سألتني الصديقة سهام سليم @Seham_Sleem في مساهمة منها حول موضوع جدلي لطالما كان مثارا ولا يزال لعدد من النقاشات حول طبيعة (الكتب) من زاوية طباعية، ومن زاوية حقوقية (الملكية الفكرية وحقوق النشر)، وهو: (انتشار النسخ غير الأصلية والمسروقة للكتب والروايات):
كما جاء في عنوان مساهمتها مع وعد منها بطرح مساهمة أخرى على حسوب حول موضوع متصل عن
حصلت مساهمتها على عشر نقاط -وهو أمر نادر على حسوب مؤخرا- وعدد جيد من الردود وفي مذيلتها دعوة لي أشكرها عليها للمساهمة برأيي، الذي لن يزيد سوى قليلا عن كونه مجرد تعليق على تعليقات الأساتذة الذين شاركوا في الموضوع. وتفنيد للآراء ليس من باب كوني خبيرا، بل من باب إني قارئ ومهتم بآراء القراء، خاصة وأن الكتب، تعد من أكثر المنتجات إتصالا بالعميل، لأنها تناسب تقريبا كل الأذواق -في مفهومها الأكثر عمومية وهو ما نتبينه في الآتي- الكتب ليست مثل الملابس والمنتجات الفاخرة، حيث يأتي خبيرا ليفرض رأيه علينا وأن هذا أرقى وهذا أدنى، مع أن ذلك، يحدث في الكتب، خاصة في الجوانب الطباعية وهذا مفهوم، ولكن أخشى أن يتطور الأمر لدرجة التدخل بشكل عصبي وسلطوي في ذائقة القارئ. ولأوضح أكثر، يشبه الأمر مقدمي المحتوى النقدي حول الطعام والمطاعم (فود بلوجر)، واحدة من أكثر المهام التي سأصلح لها، وقد كنت أحصل على عروض للتربح من ورائها منذ أكثر من عشر سنوات (قبل هذه الموجة الملسوعة)، ولكن رغم إني لا أفرض على أحد أن يفعل أو لا يفعل، إلا إني أشير إلى جانب هام. لما يتناول أحد طعاما، وهو شخص عادي من عامة الناس (ولفظة عامة الناس تشمل كل الناس في الطبيب يصبح من العامة إذا واجه قضية، والمحامي يصبح من العامة إذا واجه مرضا) فالفيصل هو التخصص، وأقصى ما يمكن لأحد أن يعطيه لنا هو طعم الطعام داخل فمه ومعدته. لكن يصعب أن تعطي تقييما حول طريقة الطهي ما لم تكن طاهيا، أو حول نظافة الطعام وسلامة الإجراءات المتبعة ما لم تكن لديك خبرة صحية في النشاطات الغذائية (مع ذلك قد أقوم بتقديم هذا النوع من المحتوى في ظل الضغوط المحيطة).
نرجع إلى الكتب، وقبل البدء، يلزم أن نعرف ما هو الكتاب -حسب تعريفي أنا
الكتاب: هو كل قالب حاوي لما هو مكتوب، بما في ذلك الوسائط الكتابية الغير مكتوبة (الشفاهية والصوتية والبصرية والتفاعلية)، متبنيا رؤية جاك دريدا حول كون الكتابة سابقة على القراءة (والتحدث والاستماع؛ الملكات الأربع عند العرب)، بشكل مقلوب، حيث عرّف الكتابة ذهنيا بغض النظر عن أصلها التاريخي، باعتبارها الأداة الأساسية في تنظيم المعنى، والكلمة هي اللبنة / البنية الأولية التي يتشكل منه هذا المعنى.
هذا يجعلنا قادرين على توسيع مفهوم الكتب، لتشمل الكتب الصوتية، والرقمية، والتفاعلية، والدفتر والكرّاس، والألعاب التعليمية الذكية، وحتى كورسات الفيديو التدريبية أو التعليمية، بل ومنتجات فنية صعب مثل ألبومات مصنوعة من رموز غير قابلة للاستبدال (NFT)، أو الأفلام الوثائقية!.
