تتعدد الفلسفات ووجهات النظر التي تحث على الغفران، والعفو عن المسيء لنا، وتجاوز الزلات، وبين كل هذه الدعاوي التي نشأنا عليها تساءلت بعد تعرضي لإساءة وأذى كبيرين وعفوي وصفحي عن المسيء، هل حقًا غفرت للشخص الذي جلعني أعاني؟

سنجد بالطبع الكثير من المقولات ومقاطع الفيديو التي تحثنا على الغفران، سيقولون "نحن من نحتاج الغفران لا المسيء"، و"أن من لا يستطيع أن يغفر لا يستطيع أن يحب" حتى نبدأ بالشعور بالذنب لأننا غير قادرين على تجاوز الأذى، أضف إلى ذلك كل الجرح الذي كنت تعاني منه مسبقًا.

الغفران.. ليس أمرًا حقيقيًا هذا ما أقوله دائمًا، نحن نغفر الأشياء التي يعدها العُرف إساءة، تعلمت أن الشخص الذي سرق شطيرتي في الصف مذنب وعليه الاعتذار مني وعلي أن أغفر، أما الأشياء التي تسيء لنا حقًا، والتي تحقق أكبر مخاوفنا من الآخر فيها، الأمور التي تجرحنا عميقًا وإن كانت مجرد كلمة، لا نغفرها، لا أحد يغفر شيء مس روحه بسوء، كل التسامح والغفران الذي نمنحه ونمن على المسيئيين به، لا يمكنه اجتياز قشورنا حتى، نحن لانغفر الإساءات الحقيقية. 

إن مثل هذه الأفكار جعلتني أعيد صياغة مفهوم الغفران ومن يمكن أن يناله، فهل حقًا غفرنا لمن قدم إساءة جعلتنا نعاني ونتحطم؟

هل نحن حقًا بحاجة لأن نغفر ونسامح الآخر؟

هل قدرتنا على المسامحة تعرّف قدرتنا على الحب؟

كل هذه التساؤلات أضعها بين أيديكم لتجيبوا عليها بصدق في داخلكم وتشاركوني رأيكم.