منذ أن وطأت قدماي الأرض وأنا أسمع ب “البديهيات" و " المسلمات" والحس السليم أو "المنطق السليم Common sense". فهل لا زلت يا صديقي تعتقد في تلك “البديهيات" كما كنت أنا؟! الحقيقة أني من زمن طويل وأنا لم أعد أعتقد فيها وصرت أقول: بديهيات اليوم هي أغلاط الغد! فهل ما زلتَ يا صديقي تعتقد أن الأرض مسطحة وليست بيضاوية الهيئة؟! إن كانت إجابتك – بعد أن أطلعك التقدم العلمي التجريبي الرصدي- بلا، فأسلافك وأسلافي قد فعلوا! فلو كانت الأرض دائرية لتوجب أن تكون أقدامهم لأعلى ورؤوسهم لأسفل! ولكنهم يقفون معتدلين متزنين ولا يشعرون بذلك؛ إذن فالأرض حتماً مسطحة! وكذلك، كانوا يقسمون بأغلظ الأيمان أن الأرض ساكنة، إذ لو كانت متحركة لشعروا بحركتها قطعاً!!

 ليس فقط أسلافنا من عوام الناس من اعتقدوا في البديهيات ووثقوا في " الحس السليم" وإنما أرسطو العظيم اعتقد بداهةً أنً الجسم الأثقل يهوي على الأرض قبل الجسم الأخف وهو ما يؤيده الحس السليم أو المنطق! كذلك من بديهيات الهندسة الإقليدية أن الخطين المستقيمين المتوازيين لا يلتقيان وقد أثبتت التجربة خطأ ذلك؛ فالكون منحنِ ولا يصح أن نفرض نمط تصوراتنا على الطبيعة والمادة. كل ذلك شكل لهم ولنا بديهيات وهنالك لكل عصر بديهياته وما هي حقيقةً بالبديهيات؛ إذ أنها ناتج الظروف البيئية والتجربة الحسية التي صبغت عقولهم على نمط معين من التفكير والتي بدورها شكلت المنطق العقلي الذي نتعاطى به مع الأحداث اليومية. 

ولذا، أعتقد يوماً ما سيمكن أن يتواجد الشخص الواحد في مكانين مختلفين في آن واحد؛ فتلك بديهية اليوم التي قد يغيرها الغد. فهل توافقني أيها القارئ؟ فالعلم وتقدمه يحرر عقولنا من إسار التجربة اليومية الحسية. ولكي نتحقق من صدق أي بديهيات علينا أن نتحرر من أسر الحواس ومنطقنا العقلي اليومي.

والآن أيها الأصدقاء: هل ما زلتم تعتقدون في صحة البديهيات؟! وما هي البديهيات التي تعدها ما زالت صحيحة؟