درست المنطق، ومختلف التخصصات الفلسفية.. تخصصت بالنقد الثقافي، والدراسات الثقافية لنيل درجة الماجستير، ثم عملت بتدريس المواد الفلسفية لثلاث سنوات..
والآن أرحب بأسئلتكم حول تلك التخصصات المتشعبة، والمشجعة على التساؤلات، فلا تترددوا في طرحها!
كنت أرغب بسؤالك ما إذا كنت تعتقدين أن هناك فروعًا معينة من الفلسفة لها تأثير أكبر على الحياة اليومية والأفكار المعاصرة؟ وإذا كان شخص عادي يرغب في الحصول على فكرة عامة عن المنطق والفلسفة، ما الذي تنصحينه به؟
الفلسفة بشكل عام تؤثر على طريقة تفكير الفرد، وأسلوب تعاطيه مع أحداث حياته اليومية.. ولكن بالطبع يوجد لبعض الأفرع تأثير أكبر من غيرها، كالفلسفة الخلقية، والفلسفة الإجتماعية، وعلم المنطق، وفلسفة الدين -إن أحسن إستخدامها-... فجميعها تعين الإنسان في التعرف على ذاته، بالإضافة لفهم سلوكيات المجتمع وقيمه، وبالتالي فهم تفاصيل حياته اليومية بمختلف توجهاتها، ومحاولة التصرف بحكمة في معظمها..
أما للتعرف أكثر على كل من الفلسفة وعلم المنطق، فأفضل طريقة برأيي هي الإطلاع على بعض المؤلفات المبسطة، التي تعد مدخلا مناسبا لذلك، ومنها:
- "أقدم لك.. الفلسفة"، لـ ديف روبنسون، وجودي جروفز.
- "مدرسة الحكمة" ، عبد الغفار مكّاوي.
- "علم المنطق الأصول والمبادئ"، علي حسين الجابري.
- "القواعد المنطقية"، سمير خير الدين... أتمنى لك قراءة ممتعة وثرية.
بما أنك تطرقت إلى "فلسفة الدين"، يثير في ذهني تساؤلٌ مهم عن الفكرة السائدة لدى البعض، التي تقول إن الغوص في بحر الفلسفة قد يؤدي في النهاية إلى الإلحاد. فهل حقًا هذه هي النتيجة الحتمية؟ أم أنه بالإمكان للمرء أن يغمر نفسه في قراءة الفلسفة بعمق، فيجد أنها تعزز من روحه وإيمانه وتثريه باليقين؟
بناءً على ترشيحاتك، أفكر في أن أبدأ رحلتي مع كتاب "القواعد المنطقية" لسمير خير الدين، وأتمنى أن تكون تلك البداية مليئة بالفائدة والمتعة.
فهل حقًا هذه هي النتيجة الحتمية؟
الفلسفة بوجه عام، ما هي إلا أداة عقلية، وبالتالي هناك من يحسن إستخدامها في صالحه، وهناك من يستخدمها في غير صالحه..
فكما توجد أمثلة لفلاسفة ألحدوا، وأصابهم الجنون.. توجد أيضا أمثلة لآخرين تعمقوا في الفلسفة، حتى حازوا الحكمة، وأدركوا اليقين!
وفلسفة الدين تحديدا، من يحسن ممارستها يمكنه أن يصل أعلى درجات الإيمان واليقين.
أفكر في أن أبدأ رحلتي مع كتاب "القواعد المنطقية"
إختيار موفق محمود.. يمكنك مناقشة بعض أفكاره معنا، عند الإنتهاء منه.. بالتوفيق.
كونك متخصصة في مجال النقد الثقافي، كيف يمكن للنقد الثقافي أن يكون موضوعيا أم أن الذاتية حتمية في تحليل الحوارات الثقافية؟
وبالنسبة للمنطق، كيف يؤثر المنطق في تشكيل مفاهيمنا عن الحقيقة والمعرفة؟
رغم أن الموضوعية يراها الكثيرون صفة لازمة لممارسة كل من البحث العلمي، والنقد بشكل عام، إلا أنها نادرا ما تدرك بالمجالين، إذ يصعب تحقيقها أو إلتزامها بشكل تام؛ فالناقد بشكل عام، والناقد الثقافي بشكل خاص يصعب عليه الفصل التام ما بين ذاته، وقناعاته وميوله، ورؤاه الشخصية، وبين النص أو الظاهرة الثقافية قيد الدراسة والنقد!
