منذ فترةٍ وجيزة، أشرفت على إعطاء دورةٍ تدريبيّة في مهارات اللّغة الانكليزية عن بعد وقد كان ذلك بحضور المشرِفة على البرنامج. كان حضور المنظّمين إحدى شروط العقد وهو أمر لم أستغربه إذ أنّ هذا التعاون الأوّل لنا وبالتّالي فمن حقهم متابعة سير الحصص للتأكّد من أنّ الأمور تسير على ما يُرام. ولكن ما أثار حفيظتي أنّني وجدّت أنّ حضورهم كان لمراقبة أدّق التفاصيل وهو ما أثّر على جودة أدائي نتيجة ترقّبي للحظة النقد وشعوري بالتقيّد بكل كلمةٍ وحرف تصدر منّي. ففي إحدى المرّات قيل لي "الرّجاء الابتعاد عن اللهجة اللبنانيّة أثناء الكلام" وفي مرّة أخرى كانت الملاحظة " الرّجاء الابتعاد عن اللون الأسود للثياب." لن أطيل عليكم ولكن كان هذا التعامل الأخير مع هذه الجهة.

بعد هذه الحادثة صرت أسأل نفسي ولكن كيف يُقال أنّ مراقبة أداء الموظفين تعمل على كشف مكامن الخطأ؟ فتذكّرت شركة مايكروسوفت والتي عملت على تطوير برنامج يعمل على قياس ضغط دم الموظّفين ومعدّل خفقان القلب وهو ما يمكّنهم من قياس درجة التوتّر لاتّخاذ الإجراءات المناسبة. ولكن، مهلًاّ فهذه أداة فعّالة لزيادة إنتاجية الموظفين ولتعزيز صحّتهم النفسيّة على خلاف ما تعرّضت له من مراقبة بهدف الاحباط.

إلّا أنّني وبالرغم من اعترافي بالإيجابيات المحدودة لهذه الطريقة، فلا زلتُ أعتبر أنّ مراقبة أداء الموظّفين يعمل على الحد من إبداعهم وانتاجيّتهم وهنا أريد منكم أن تتصوّروا السيناريو الآتي: لو أنّك تعمل وحدك بدون وجود أحد يراقبك، كيف يكون أدائك؟ ولو أنّك بنفس العمل ولكن مع وجود عيون تترقّبك على مدار السّاعة، كيف يكون أدائك؟ بالنسبة لي فإنّ جودة أدائي ستنخفض خاصّة أنّني من الأشخاص الذين يميلون إلى التحرّر من كثرة القيود .

والآن وبرأيكم، هل مراقبة الموظّفين خلال العمل تعمل على كشف مكامن الأخطاء؟ أم أنّها طريقة سلبيّة لإدارة الأداء؟