التربية داخل البيت والمدرسة فإذا تعوّد الطفل منذ صغره أن يستمع للآخر قبل أن يرد ويعرف أن الاختلاف أمر طبيعي سيكبر وهو مدرك أن الحوار ليس معركة بل وسيلة للتعاون
البعض يعتقد ان القدرة على الكلام والصراع قوة !! بينما القوة الحقيقية حين تضبط نفسك وتعرف متى تتكلم ومتى تصمت ، بعض النقاشات الحادة التي أثمر عنها الكراهة و الحقد ربما كانت ستحل بل لا يكون لها ذكر حتى لو ان احد الأطراف قد استمع إلى الآخر وأتقن فن الاستماع الذي هو برأيي من اهم الأشياء التي يجب ان ندرسه ونتعلم عنه وندرب انفسنا عليه ٠
أتفق معك فعلًا أن أغلب الخلافات الكبيرة التي نراها اليوم ما كان لها أن تكبر لو كان هناك استماع حقيقي بين الأطراف أحيانًا كلمة تقال في لحظة غضب تتحول إلى خصومة طويلة فقط لأن الطرف الآخر لم يمنح نفسه فرصة أن يسمع النية خلف الكلام برأيي فن الاستماع ليس مهارة ثانوية بل أساس لأي علاقة ناجحة سواء في الأسرة أو العمل أو حتى بين الأصدقاء ولو تم تدريسه فعلًا منذ الصغر سيوفر علينا الكثير من النزاعات التي تستهلك أعصابنا بلا فائدة
“أكثر ما نفتقده اليوم فعلًا هو فن الإصغاء. كثير من الناس يسمعون فقط ليجهزوا الرد، لا ليحاولوا الفهم. النتيجة أننا ندور في حوارات شكلية بلا عمق، بينما الحوار الحقيقي يحتاج قلب حاضر قبل الأذن. الاستماع بصدق قد يكون أحيانًا أهم من كل الكلمات التي نقولها.
صحيح تمامًا وأكثر ما نراه اليوم هو أن الناس تسمع فقط لتجهز الرد لا لتفهم الفكرة وهذا يحول الحوار إلى منافسة شكلية بلا عمق بينما الإصغاء بصدق يغير مسار النقاش كليًا من تجربتي البسيطة مجرد أن أستمع للنهاية يجعلني أكتشف أن المعنى مختلف عما توقعت وهذا ينقذ الحوار من خلاف غير ضروري برأيي الاستماع ليس ضعفًا بل مهارة حياتية أساسية تحمينا من سوء الفهم وتفتح لنا بابًا للتعلم من الآخرين
يقول "جبران":
"الصمت خزانة الحكيم"، لكن الاستماع هو مفتاحها. إنه الترياق لسموم العصر: التشتت، الاندفاع، والوحدة رغم الاتصال. فحين تستمع بكلّك، أنت تقول لمن أمامك دون كلام:
"وجودك يهمّني، وحديثك قد يُغيّرني".
فعلا كلام جبران عميق جدًا ويلامس الواقع نحن نعيش في زمن فيه كل شيء سريع ومليء بالضوضاء حتى صارت القدرة على الاستماع بتركيز نادرة وأنا أرى أن الاستماع بصدق قد يكون أحيانًا أهم من الكلام نفسه لأنه يبعث رسالة للطرف الآخر أنك تراه وتقدره وهذا وحده كفيل أن يغير طبيعة العلاقة ويجعل الحوار أكثر إنسانية لو مارسنا هذه العادة يوميًا حتى في أبسط المواقف سنكتشف أن الاستماع ليس مجرد مهارة بل دواء لكثير من التوتر وسوء الفهم
التعليقات