يردد كثير من الناس إنما الجمال هو جمال الروح وليس للمظهر الخارجي أي أهمية! هذا من باب الإمعان في النغمة الملائكية, ولكن إن طُلب من أحدهم الزواج من فتاة بتشوه خلقي يطمس ملامح جسدها, أو شاب أكلت النيران وجهه, فإنهم سيبدلون قولا غير الذي قيل, سيخبروك أن روحهم غير جميلة ولا علاقة لتشوههم بحكمهم وتهرّبهم منهم مطلقا, وإن أنت نعتّهم بالنفاق قالوا: سامحك الله!

إذا كنت تعارضني رأيا فهذا لأنك لا تعاني مشاكل جمالية ولله الحمد! فقط اسأل ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب حروق الدرجات الثالثة والتشوهات الخلقية ليأتوك بالخبر اليقين, أغلبهم يعاني الأمرين في المجتمع من طرف من يتغنون بترنيمة الجمال جمال الروح, فإذا جلس بمقعد بحافلة نهض الجالسون قربه لتغيير مقاعدهم, وإذا ولج السوق حذقت فيه أعين المتسوقين اشمئزازا أو رعبا أو أسى وحزنا, أما إذا وضع صورته على بروفايله بأحد المواقع فإنه سيجدها تحوم وتتنقل من صفحة لأخرى وأصحاب جمال الروح يَسطُرون بيمناهم ويسراهم على لوح الكتابة: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به!

ورغم أن العبارة تُقال لمن يجهر بارتكاب المعاصي وليس لمن يعاني, وتُقال في حال إبصار المرض بين المرء ونفسه لا يسمعه إلا ربه, إلا أن قوة إيمان جميلي الروح تدفعهم للجهر بإيمانهم بربهم وترديدهم للعبارة قولا وفعلا وكتابة ليقرأها العالم ويعلم أنهم ممتنون لله سبحانه أن ليسوا مثلك "مُبتلى".

ينزل البشر الأحكام على بعضهم البعض في رمشة عين انطلاقا من المظهر الخارجي, لا ينكر هذه الحقيقة إلا غافل.

يُفضل البعض أن يرددوا صادقين غير منافقين أن الوجه مرآة الروح, فيضعون الجمال معيارا للزواج أو القبول للعمل, وإن نعتهم جميلي الروح بضعف الإيمان وسوء الأخلاق, ولكنهم على الأقل صرحاء فيما بينهم.

ملاحظة: لا أقول أن جمال الروح غير مهم ولكن جمال المظهر أهم, فقط أخبرني ما نسبة المشوهين الواصلين لأعلى المراتب, هل هناك رئيس دولة مشوه؟ هل هناك رائد أعمال مشهور ومشوه؟ سيقول قائل أعرف واحدا أو واحدة... بمعنى واحدا بالمائة أظن أو الألف, الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.

والآن فقرة الأسئلة: هل حقا تؤمن أن المظهر غير مهم؟ هل تعاني من مشكلة جسدية وتتعرض لمواقف من جميلي الروح؟