حتى أن السعي لفصل الذات عن الموضوع ببعض االمجالات الثقافية والإجتماعية، يمكنه أن يصبح أصعب وأكثر تعقيدا منه بالمجالات الأخرى.
كيف يؤثر المنطق في تشكيل مفاهيمنا عن الحقيقة والمعرفة؟
علم المنطق يبحث بشكل عام في المبادئ والمعايير العامة للتفكير بشكل سليم، ووضع القواعد التي تجنبنا الوقوع في الأخطاء أثناء التفكير، وبالتالي فهو مفيد جدا في تحليل ونقد ما نتبناه من أفكار ومعتقدات، إلى جانب تشكيل وتحديد ما نتداوله من مفاهيم ومعاني بصورة أوضح، كمفهوم الحقيقة، والمعرفة، والعدل، والجمال، وغيرها.
وإن كنت أرشح أكثر من كتاب للتعرف أكثر على علم المنطق بشكل عام مثل:
- "علم المنطق الأصول والمبادئ"، ل علي حسين الجابري.
- "القواعد المنطقية"، سمير خير الدين.
لكن إن كنت تبحث عن التمرن على الأساليب والحجج المنطقية، والتمكن من إكتشاف معظم المغالطات المنطقية، فأرشح لك كتاب،
- "المغالطات المنطقية" ل عادل مصطفى.
ما هي أقرب الفلسفات للواقع العملي وأبعدها عن النظرية؟
الفلسفة في جوهرها علم نظري، أي أنه قائم بالأساس على التفكير، والملاحظة، والنقد، وأخيرا الوصول لنتائج، وسن نظريات. وكثيرا ما يتم تطبيق تلك النظريات، والإستفادة منها على أرض الواقع، ومن ثم دراستها عبر علوم ذات مناهج وأساليب مختلفة، كعلم النفس، وعلم الإجتماع.. ولذلك يمكننا القول أنه، مهما كانت الفلسفة عملية، وقريبة من واقعنا المعاش، -كالفلسفة الإجتماعية ، والأخلاقية مثلا- فذلك لا يعني بالضرورة بعدها عن النظرية، بل يمكن إعتبار ذلك تطبيقا ودمجا للنظريات الفلسفية بالواقع الفعلي!
- "المغالطات المنطقية" ل عادل مصطفى.
قرأته بالفعل كتاب رائع، سأطلع على ترشيحاتك الأخرى أيضاً، شكرا لكِ.
فذلك لا يعني بالضرورة بعدها عن النظرية، بل يمكن إعتبار ذلك تطبيقا ودمجا للنظريات الفلسفية بالواقع الفعلي!
بالنسبة للفلسفة؛ قصدت أن تكون قريبة من الواقع بعيدة عن النظريات التأملية، فقد قرأت لشوبنهاور مثلاً وهيجل، فبينما هيجل مغرق في التأملات النظرية، كان شوبنهاور بتناول مواضيع حقيقية وينتقدها بالفلسفة ويبدي رأيه فيها.
هذا هو المقصود بالبعد عن النظرية والإغراق فيها.
قصدت أن تكون قريبة من الواقع بعيدة عن النظريات التأملية،..
حسنا، إن كان الأمر كذلك، فأعتقد أن الفلسفات التي تتناول قضايا تمس الواقع المعاش كثيرة، ومنها: الفلسفة الإجتماعية، وفلسفة الأخلاق، والفلسفة السياسية،..
وبشكل عام، فإن كل من الإتجاه البرجماتي، والإتجاه الوضعي، والإتجاه الظاهراتي، يميلون جميعا للبحث في القضايا العملية التي تمس حياة الإنسان.
