مرحبًا يا أصدقاء!
"الحضارة لا تتقدم بوجود الأشخاص العمليين الجادين، إنما تتقدم بوجود الأشخاص الكسالى الذين يفكرون بطريقة مختلفة" هادي فقيهي
مثيرة للإهتمام هذه المقولة، ما رأيكم أنتم، هل تتفقون معها أم تختلفون؟
للوهلة الأولى نظن أن المقولة صحيحة خاصة عندما نرى أشخاص حالفهم الحظ واستطاعوا تكوين ثروة كبيرة جدًا بمجرد ابتكار فكرة جديدة وتطبيقها على أرض الواقع، ولكن بالرغم من ذلك إلا أن الكسل لن يؤدي دومًا إلى النجاح حتى بوجود فكرة مميزة، فلا بد من السعي لتطبيق الفكرة وتطويرها، أما الأشخاص الكسالى الذين يفكرون بطريقة مختلفة فلا أعتقد أنهم سيستمرون على النجاح.
المقصد من المقولة كما فهمت ليس أن الكسول هو بالضرورة لا يعمل أبدًا، ولكن هو كالفرق بين المنتج والمبدع، وهذه فكرة طرحها أحد رواد الأعمال الشباب يدعى سيف المنجي، حيث قال أن الأشخاص ينقسمون إلى نوعين، المنتجين الذي يعملون بجد ويقدمون العمل كما طلب منهم بأسرع وقت، والمبدعين الذي قد يتأخرون في تسليم العمل ولكن هذا التأخير يتيح لهم فرصة أكبر للإبداع وتقديم نتيجة فريدة وإبداعية.
ضعي نفسك في مكان صاحب مشروع عمل حر، هل تفضلين شخص منتج أم مبدع يسلم العمل في اللحظة الأخيرة؟
هم ليسوا كسالى أصلاً، عدم تحركهم وعملهم لا يعني أنهم كسالى، عندي صديق من هذه النوعية، هو عاطل عن العمل ولكنه يخرج بأفكار رهيبة، عقله لا يتوقف لحظة ولكن زاهد بنفسه من حيث العمل ويرفض فرص كثيرة، أعتقد أنه يصل لمرحلة تصبح فيها الأنا عنده والمعلومات التي لديه أعلى من الوظائف فيزهق منها ويبتعد على عكس المنتجين الآخرين
هم يرفضون أن يكونوا آلات تقليدية، تقوم بالعمل من الألف إلى الياء في الوقت المناسب، هذا النوع من الأشخاص موجودين بكثرة، يرفضون عمل المكاتب ذو الوصف الوظيفي الصريح، ويفضلون القيام بأمور إبداعية أكثر ومختلفة تكسر الرتابة ولكن هذا من منظورهم، أمام المجتمع والآخرين يبدون كسالى من الخارج، ولذلك استخدام وصف الكسالى هنا أجدى لمخاطبة المجتمع الذي لا يتوقف عن وصف هؤلاء المبدعين بالكسالى، بمعنى أن هؤلاء الكسالى هم من يبنون الحضارة وليس أنتم!
برأيك كيف يمكن أن نحقق هذا التفاهم بين الشخص المبدع وأسرته ومجتمعه؟ لأن الكثير من هؤلاء يظلون يُنعتون بالفشلة والعاطلين وقد يتعرضون لضغوط من الأسرة تعرقل مسيرتهم الإبداعية.
من يفكر بطريقة مختلفة ليس كسول والمقولة التي تقول هذا بكل تأكيد هي مأخوذة من سياق ما وبالتالي لا يمكن الحكم عليها بشكل كامل، تماما مثل قصة سباق الأرنب والسلحفاة التي يكون معناها النهائي ركز على هدفك ولا تتشتت لما حولك حتى لو كنت بطيئا! فلو توقف الأرنب عن حلة التشتت لفاز بالسباق بكل سهولة وفي أسرع وقت ممكن، وبشكل عام أصحاب التفكير المختلف هم صانعوا الحضارة بالتأكيد وليس بالكسل ولكن بالكد والعمل الذكي الذي يوفر عليهم الكثير من الجهد مقارنة بمن يفكرون داخل الصندوق.
ربما ليس كسول هو بطيء ومتأنٍ، يأخذ كامل وقته في تحفيز التفكير الإبداعي والقدوم بحل مختلف وذكي، ولكنه سيظل كسول بنظر المجتمع، لنأخذ مثالًا الطالب الجامعي، هناك من يسلم المشروع قبل الوقت ومطبقًا لكل ما طلبه الدكتور، وهناك من يسلم المشروع في الدقيقة الأخيرة من موعد التسليم، ويكون إبداعيًا بشكل مختلف، ورغم ذلك سيصفه الدكتور بالكسول أمام زملائه لأنه تأخر!
هذه المقولة تستفز التفكير بالفعل. صحيح أن الأشخاص الذين يفكرون بطريقة غير تقليدية قد يسهمون في تقدم الحضارة، ولكن لا يمكننا أن نغفل دور الأشخاص العمليين الجادين. فبدون الجهد المستمر والانضباط، قد لا تتحول الأفكار المبتكرة إلى إنجازات فعلية. الإبداع والابتكار يحتاجان إلى توازن بين التفكير المختلف والعمل الجاد لتحقيق التقدم الحقيقي. وفقًا لإحصائيات من تقرير الابتكار العالمي، الدول التي توازن بين الابتكار والعمل الجاد، مثل السويد وسويسرا، تتصدر قائمة الدول الأكثر تقدمًا. لذا، ربما يكون السر في الجمع بين الاثنين! ما رأيكم؟
أعتقد أنه لا يمكن الفصل بين الابتكار والعمل الجاد لتحقيق التوازن في العمل بصفة عامة، فإن أخذنا الصناعات الدقيقة والتقنية كمثال مثلًا نجد أفكارًا مبتكرة لكن منفذوها على أرض الواقع ليسوا المبدعين أصحاب الفكرة ولكن أشخاص ذوي خبرة تم توجيههم لتنفيذ تلك الأفكار والمخططات لتصبح حقيقة مثلًا الطائرات والصواريخ وغيرها لن تصبح حقيقة بمجرد فكرة.
