كثيرًا ما ألاحظ، في بيئات العمل والمجتمع، أن المرأة لا تبدأ من نقطة ثقة وإنما من نقطة شك. وكأن عليها، في كل موقف، أن تُثبت من جديد أنها تعرف ما تفعل، أنها تستحق وجودها في المكان، أنها جديرة بالفرصة.
الرجل، في المقابل، غالبًا ما يُفترض أنه كفء ما لم يُثبت العكس. بينما المرأة يجب أن تُثبت كفاءتها قبل أن تُعامل بجدية، وحتى حين تفعل، يظل الاعتراف بنجاحها مشروطًا ومؤجلًا. وهذا ليس كلامًا نظريًا، بل واقع يومي.
أتذكر صديقة لي تعمل في مجال الهندسة، كانت تقول إنها كل مرة تدخل اجتماع، تشعر وكأنها تمثل جنسًا بالكامل، لا نفسها فقط. أي خطأ بسيط تُحاسب عليه بشكل مضاعف، وكأن الخطأ تأكيد على شك مسبق، لا مجرد هفوة بشرية. بينما زملاؤها الرجال يُمنحون مساحة أوسع للتجربة والخطأ دون أن يُنتقص من احترامهم.
حتى في ريادة الأعمال، نجد أن النساء صاحبات الشركات الناشئة كثيرًا ما يُواجهن أسئلة من المستثمرين عن كيف سيتوازى العمل مع الحياة الأسرية، بينما لا تُطرح هذه الأسئلة على رواد الأعمال الرجال أصلًا. وكأن نجاح المرأة لا يُفترض به أن يكون مكتملًا ما لم تُبرّر كيف نالته.
حتى في الثقافة العامة، نرى أن نجاح المرأة يُحتفى به لكن بشيء من الانبهار: "واو، رغم كونها امرأة فعلت هذا!"، بينما نجاح الرجل يُرى كأمر طبيعي. وكأن النجاح بالنسبة للرجل استحقاق تلقائي، وبالنسبة للمرأة، معجزة موقتة يجب أن تُثبت صحتها كل مرة.
سؤالي هنا ليس هل تستطيع المرأة أن تنجح؟، فالتاريخ مليء بنماذج ناجحة. لكن السؤال الحقيقي لماذا يُطلب من المرأة أن تُبرر نجاحها في كل مرة، بينما يُكافأ الرجل بمجرد ظهوره؟
التعليقات