ولكننا سوف نلتزم هنا، بعنوان المساهمة (لماذا نشتري الكتاب؟)، لنسلط الضوء على أصل المشكلة التي تولد عنها نقاشات عديدة حول جدوى أو أزمة وجود الكتب المصّورة (بوصفها كتبا غير أصلية) بالرغم من أن الكتب المصّورة، لا تعني بالضرورة كونها كتبا غير أصلية.
الناس، في العالم، وعبر التاريخ، لا تشتري الكتب إلا لأحد إثنى عشر سببا رئيسا هو الآتي ذكرهم
1-نحن نشتري الكتب بدون أي شروط مسبقة
ذكر أحد المساهمين ثلاث أسباب أساسية في تعليل انتشار الكتب الغير أصلية (الكتب المضروبة)، متناولا ثلاث وجهات نظر تعكس خللا في جانب مختلف من جوانب المشكلة على حد تعبيرها: 1-ضعف الرقابة على المطابع والموزعين. 2-غياب الوعي المجتمعي بأهمية احترام الحقوق الفكرية. 3-ارتفاع أسعار النسخ الأصلية مما يغري البعض بالبحث عن البديل الأرخص. هذا تحليل ذكي، يتناول الجوانب الثلاثة من ثلاث مواقع مختلفة؛ القارئ، والكاتب، والناشر. استهلت تعليلها بإلقاء اللوم على الجهات الرقابية، التي تمثل دور قارئ لا حول له ولا قوة، وتحاول إنصافه، ولكن هل هنا هناك سؤالان ملحان؛ هل الجهات الرقابية على الكتب على قدر المستوى من الكفاءة، والإجابة هي لا بالطبع، انظر مثلا إلى جهاز حماية المستهلك وقارن بينه وبين شرطة المصنفات، تلك الأخيرة تفتقد أولا إلى الخبرة الفنية الكافية للتمييز بين عمل أصلي وآخر غير أصلي، هذه نقطة، ناهيك عن غياب ثقافي أو فهرسي تام لتوزيعة حقوق الملكية السارية (كلنا نعرف الآن أن ديوان تملك حقوق نشر كتب نجيب محفوظ ومصطفى محمود)، ولكن عناصر الشرطة المعنية بالتنفيذ في العادة تتكون من أمناء شرطة بل وضباط إما لا يعرفون الفرق بين كتاب مضروب وغير مضروب -وهذا صعب فعلا- وإما لا يهتمون. ضف على ذلك، الرشوة التي تمثل عنصر أساسي في تشغيل مثل هذه النشاطات، خاصة وأن دور النشر الرسمية، تدفع ضرائب للدولة، بينما مطابع بير السلم، صالحة لاستنزاف الأموال منها وامتصاصها، لأنها تمارس نشاطات غير شرعية أو في أحسن الأحوال نشاطات غير رسمية، والتي أتمنى من السيد الرئيس تسليط الضوء عليها (وعلى نشاط بيع الخردة والبالة والمواد القابلة لإعادة التدوير) ضمن مبادرته الكريمة لاحتواء عدد غير قليل من النشاطات الغير رسمية، والتي تمثل نسبة غير ضئيلة من اقتصاد مصر، وتدر أرباحا مليونية على أقل تقدير. هناك سبب ثالث لضعف الرقابة على المصنفات، وهي غياب أي تنسيق حول الحقوق. تقريبا شرطة المصنفات لا تدري من تحمي: القارئ، أم الكاتب، أم الناشر؟.