ماذا لو قلت أن الكسالى المبدعون هم من يتسببون بتقدم الحضارة، بينما المجدين والعمليين يحافظون على هذا التقدم قائماً، هل هكذا أفضل؟
هذه مقولة قالها شخص ينظر للواقع بعين بها مشكلة وضعف! فلولا أصحاب النشاط والعاملين بجد لما تم تنفيذ هذه الأفكار من الأساس ولظلت أفكار على ورق فقط، والكسالى لو عجزوا عن التفكير فلا قيمة لهم، أما العاملين بجد فلا يمكن أن تنتهي قيمتهم.
ولكن هؤلاء الكسالى هم من يقفون وراء القفزة الأولى، بمعنى لو اقتصر المجتمع على العاملين المنتجين فقط، فستسير الحياة والأعمال على رتم واحد، لن يتغير شيء، سنحقق نفس النتائج كل عام بنفس الآداء وهو ليس سيئًا، ولكن لولا الكسول لما حصل التغيير والإختراع هذا المقصد يعني.
إذا نقول أن أصحاب الأفكار وأصحاب القدرة العملية والمجهود يكمل بعضهم الآخر، فلا نهمل دور أو قيمة أحد؛ فبذلك ننظر لأصحاب القدرة والطاقة البدنية نظرة العبودية كما كان ينظر فلاسفة اليونان.
أختلف مع فكرة أنهم كسالى. غالب أصحاب التفكير المختلف يبذلون مجهودا ذهنيا كبيرا، وهو ما يتطلب تفريغ الذهن باستمرار لتخفيف الضغط، وإراحة الجسد ليتمكن من احتمال فترات التفكير المتواصل في نفس الشيء، وربطه بغيره. وهو ما يبدو للناس ظاهريا بأنه كسل. الانسحاب من الخارج إلى الداخل لتحليل ما ينعكس، وما تم جمعه، وقراءته، والاطلاع عليه يتطلب وقتا؛ وهو لا يأتي بطريق الصدفة ولا الحظ كما يعتقد غالبية الناس.
بالطبع لا أتفق معع هذه الجملة لأن ديننا الحنيف يرجو لنا الخير والنجاح والحضارات يتم بناءها بالعمل الجاد والجهد المستمر والدين الحنيف قال لنا النبي ص أن ندعو "اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال"
لكن قد نقول أن أفضل الإختراعات العظيمة تم إختراعها بسبب شخص كسول لكن الشخص الكسول مستحيل أن يخترع شئ.
لكن قد نقول أن أفضل الإختراعات العظيمة تم إختراعها بسبب شخص كسول لكن الشخص الكسول مستحيل أن يخترع شئ.
ولكن إذا اختفى السبب.. اختفت النتيجة أليس كذلك؟
"الحضارة لا تتقدم بوجود الأشخاص العمليين الجادين
لا يمكن إنكار إسهامات هؤلاء في المجمل، فالنفي هنا مخالف تمامًا للواقع، فما تم ويتم من إنجازات تعتمد في الأساس على الجادين في العمل، كما أنه ليس بالضرورة أن يتصف المبدعين أصحاب الفكر المبتكر بالكسل، فلابد أن أفكارهم هي نتيجة العمل الجاد والقراءة وتحصيل العلم.
يبدو في هذه المقولة، أن التعبير لم يكن موفقا في طرح الفكرة وشرحها بدقة ووضوح، فلا يمكن أبدا أن تتقدم حضارة بالكسالى.
أرى أن " الكسالى" يقصد بها هنا الكسالى عن المجهود العضلي، مقابل المجهود الذهني الذي يرتكز عليه الإبداع والابتكار، والمبدعون لا يتوقفون عن التفكير خارج الصندوق، والتحليل والتجريب، مما يمكنهم من اكتشاف حلول وطرق جديدة لم يتوصل أحد إليها من قبل.
أما الحضارة فتتقدم بوجود الأشخاص العمليين الجادين، ووجود المبدعين المبتكرين، فلا غنى عن الاثنين، إذ يمثلان هنا وجهين لعملة واحدة.
المقصود هنا بالكسالى هم الأذكياء عقليًا ولكن لا يمرون بنفس الأساليب الروتينة التي يعتبرها البعض نهجًا أساسيًا للوصول إلى النجاح، قرأت مسبقًا هذا التعريف في سياق أن الجادين هم (Hard workers)، والكسالى (بالنسبة إلى الجادين كمعنى) هم ال (Smart workers) وعليه نرى الفرق بينهما في طريقة حل المشكلات، الخروج من تحليل البيانات بأفكار ابتكارية، وعليها تُوضع استراتيجيات برؤى مختلفة. في رأيي الحضارات تحتاج لتواجد النموذجين معًا لتحقيق أفضل نتيجة، فلكل منهما نهج مطلوب سواءً في الحياة الاجتماعية او العملية.
التعليقات