رائع! لديك خلفية عميقة في الفلسفة والنقد الثقافي. ما أكثر القضايا الفلسفية التي تجدها مثيرة للنقاش في مجالك؟
بعيدا عن القضايا الفلسفية التقليدية، كالبحث في الحريات الإنسانية، والقيم المعيارية،
أعتقد أن مسألة "أخلاقيات البحث العلمي" ومدى تحققها، والإلتزام بها، صارت مثار جدل ونقاش كبيرين بالأوساط الفلسفية من جديد.
هذه نقطة مهمة! في ظل التطور السريع للعلوم والتكنولوجيا، أصبح الالتزام بأخلاقيات البحث العلمي أكثر تعقيدًا، خاصة مع التداخل بين المصالح التجارية والأكاديمية. برأيك، ما أبرز التحديات التي تواجه الباحثين اليوم في هذا السياق؟ وهل هناك مدارس فلسفية تقدم رؤية أكثر شمولية لهذه الإشكالية؟
التحديات التي تواجه البحث العلمي والباحثين، في تزايد مستمر، فكلما تنامى دور العلم بحياتنا، كلما زادت الضغوط على باحثيه..
فمثلا منذ أن تداخل البحث العلمي مع السياسة والإقتصاد، وأصبح من شبه المستحيل أن تجرى أبحاث علمية موضوعية، دون التأثر بمدخلات أيديولوجية من تلك المجالات!
أما عن أبرز التحديات التي تواجه الباحثين المستقلين، فيمكن إجمالها في:
هل يمكن للمنطق كأداة تحليلية أن يكشف حقًا عن البُنى العميقة للثقافة، أم أنه يبقى قاصرًا أمام تعقيد التجربة الإنسانية؟
المنطق كونه علم معياري، يحدد الأسس الصحيحة للتفكير الإنساني بمراحله المختلفة، بداية من االملاحظة والتأمل، مرورا بالتحليل والنقد، و وصولا للحكم والتنظير.. أقول كونه علما يؤسس لأساليب التفكير الصحيحة، يجعل منه أداة مساعدة لتحليل ونقد مختلف الظواهر، ثقافية كانت أو إجتماعية أو غيرها، ومخما بلغت تلك الظواهر من عمق وتعقيد، أرى أن لأمر يتوقف على حسن إستخدامنا لأدوات التحليل والنقد المنطقيين، عند تناولهما بالدراسة.
بمعنى آخر كريم..لطالما اعتبرت المنطق بالنسبة للتفكير، مثل النحو بالنسبة للغة.. فمثلا هل يمكننا عند مواجه بعض النصوص اللغوية المعقدة، أن نعتبر ذلك خللا في علم النحو نفسه، أم أنه سوء إستخدام وتقصير من جانبنا في إستخدامه، وتطبيق قواعده وضوابطه على مختلف النصوص!
جميل تخصصاتك ثرية ومليئة بالأسئلة العميقة والمثيرة للتفكير. عندي فضول حول النقد الثقافي والدراسات الثقافية ما الفرق الجوهري بينهما؟ وكيف يمكن توظيف النقد الثقافي لفهم الظواهر الاجتماعية المعاصرة؟
شكرا لك عهوده..
وكيف يمكن توظيف النقد الثقافي لفهم الظواهر الاجتماعية المعاصرة؟
النقد الثقافي هو ممارسة يمكن تطبيقها على مختلف الظواهر، أدبية كانت أو فنية، أو إجتماعية .. ولتوضيح دور النقد الثقافي في فهم ظاهرة إجتماعية ما، سأطرح لك هذا المثال:
إذا ما أردنا مثلا فهم ظاهرة الإسفاف والتدني الأخلاقي لدى بعض مستخدمي منصات التواصل الإجتماعي، فسنقوم بتحليل جميع الظروف المحيطة بتلك النماذج، سواء كانت ظروف إجتماعية، تربوية، دينية، إقتصادية، سياسية، وغيرها من العوامل المختلفة، التي أدت لسلوكهم ذلك المسلك، ومن ثم ظهور تلك الظاهرة الإجتماعية، وانتشارها!
