في أحد محاضرات مادة الفسيولوجي وهي علم وظائف الأعضاء، بدأ الأستاذ المحاضرة بقول "الفضيلة تقع بين رذيلتين" لم يفهم أحد منا قصده، وبدأ بشرح الضغط الشرياني والوريدي ورشق المصطلحات الكثيرة حتى أننا نسينا افتتاحية المحاضرة، فوصل في النهاية إلى معلومة أن الضغط الطبيعي للإنسان 120/80 إلى 139/89 وقال: أرأيتم إن الفضيلة تقع بين رذيلتين فإذا زادت القيمة عن المعدل الطبيعي أصبح لدينا ارتفاع، وإذا قلت القيمة عن المعدل الطبيعي أصبح لدينا انخفاض في ضغط الدم.

والجميل في الموضوع أن كل ما يتعلق بأجسامنا يحتكم لهذا المبدأ، فإذا نقص تحدث مشكلة وإذا زاد تحدث مشكلة كذلك، ولكن ماذا عن الحياة اليومية؟

يعد التوسط والاعتدال بحد ذاته فضيلة يدعى إليها طوال الوقت، ففي الإنفاق مثلاً إذا زاد عن حده يصبح إهدار وإذا نقص يصبح بخلًا، والصراحة الزائدة تصبح وقاحة و المجاملة الزائدة كذب، وقس على ذلك كل شيء، ولا تخلو محاضرة أو فيديو تحفيزي أو توعوي من الحث على التوازن و الاعتدال في كل أمور الحياة، لكن وعلى الجهة المقابلة البعض يرى الاعتدال من زاوية أخرى مضرة، فيقول الروائي والشاعر أوسكار وايلد:"الاعتدال أمر قاتل، لا شئ ينجح إلا بالإفراط" فهو أنه لكي تنجح في أمر ما عليك الإفراط في فعله أو التدرب والعمل عليه، ويرى الاعتدال عائقًا أمام النجاح، فبين أهمية الاعتدال والتوسط وأهمية النجاح هل ترون أن الاعتدال قد يكون عائقًا في وجه النجاح؟

وهل تعدون أنفسكم أشخاص وسطيين ومعتدليين أم أنكم تميلون للمبالغة في بعض الأمور أو مناحي الحياة؟