وهذا ينقلنا إلى التعليل الثاني -وأنا بالطبع أتفق مع كل الأسباب، لا أنقد هنا، بل أقوم بالتحليل- وهو: (غياب الوعي المجتمعي بأهمية احترام الحقوق الفكرية)، ينتقل من إدانة الجهات المؤسسية الكبرى والتي لديها صلاحيات رقابية بل وتنفيذية، إلى إدانة مؤسسة المجتمع بذاته، وليس الفرد. ولكن الحديث عن الجميع، يوقعنا في معضلة من يلوم من؟. أنا دائما أتحدث عن نفسي، وللأسف سلوك مثل المقاطعة لا يسير وفق ملامة المجتمع، بل يُفضل فيه أن يمارسه كل فرد على حدة، أنا أكره السجائر وأدعو لأن يتوقف عنها الجميع، لكني كنت أبيعها في فترة من الفترات، ولا أمانع أن استمر في بيعها. القصد هنا، أن السلوك المجتمعي، في الأصل، نابع من الفرد. لكن في سلوك مثل المقاطعة، قد لا يحدث المراد إلا لو اجتمع الجميع معا، أو عدد كافي من الناس لإحداث الأثر المطلوب، هو سلوك سلبي يراد به إيقاع الضرر على شركات بعينها من أجل هدف نبيل (دعم أشقائنا الذين يعانون في المشرق والمغرب). لكن في القراءة، يمكن التركيز على مصلحة الفرد، وبالتالي يسهل تعميم السلوك على مجتمع. لهذا أنا ركزت في مقالتي هذه على الوجهة النهائية لمنتج ثقافي مثل (الكتاب)، وهو القارئ. غياب الوعي دائما تصلح كجملة رنانة وعبارة لائمة ولئيمة لإدانة القارئ بها. ولكن القارئ يهمه مصلحته، خاصة في فعل نبيل مثل القراءة. أنا لما كنت أجوع في العادة أرفض أن أصعب على أحد ويقدم لي لقمة لأتناولها. لكني لا أرفض أن يهديني أحد كتابا. ذات مرة، قام زميل لي، بتفتيش حقيبتي أثناء خدمتي في الجيش (ترك الهاتف والمال والطعام، وسرق كل الكتب). لم أعرف من هو، ولكني سعيد بفعله. القارئ هنا يمارس سلوكا نبيلا ولا يهمه مصلحته، خاصة وأن التغليب على مصلحته الشخصية لا يأتي بالنفعل إلا على جهات مشكوك في نزاهتها أصلا!.
الناشر اليوم، في مصر، وبعض الدول العربية، يحمل الكاتب تكاليف نشر الكتاب من الناحية المالية والتسويقية، وفي أحسن الأحوال يستغله لمدة عدد من السنوات دون إعطائه أي حقوق مالية أو يتكرم عليه بمبلغ رمزي جدا. بل وعند انتهاء العقد لا يوجد أي ضمانات أنه سوف يتوقف عن طباعة المزيد من الكتب ويوزعها بحجة أنها لا يزال يبيع من المخزون القديم (مع أنه يحاسب الكاتب على عدد محدود جدا من النسخ)، ولكن الناشر نفسه، تقريبا معفي من أي رقابة (حرفيا). فلا يوجد رقابة عليه عند التوزيع، ولا عند التعاقد مع الكاتب. وذلك بفضل تسهيلات الدولة في مصر، وتعمل دور النشر على استغلال هذه التسهيلات لأقصى درجة.
صديقي العزيز رافاييل لايساندر يترك بصمته في الموضوع عبر مقالة تهكمية بعنوان: السارق ممتعض من تعرضه للسرقة!.
ناهيك عن النزاع على حقوق الملكية، والترجمة، ونشر ترجمات وكتابة اسم مترجم غير المترجم الأصلي، خاصة بعد صدور الترجمة الأولى لأي نصر (وفجأة تلاقي الكل يقدمون ترجماتهم!). في الواقع، يمكنني أن أعطيكم مجلدات فيه توثيثقات مباشرة وقعت عليها بنفسي تخص مختلف دور النشر وأغلبهم.
أي وعي يُطالب به القارئ في ظل غياب وعي تام من الناشر، وأكبر دليل على ذلك، أن مهنة الناشر مربحة جدا، وهي من المهن التي لا أزال أمتنع عنها، مع أن عدد كثير يطالبوني بأن أنشر لهم مقابل أن يدفعوا لي!!. الألعن أن اتهم بالنصب والاحتيال ويتم إغلاق موقعي بسبب حملات تشهيرية ممنهجة (لكن ذلك لا يمنع أن هناك قراء وعملاء فعلا وقع عليهم ضرر لتأخر تسليم الطلبيات لهم) أنا أستحق ذلك، وأحاول أن أبدأ بداية جديدة (وكل المدفوعات موثقة عندي في أكثر من مكان، ما يعني عدم ضياع الحقوق). الناشر يتربح، وهو مجرد وسيط، لكن انظر إلى الكاتب، مهنة الكتابة، وبشهادة الجميع (الناشرين، والكتاب، والصحافيين، والنقابات) هي واحدة من أفقر المهن في مصر والعالم العربي، رغم أن الكتب تدر أرباحا بدرجات متفاوتة على (الناشرين، والموزيعين، والمسوقين، والمصممين، وحتى المحررين، والعاملين في الطباعة!). بينما الكاتب بطة أو دجاجة مذبوحة، رغم أنه المصدر الأصلي لكل هذه الأرباح الفلكية.
