منذ فترة عانيت من ضغوطات كبيرة نتيجة امتلاء جدولي اليومي، بمهام كثيرة، يمكنكم القول أني من بداية استيقاظي حتى انتهاء اليوم، لا أستريح، اتنقل بشكل سريع بين المهام، وللأسف كل المهام مهمة جدا، لا يمكنني تأجيل مهمة أو تسويفها بعض الوقت. مما ولد لدي شعور بالضغط المستمر والتوتر، وعدم الراحة.
فما كان لي إلا محاولة البحث عن طريقة تساعدني على طريقة أدير بها جدولي المليء بالضغوطات، ويجعلني أقوم بها بقدر من الاستمتاع بدلا من أني أنفذها مع بعض من الضيق والضغط.
أثناء بحثي وجدت العديد من الأبحاث، التي تتناول قوة القيم الشخصية في إدارة الضغوطات والتوتر الناتج عن تعدد المهام في جدولنا اليومي، ومنها بحث عن مجموعة من الطلاب في جامعة ستانفورد، طٌلب منهم أثناء توجهم لقضاء عطلة الشتاء بمنازلهم، أن يسجلوا أهم قيمهم الشخصية ثم وصف كيفية ارتباط الأحداث اليومية الخاصة بهم بهذه القيم، وعندما عادوا للمدرسة، اكتشف الباحثون أن هؤلاء الطلاب الذين كتبوا عن قيمهم الشخصية كانوا أكثر صحة وعانوا من أمراض أقل وكان لديهم طاقة وسلوك أفضل من الطلاب الذين كتبوا فقط الأحداث الإيجابية بيومهم وتم تكرار هذه النتائج لما يقرب من مائة دراسة إضافية.
ووفقا لكتاب The upside of stress ل كيلي ماكجونجال وهي أخصائية نفسية صحية ومحاضر في جامعة ستانفورد.
اتضح أن الكتابة عن قيمك هي واحدة من أكثر التدخلات النفسية فاعلية، التي تمت دراستها على الإطلاق، على المدى القصير، فالكتابة عن القيم الشخصية تجعل الناس يشعرون بمزيد من القوة والسيطرة والفخر، ويجعلهم يشعرون بمزيد من المحبة والتواصل والتعاطف مع الآخرين، فهو يزيد من تحمل الألم، ويعزز ضبط النفس ويقلل من الاجترار غير المفيد بعد تجربة مرهقة.
وعلى المدى الطويل، ثبت أن الكتابة عن القيم تعزز معدلات النمو، والصحة العقلية، وتساعد الناس على المثابرة، مع العلم أننا لا نحتاج لتكرارها يوميا، يمكن على فترات متباعدة.
عندما اطلعت على هذه الدراسة وعلى هذا الاقتباس من الكتاب، استغربت وتساءلت لماذا؟ لما قد تؤدي هذه الخطوة البسيطة إلى كل النتائج المذهلة؟
وبرأيي أحد أهم الأسباب بعد تمعن ومحاولة تطبيقها على مهامي اليومية المتعددة، هو أننا عندما نربط هذه القيم بالأحداث بحياتنا، فهي تساعدنا على اكتشاف المعنى الكامن ورائها، فمثلا نحن نعمل لساعات طويلة ومجهدة ونعتني بأسرنا، وأطفالنا بشكل كبير وربما يكون مستنزفا لنا ولقدراتنا، لكن إن أدركنا أهمية هذه الأمور بالنسبة لنا ولقيمنا الشخصية، سنتمكن من التعامل مع هذه الضغوطات بشكل أفضل.
أيضا نقطة أخرى توصلت لها عند التطبيق، وهو التركيز على الهدف من وراء هذه المهمة، والتي تسعى له حتى لو كان هذا الهدف طويل المدى، فإنجازنا له بالوقت الحالي يمثل خطوة للوصول إلى الهدف الأكبر.
وبالفعل طبقت ذلك على مهامي اليومية بجدول، بالخانة الأولى سجلت قيمي الشخصية التي أؤمن بها، وبالخانة الثانية المهام التي أعمل عليها وتخدم هذه القيم، وهل تمكنت من تحقيقها من خلال العمل على هذه المهام، والخانة الثالثة ما الهدف الكامن وراء هذه المهمة والذي قد يختلف من شخص لآخر لنفس المهمة.
لم يأخذ الأمر وقتا كبيرا مجرد فقط عشر دقائق، وبعد تطبيقي لها مر شهر تقريبا، وأصبحت أدير جدولي بفاعلية أكبر، وأقل تأثرا بالضغوطات، وأصبح راسخا بذهني القيمة والهدف من المهمة مما خلق نوعا من التحفيز الإيجابي لقضاء المهام بأقل قدر من الضغوطات والتوتر.
التعليقات