طرحت زميلة لي بالعمل سؤالا حول ديمومة السعادة، ولماذا ما نفعله يعطي مفعول سعادة مؤقت ثم تعود الأمور كما كانت، وهذا يجعلنا نركض وراء تحقيق السعادة، نجرب هذه الطريقة فنسعد لأيام أو لساعات ونعود لحالاتنا النفسية الأساسية، ثم نعود لنبحث عن شيء يشعرنا بالسعادة مرة أخرى، وهكذا دواليك، وهذا ما يسمى بعلم النفس نظرية حلقة المتعة المفرغة وهي كناية عن ميلنا إلى السعي وراء متعة تلو الأخرى. وذلك لأن موجة السعادة التي نشعر بها بعد موقف إيجابي أو سلبي مهما كان تأثيره،  ستعود إلى خط أساس شخصي ثابت بمرور الوقت.

إذن بالأساس أهم نقطة في معضلة السعادة، حالتنا النفسية نفسها، وهناك أبحاث علمية أكدت أن مدى شعورنا بالسعادة متعلق  جزئيا بالجينات الوراثية، فمثلا نجد أشخاص مبتسمين دوما، وآخرين مكتئبين دون سبب أو حتى على أتفه الأسباب، لكن بنفس الوقت يمكننا زيادة إحساسنا بالسعادة على المدى الطويل بنسبة 40% من خلال الأنشطة التي نمارسها.

 ومن هنا يحب أن نميز بين المتعة والسعادة الحقيقية أو اليودايمونيا، فالمتعة لحظية مثلا نشرب كوب قهوة بالصباح، نشاهد فيلما، نشتري آيس كريم، فنشعر بمتعة وقتية تزول مع الوقت سريعا، على عكس السعادة الحقيقية، والتي تأتي غالبا من الأفعال الملموسة والتي غالبا لا تكون أنانية بحد ذاتها، مثلا مساعدة أحد الأشخاص، تقديم العون لأحد أصدقائنا بموقف صعب، كذلك العمل الخيري، أيضا من الأمور التي تشعرنا بالسعادة الحقيقية هي إنجازتنا وتطورنا سواء على مستوى المهارات أو بالحياة عمومًا، ناهيك عن المواقف العاطفية أو المرتبطة بالعاطفة، مثلا هدية من صديق، مجرد أن تراها تبتسم، فالقيمة ليست بالشيء نفسه ولكن بمن منحنا هذا الشيء.

لذا ومن خلال مناقشاتنا الكثيرة حول السعادة، وما تطرقت له بالمساهمة عن أنواع السعادة بين المتعة والسعادة الدائمة، هل السعادة الحقيقية مجرد هدف يُسعى لتحقيقه، أم هي رحلة داخلية نستمتع بها أثناء سعينا نحوها؟ وما هي الطرق التي تحفز شعور السعادة الحقيقي لديك، سيكون مفيد جدا لو شاركتنا بموقف حياتي نفذته وحقق لك ذلك.