وهذا يرجعنا إلى مبادرة سهام سليم التي استهلتها بالعبارة:
بأوراق خفيفة، طباعة باهتة وربما بعض الكلمات المفقودة هنا وهناك أصبحت أرى عددًا من الكتب أو الروايات بهذا الشكل.
في واقع الأمر، هذا مرجعه إلى أمرين؛ الأول بعض الكتب فعلا تكون جودتها سيئة جدا لأقصى درجة، هذه لا خلاف عليها، هذا منتج سيء بل وغير صالح للاستعمال (أي لا يمكن قرائته)، والأمر الثاني حيث يرجع إلى دعاية من دور النشر، ومن عدد من الكتاب (اللي واخدين حقهم شوية) مثل أحمد مراد أو طارق عز (الذي خصص أكثر من حلقة على قناته كوكب الكتب لهذا الموضوع)، وطارق عز هذا، حاولت أن أكسبه صديقا فلم أنجح، هو شخص متذاكي لكنه فعلا ذكي، مختلف معه في الكثير من الجوانب النقدية، منها منهجه هو في النقد، لكنه يقدم طرحا جيدا وإن كان فيه بعض التعالي، وقناته هي الأفضل في مصر حاليا فيما يتعلق بالكتب، وهو محترم، ومتواضع، يرحب بالجميع (ولا تناقض هنا فالإنسان كائن مركب). بالنسبة للكاتب الذي حظه قليل من سوق النشر، يسرّه جدا أن يحصل أي قارئ على كتابه. بينما الكاتب الذي يحارب ذلك، هو يقول ببساطة، ويعلنها، أنه امتهن الكتابة كمهنة، يريد عائد مادي من ورائها، وهذا ليس عيبا، فحتى العلماء (ورثة الأنبياء) يتربحون من علمهم، ويمتهنون من تخصصاتهم. العيب أن تنساق لإتجاه واحد وغير عادل، وللأسف، حتى أحمد خالد توفيق، كان يتهم القارئ بأنه (يذبح الدجاجة التي تبيض بيضا أو ذهبا أو أيا يكن). في الواقع، الناشر هو من يذبح، أو لنقل يمتص دماء الكاتب والقارئ معا. أقول ذلك، من موقع الناشر، وأنا نفسي لم أمانع، الحصول على المال والمزيد من المال أثناء تجارتي للكتب (لكني كنت أخسرها في مبادرات كريمة، وفي نفقاتي أيضا).
هذه الدعاية الزائفة، تحاول أن تفعل ما يفعله مقدم المحتوى المرئي حول المال والأعمال، ويقول لك الشهادة لن تفيد، والوظيفة لن تفيد، خذ الكورس ده، وراح تكسب كذا وكذا. حتى هذا نوع من الكذب والاحتيال، وكنت أستطيع ممارسته بسهولة، ولكن لا أجد نفسي أهلا لأن أزعم، أنك قد تتعلم مني كسب المال، بالرغم من إني أكسب المال بالفعل، وبنيت نفسي حين كان الوصول للصفر طموح كبير (هناك كنت تحت الصفر، القعر هناك، وأنا أسفله). لكن كان نفسي أحصل على شهادة، ولم يسعني الوقت ولا الظروف. وأغلب مقدمي المحتوى هؤلاء، اغتنوا على غباء متابيعيهم وأصلهم فقراء.