ومن خلال تحليل ودراسة تلك الظروف والخلفيات المحيطة بظاهرة أو عمل ما، يمكننا التعامل معها بحكمة أكثر، وتقديم الحلول التي تناسب وتتماشى مع تلك الظروف مجتمعة.
ببساطة يمكن تمييز النقد الثقافي بأنه، ممارسة فكرية تتعامل مع نسق مضمر، ما ورائي، لا يظهر على سطح النص أو الخطاب. كأن نسعى لتعرية الخطابات أو الأنساق المضمرة بنص ما، بينما تحاول التسرب لعقولنا والهيمنة عليها دون وعي منا. وغالبا ما تكن تلك الأنساق سياسية أو إجتماعية.
أما الدراسات الثقافية، فهي دراسة متعددة المناهج ومتداخلة التخصصات، حيث تجمع ما بين الفلسفة، والنقد، وعلم الإجتماع، والانثروبولوجيا، والإعلام، وغيرها من التخصصات..
وبواسطة تلك المناهج المتنوعة، تسعى الدراسات الثقافية لدراسة الظواهر الثقافية المتنوعة، الحاضرة في الخطاب أو النص. ولا يقتصر ذلك على الثقافة الرفيعة فحسب، بل يشمل أيضا المفاهيم والممارسات اليومية، حتى أنها تعد المحور الأساسي للدراسات الثقافية.
وأحيانا يرى البعض إمكانية ضم تخصص النقد الثقافي، تحت راية الدراسات الثقافية، بثراء مناهجها وتعدد تخصصاتها.
ما أكثر مفهوم فلسفي أو نقدي وجدتِ أنه يغيّر نظرة الطلاب للحياة عند تدريسه؟
ما النص الفلسفي أو النقدي الذي كان له أكبر تأثير على مسارك الأكاديمي والفكري؟
"التفكير الناقد" أراه واحدا من أهم المصطلحات الفلسفية على الإطلاق، التي تترك أثرا إيجابيا على حياة كل من استوعبه وحاول العمل به.. وعلى ذكر الأمر، يمكن تعريف التفكير الناقد بأنه: القدرة على تقييم المعلومات والأفكار بشكل محايد ومنهجي؛ لإصدار حكم موضوعي ومدروس، مع الأخذ بعين الإعتبار وجهات النظر والآراء الأخرى.
ما النص الفلسفي أو النقدي الذي كان له أكبر تأثير على مسارك الأكاديمي والفكري؟
كثيرة هي النصوص، خاصة وأن مجال الفلسفة يتميز بثراءه وتشعبه، لكن أذكر على سبيل المثال، ثلاثية كانط النقدية (نقد العقل الخالص- نقد العقل العملي- نقد ملكة الحكم)،
كذلك كتاب "الإنسان ذو البعد الواحد" ل هربرت ماركوزه.. وجميعها مؤلفات لا ينصح بها للمبتدئين :)
بسم الله ما شاء الله رحلة رائعة وموفقة تبارك الله،
سؤالي ليس موضوعي ولكن مركب نوعاً ما، في الآونة الأخيرة هناك تدهور في السلوك العام وخصوصاً في الجوانب الحياتية بخصوص التفكير والسلوك والتفاعلات ورغم ذلك لم تنشط الفلسفة ولا المنطق في مناقشة هذا الخلل ووضع تفسير له رغم أن هذا من جوهر الفلسفة الحياتية وهي من أهم أنواع الفلسفة، فلماذا برأيك يظهر هذا الإهمال ؟
أشكرك إسلام.. وللإجابة عن سؤالك حول عدم إجراء أبحاث ونظريات فلسفية، لدراسة الأوضاع الفكرية والمجتمعية الحالية..
دعني أشير أن المشكلة لا تكمن في ندرة الأبحاث والنظريات الفلسفية، بل في ندرة تطبيقها والإستفادة من نتائجها على أرض الواقع..
ويكفي أن أحيلك مثلا، لقراء أي من أعمال فلاسفة النظرية النقدية او ما تعرف ب"مدرسة فرانكفورت" حتى تلاحظ مدى التقارب بين الأوضاع المجتمعية آنذاك، وأوضاعنا المعاصرة!
