إذا فكرنا في العلاقات على اختلاف طبيعتها في حياتنا؛ فقد نظن أن بعض العلاقات قمنا بتكوينها بدون انتظار مقابل. لكن هذا الأمر عارٍ من الصحة؛ فكل علاقة في حياتنا -أيًا كانت- لها دافع بحت وهو "المكســب" الذي نحصل عليه من وجودها وإن لم يتواجد هذا المكسب -المتبادل في الحقيقة- لما كانت العلاقة. هذا المكسب بالطبع لا يقتصر على المادة فقط، فقد يكون معنويًا خصوصًا في العلاقات التي ننكر أننا نتوقع شيء منها.

لنرَ بعض الأمثلة الحية على ذلك:

في العلاقات العاطفية تفوق المكافأة المتمثلة في الحصول على رفقة وعطف ودعم وإشباع عاطفي بالنسبة للشخص كل الجهد والوقت الذي ينفقه في سبيلها.

وكذلك في علاقات الصداقة فإن الصحبة والاستمتاع بالوقت سويًا هو المكسب المُتحصل عليه.

أما في علاقات العمل كالعلاقة بين المدير والموظفين فإن المكسب لكل من الطرفين واضح وضوح الشمس.

حتى في العطاء الخيري ولنقل علاقة شخص ثري بشخص معدم، قد يبدو أنّه يعطف عليه وحسب، هذا كل ما في الأمر، ولكن نستطيع أن نقحم هنا شعور الرضا والسعادة -أحيانًا- الذي يحصل عليه هذا الثري المتصدق. ولا داعي للحديث عن الشعور بالقيمة والمساهمة في المجتمع الذي يناله من ناحية أخرى.

هذا الطرح ليس في سياق سلبي وإن بدا كذلك وإن تكررت كلمات كالمكسب والمكافأة؛ فنحن فقط نبحث عن تفسيرات لسلوكياتنا واتجاهاتنا في الحية؛ لعل الأمر يفيد ولو بنسبة صغيرة في فهم ذواتنا ووعينا بها وحدوث النمو الشخصي الذي نسعى إليه جميعًا بلا استثناء.

والآن دورك لتفكر في العلاقات من حولك، هل اقتنعت بتلك النظرية أم أنه لا زالت هناك علاقة في حياتك تصر على اعتبارها علاقة غير قائمة على المصلحة والمكسب مطلقًا؟