لازلت احتفظ بنفس ثيابي الرثة، وأحاول أن أبطئ قدر الإمكان من عملية ترميم شقتي ومكتبتي
حتى أن الكاميرا سيئة (سوف أقلب كل ذلك لاحقا)
بنفس منطق بديل الدخان، مثل الفيبر وغيره، يروج الجميع بأنها بدائل صحية، أو أن الطائرات هي الأكثر أمانا (وهذا غير صحيح، حتى من الناحية الإحصائية) يحاولون التقليل من شأن الكتب المصورة، بل وتحريمها وتجريمها، مع أن التشريع المصري غير واضح تماما في الفصل بين ما هو مجرم وما هو غير مجرم في هذه المسائل. وسوف أعرض لكم أحوال
المصورات تشمل ثلاث حالات رائجة للكتب؛ الأولى حيث يتم تصويرها وطرحها رقميا بصيغ بي دي إف (وهي الأكثر شهرة، وتسمى كتبا مقرصنة)، أو بصيغة الكيندل أو خلاف ذلك. وقد أشارت الصديقة سلوى لهذه المستوى من الكتب المضروبة.
عن مكتبات المصورات على تيلجرام
والثغرة القانونية هنا تتمثل في نقطتين: 1-مواقع موثوقة مثل أرشيف الإنترنت، لا يوجد أي تجريم في استعمال وتداول الكتب المحملة من عليها، للأسف، الموقع أجنبي، ما يعني أنه غير متصل إطلاقا بما يجوز رفعه ولا يجوز رفعه من الكتب والنصوص العربية على أرشيفه (إلا إذا تم تقديم بلاغ). والبلاغات غير مجدية بعد، قمت بدفع صفحتي وموقعي في سلوك استفزازي لأقصى درجة، فقط لأعرف قدر ما أحتاجه من بلاغات لبدء اتخاذ إجراء ضدي، وقد أشرت إلى ذلك أكثر من مرة من قبل (الحمد لله، تم إتخاذ إجراء ضدي وإغلاق موقعي في وضع صعب للغاية!) ولكن أتحدث هنا عن اتهامات بالنصب والاحتيال من داخل وخارج مصر!. والاتهامات كثيرة جدا (بالإضافة إلى حملات التشهير). فما بالك بنصوص، مجرد نصوص متاحة للعامة على الإنترنت. وقديما كان يُقال، بأن ما يُرفع على الإنترنت لا يمكن إزالته (وهذا لم يعد صحيحا للأسف، والإنترنت لم يعد شبكي، بل أقرب إلى المركزي).
الثغرة القانونية الثانية هي وضع لاقتة تقول: (إذا كانت هناك مشكلة على حقوق النشر والملكية يرجى إبلاغنا)، هنا كل ما يطلبه هو فقط بلاغ لمقدم الخدمة أو الموقع، وهو يعدك أن يقوم بحذف الكتاب أو المنتج، لكن هيهات أن ينتبه أحد وسط هذا التدفق الهائل من آلالف وملايين النصوص على عشرات أو مئات المواقع العربية. مكتبة نور كانت تنشر الكتب المصورة (رقميا)، بدون هوادة، ثم صارت أكثر إلتزاما، وتجد أغلب العناوي لديها غير متاحة (أقوم بالتحمل من أماكن أخرى مثل فولة بوك وقنوات التيلجرام)، خاصة وأنها مرهقة جدا في تحميلها وإعلاناتها وطلبات إشتراكها. مؤسسة هنداوي عاملة شغل حلو أوي ومراعاة كاملة لجميع حقوق النشر التي تخص كل الكتب المنشورة عليها -أحاول التعلم منها في مكتبة القاهرة- وتدقيق لكل كتاب منشور. عرب كوميكس صنع مجتمع مغلق ولكنه منفتح من الداخل على الآراء ومراجعة لكل كتاب أو نص منشور.
كان هناك ثغرة ثالثة في ذهني لكني نسيتها أثناء الكتابة.
ثم هناك المصورات حيث تصوير الكتب لطباعتها، الثغرة القانونية الأولى هي نشر نصوص مترجة مع تغيير أسماء المترجمين، وكانت هناك واقعة شهيرة بين المترجم هشام فهي، ودار الشرق، التي لا يزال يباع بعض إصدارات من الهوبيت، على أنها إصدار أصلي، وقد حاول هشام فهمي مقاضاتهم وشن حملة تشهير موسعة، كان هذا منذ سنوات، لا أعرف هل نجح أم لا. أعرف هشام شخصي، وعلى صعيد شخصي أعرف أصحاب دار الشرق.