ولم يدخر فلاسفة تلك المدرسة جهدا، لتحليل وفهم مشاكل مجتمعاتهم، مثل صناعة الثقافة الجماهيرية، وهيمنة الثقافة الإستهلاكية على الجماهير، وتدجين الأفراد في قوالب موحدة، حتى ظهر مصطلح "الإنسان ذو البعد الواحد"، وغيرها من المشاكل المجتمعية ..
ورغم أنهم أجروا مئات الأبحاث ووضعوا عشرات النظريات، التي تسهم في حل تلك المشكلات، إلا أننا مازلنا نعاني المشاكل نفسها حتى الآن!!.. إذن فالمشكلة تكمن في التطبيق وليس النظرية.
لاحظت أسلوبك أماني في نقد الأفكار "المؤسساتية" بأسلوب نقدي محترم لافت جدًا، وهو ما يجذبني إلى النقاشات في عمومها، وهنا أريد سؤالك: كيف يمكن بناء هيكل نقدي سليم للمجتمع المصري الحالي؟ بمعنى كيف نُحدد العوامل الأساسية التي عليها نبني الآراء، وهل يؤثر هنا استطلاعات الرأي العام؟
كيف يمكن بناء هيكل نقدي سليم للمجتمع المصري الحالي؟
كيف نُحدد العوامل الأساسية التي عليها نبني الآراء،..
شكرا لك إريني.. أعتقد أن الأساس الصحيح لأي ممارسة فكرية، يتمثل في إلتزامنا القواعد المنطقية قدر الإمكان..
ولتأسيس عادة عقلية كهذه، يجب الحرص أولا على تلقي الأفراد لتربية عقلية سليمة، تحثهم وتعينهم على ممارسة التفكير المرن، وفقا للأساليب المنطقية النقدية، وبالتالي القدرة على إدارة نقاشات نقدية بناءة، تسع مختلف الآراء دون تعصب أو مصادرة على حريات الآخرين!
وعموما أرى أن مسؤولية هذا الأمر، تقع على عاتق بعض المؤسسات أكثر من غيرها، كالمؤسسة التعليمية، والتربوية، والإعلامية، والدينية بالطبع.. فتلك المؤسسات مجتمعة يمكنها صقل وتنشئة شخصيات متزنة، تتحلى بعقليات نقدية منطقية مرنة، كما يمكنها عكس ذلك أيضا!
الآن أفهم كيف تشكلت تلك العقلية المفكرة والناقدة والنقاشية الرائعة. حقيقة أماني أنا أحب مساهماتك جدا وأسعد بالنقاش معك فهو يكون ممتع ومفيد، ولدي فضول لأعرف كيف أثرت دراستك للفلسفة على شخصيتك وتعاملك في الحياة وفي مواجهتها ومع البشر؟ وما أكثر ما تطبقينه بشكل عملي في حياتك من بين كل ما تعلمتيه عن الفلسفة؟
شعور متبادل يا رنا، شكرا لك..
كيف أثرت دراستك للفلسفة على شخصيتك وتعاملك في الحياة..
على غير الشائع أنا سعيدة جدا بتخصصي الدراسي منذ فترة الدراسة الجامعية، حيث أنني اخترت دراسة الفلسفة بكامل إرادتي، رغم توافر بدائل كثيرة!
ولهذا سعيت دائما للتعرف على مختلف الأفكار والنظريات الفلسفية، ومقارنتها، مع إخضاعها للنقد، ومن ثم تكوين رأيي الخاص، أو نظريتي الخاصة أحيانا..
وهذا هو الأثر الأكبر الذي تركته الفلسفة بعقلي، القدرة على التفكير المنطقي الناقد إلى حد ما. ذلك بالإضافة لبعض الصفات التي احاول اكتسابها مع مرور الوقت، مثل الثبات الإنفعالي، والمرونة الفكرية، ومراعاة الواقعية، حتى أثناء ممارسة التفكير الإبداعي!