الثغرة القانونية الثانية هي (نحن نطبع لك)، هنا تتحول الجهة المنفذة من بائع لمنتج، إلى مقدم خدمة، العميل يرسل له كتابا، وتقوم المطبعة بطباعتها، وقد عُرض عليّ الشراكة أكثر من مرة، ومع ناس معلمين وكبار ومعاهم سيولة مليونية، وأيضا مع شباب صغار ورأس مال يبدأ من مائة ألف، واختلفنا لأنني دائما أطالب بالتوثيق والإلتزام القانوني. خدمة الطباعة حسب الطلب، أنا أيضا أقوم بتقديمها ولكن بشكل جانبي أو ثانوي ولم أركز عليها بعد. هذه الخدمة تزيح المسؤولية عن المطبعة، وتحمّلها على القارئ أو العميل، وبالطبع، السلطات لن تطارد القراء وتترك جهات النشر والطباعة. خاصة وأنها مجرد حجة، ففي الواقع، يتم نسخ كل الكتب، بما في ذلك الكتب المدرسية تحت مسمى (طباعة حسب الطلب) أو ملخصات أو مرتجعات. وهي مسميات عادة تكون كاذبة، وأعرف مطابع تحتفظ بنسخ من الكتب لطباعتها وإعادة طباعتها، ما يعني تحول النشاط إلى خطوط إنتاج وليس طباعة حسب الطلب.
الثغرة القانونية الثالثة، هي التخصص في طباعة الكتب باللغة الإنجليزية ولغات أجنبية أخرى، لأن الرقابة مصدرها وقوع الضرر على الرقيب، الناشر هو من يحاول حث الرقابة على أداء دورها، ولما ضعفت قبضته انتشرت مطابع بير السلم، لكن لا يزال للناشر الحقيقي سطوته، وهو متصل ما يتم نشره وتوزيعه. أما الناشر الغربي أو الأجنبي، فهو بعيد، بعيد جدا، لهذا تجد الطبعات الأجنبية رائجة للمانجا اليابانية أو نصوصا الإنجليزية، ولا يلتفت الناشر في العادة إلا إلى الترجمة (لأن الترجمة هو نقل حضاري وتجاري على مستوى ضخم جدا).
النمط الثالث الرائج من المصورّات، هو التصوير والطباعة الفنية، يشمل ذلك تصميم وطباعة أغلفة الكتب، عرب كوميكس المتخصصة في طباعة الكتب المصورّة (يعني كوميكس ومانجا، أو داخلها صور ورسومات)، وكايرو بوليتان، والمطابع التي تعمل على تصوير فني حسب الطلب وتحدد لك نوع الورق والغلاف ولون الحبر ويمكنها عمل الكثير من الأشياء الأخرى، وتلعب على ثغرة قانونية حول ضياع حقوق الملكية للكتاب القدامى، أو تبتكر وتبدع بنفسها.
مساهمة لي عن: المصورات
وعودة إلى البند الأول، القارئ يشتري الكتاب، لأنه فقط يريد أن يقرأه، لا يريد أن يشغل نفسه بكل هذه القصة و(الدوشة) التي تعنيه بأي حال من الأحوال (أو على الأقل هذا هو الوضع بالنسبة إلى شريحة لا يستهان بها من القراء). هنا يكون الحافظ هو الراحة، أنا عايز الكتاب والسلام!. لا أريد أن أتعب نفسي.
ملا حظة: أنا من الكتّاب الذين لا يمانعون سرقة أعمالهم ماديا، وليس فكريا، يعني لا ضرر أن لا يعود عليّ الربح، ولكن الضرر أن لا ينسب الفضل لي، لهذا أكره الكتابة الشبحية (التي كنت نسيتها وذكرتني بها الصديقة إيريني نبيل @ErinyNabil ).
وملاحظة أخرى: المكتبات التي ذهبت لها سهام، هي إما أسوار الأزبكية، أو مفارش على الرصيف، أو مكتبات مجهولة في الضواحي والأحياء الشعبية وعند الجامعات. لكن هناك مكتبات فعلية ورسمية لا تتاجر بالكتب المصورة.
ولكن هناك أحوال أخرى، قد يشتري فيها القارئ الكتاب مصورّا، كما سنوضح في الآتي.
التعليقات