وكثيرا ما أحاول تطبيق كل ما ذكرته من صفات شخصية، وقدرات عقلية، على حياتي العملية، سواء الخاصة أو الإجتماعية.. أحيانا ينجح ذلك، وأحيانا لا ينجح. لكن ما دمت مقتنعة بجدوى الأمر، فسأواصل المحاولة.
مرحبا أ. اماني . يسعدني أن أطرح عليك هذا السؤال:
"كيف يمكننا تحقيق التوازن بين العقلانية والعاطفية في اتخاذ القرارات اليومية؟ وهل تعتبر الفلسفة أداة فعالة في توجيه الناس نحو تحقيق هذا التوازن؟"
أتطلع إلى سماع وجهة نظرك الفلسفية حول هذا الموضوع الشائق. شكراً لوقتك ومشاركتك لمعرفتك.
مرحبا بك معنا،
"كيف يمكننا تحقيق التوازن بين العقلانية والعاطفية في اتخاذ القرارات اليومية؟
سؤال جيد.. بالبداية لابد من إدراك أهمية كلا من العقل والعواطف، وأنه لا يصح التخلي عن أحدهما عند إتخاذ القرارات، إلا للضرورة!
فالعقل والعاطفة بمثابة الضدان المتكاملان، والإنسان المعتدل الناضج، هو من يعرف كيف يوازن بينهما في الوقت والمكان المناسبين..
ولتحقيق ذلك التوازن ينصح بالحفاظ على الهدوء للعاطفي، وممارسة التأمل العقلي، قدر الإمكان.. فالتأمل يساعد الإنسان على تحقيق النضج الفكري والعاطفي، ومن ثم معرفة متى، وكيف يمكنه إستخدام العقل أو العواطف.
وهل تعتبر الفلسفة أداة فعالة في توجيه الناس نحو تحقيق هذا التوازن؟"
بالطبع؛ فالفلسفة هي رائدة التأمل العقلي!
إذ تدعو للتأمل والبحث المتواصلين، عن الغايات القصوى لكل موضوعات حياتنا..
كذلك فإن الفلسفة تدعونا لإلتزام فضيلة الحكمة بكل قراراتنا، ومن حاز الحكمة، فلن يواجه أي صعوبة في تحقيق ذلك التوازن السابق ذكره... أرجو أن أكون أوضحت وجهة نظري.
أهلا بك معنا، أعتقد أن تأثير أنظمة الذكاء الإصطناعي قد طال جميع المجالات تقريبا، ومجال الفلسفة والنقد كغيرهما من المجالات، يمكن أن تستفيد من أنظمة وتطبيقات الذكاء الإصطناعي؛ لتوفير بعض الوقت والجهد.
لكن تلك الأنظمة لا يمكن الإعتماد عليها بشكل كامل برأيي، خاصة بالمجالات القائمة على الإبداع والتذوق الفني والأدبي..
لكن بالنسبة للفلسفة، فالسؤال الأهم هو، كيف نحمي أنفسنا من نفوذ الذكاء الإصطناعي، ونفوذ المجموعات التجارية التي تقف وراءه؟!
ولتقليل حدة تلك المخاوف نجد شركة مثل "جوجل" تستعين منذ فترة بالفلاسفة، لتطوير أنظمتها الذكية. وهو ما برره نائب رئيس التكنولوجيا والمجتمع في جوجل، بأن المجموعة تستعين بالفلاسفة، لتتأكد أن يبقى الذكاء الاصطناعي أخلاقيا، ويتطور ليصبح جريئا ومسؤولا في الوقت نفسه...
كما نقلت إحدى الصحف الفرنسية،خبراً عن المدير العام لـ "ميكروسوفت فرنسا"، حيث أعلن أن أكثر الوظائف المفتوحة في مجموعته في العشر السنوات المقبلة، هي لحاملي شهادات في الفلسفة والرياضيات.. والفلاسفة بصفة خاصة لأنهم، على حد تعبيره، "خير من يدعو إلى طرح الأسئلة في بيئة لا تبحث إلا عن أجوبة جاهزة..."!
التعليقات