هناك أناس ما كانوا ليصيروا عاشقين أبدًا، لولا أنهم سمعوا من يتكلم عن العشق!!

الإنسان انعكاس لكلماته، وطريقة تعبيره عن مشاعره غالبًا ما تكون انعكاسًا لما يعيشه—سواء كان ذلك حربًا يخوضها أو سلامًا لا يريد فقدانه. ومن منظور علمي، كمتخصص في الكيمياء، أعلم أن إعادة التجربة بنفس الظروف والمعطيات لا تعني بالضرورة الحصول على النتيجة ذاتها.

على سبيل المثال، أثناء محاولتنا تصنيع مادة تُستخدم في تنقية المياه، كان الدكتور المشرف يصف كل تفصيلة بدقة، معتقدًا أن الالتزام الحرفي بالخطوات سيؤدي إلى النتيجة المتوقعة. ولكن، وعلى عكس ما هو مفترض، لم تنجح التجربة، لأن بعض التفاصيل الصغيرة لم تُذكر، رغم بساطتها، إلا أنها غيّرت النتيجة بالكامل.

وإذا أسقطنا هذا الأمر على الحب، نجد أنه خليط معقد بين العوامل الاجتماعية والتجربة الشخصية. قد يتأثر الإنسان بالبيئة المحيطة به، وقد ينجرف مع التيار العاطفي السائد، لكن هناك تفاصيل داخلية لا يمكن محاكاتها أو استنساخها. قد يُهيَّأ لنا أن الحب عدوى اجتماعية، لكن في جوهره، هو تجربة فردية تتشكل بفعل تفاصيل لا يراها الآخرون—مثل الصبر، والتقبل، والتضحيات غير المرئية.

أرجح رأي أنه مشاعر ذاتية خالصة، بالطبع القوالب المجتمعية تجعل من "العشق" مواصفات خاصة وأحيانًا أوهام ومشقات، فيعتقد بعضهم أنه ما زال منتظرًا ذلك الحب الواهم غير المشروط الذي سيغرقه بالمشاعر ويحيل حياته إلى جنة وورود وفراشات داخلية. ولكن الحب فعلًا هو مشاعر ذاتية يختبرها الفرد وأحيانًا تكون مفاجئة وتجاه شخصيات لم تكن ضمن توقعاته، ولذلك "الشعور" لا يمكن السيطرة عليه بقدر الأفعال، والحب نفسه تجربة مميزة لا يجوز اعتبارها مجرد عدوى اجتماعية، فهي في صميم النفس البشرية، وضمن فطرة الإنسان. يمكن أن ننظر إلى طرق التعبير عند الأطفال عن الحب والتعلق وسنجد أنها مشاعر ذاتية ولا يمكن إيجاد منطق لها.

ليست عدوى بل أرى أن حديث العاشق عن عشقه لمستمع ما قد يسير هذه الحاجة في نفس المستمع لغرض ما مثل الحاجة لوجود حبيب أو ونيس أو..... وهنا يندفع المستمع للبحث عن علاقة تسمح له بتذوق ما كان يسمع عنه

الحب ليس مجرد عدوى اجتماعية، لكنه أيضاً ليس شعوراً ذاتياً خالصاً. المشاعر تنشأ من الداخل، لكنها تتأثر بالمحيط والتجارب والأفكار التي يزرعها المجتمع عن الحب. قد يدفع الحديث عن الحب شخصاً إلى التفكير فيه أو تجربته، لكن ما يشعر به في النهاية يظل تجربة خاصة لا تتطابق مع أي شخص آخر

الحب مزيج من الاثنين؛ فهو ليس عدوى اجتماعية بحتة ولا شعورًا ذاتيًا خالصًا. العوامل الخارجية، مثل حديث الناس عن الحب أو الإعجاب بشخص بناءً على رأي الآخرين، قد تثير الاهتمام أو الفضول، لكنها لا تصنع حبًا حقيقيًا. في المقابل، هناك جانب ذاتي وعميق للحب، حيث ينجذب الإنسان لشخص ما لأسباب خاصة لا يفهمها أحد غيره.

قد يبدأ الحب أحيانًا كتأثر بالمحيط، لكنه لا يستمر إلا إذا وجد صدى داخليًا حقيقيًا. بمعنى آخر، يمكن أن تدفعنا البيئة نحو شخص معين، لكن البقاء معه يعتمد على ما نشعر به نحن وليس ما يقوله الآخرون.

عمليا هو الاثنين معا. ما آراه اليوم من سرعة في الارتباط والمضي قدما من علاقة لأخرى يؤيد فكرة أن الناس يحبون فكرة الحب نفسه وليس شخص بعينه ولهذا هم في حالة بحث واستعداد دائم لأي علاقة لمجرد أن يعيشوا حالة الحب ويبقوا فيها، ولكن هذا لا يمنع من وجود أشخاص يؤمنوا بالحب فقط بسبب شخص واحد فقط قابلوه، أي الحب لديهم شعور داخلي مميز لا يحدث إلا بشروط ومعايير خاصة بهم تجعلهم يرغبون في عطاء واستقبال الحب من طرف محدد وليس سواه.

هل تظن أن الحب يمكن اختزاله إلى نظريات مُخْتَزَلة كـ"عدوى اجتماعية" أو "شعور ذاتي"،؟ اذا كانت اجابتك بنعم . فـ إما انك جاهل بطبائع البشر أو لم تُحب قط!.

اولا لـ لاروشفوكو المتهوِّس: إذا كان الحب مجرد "تقليد" لثرثرة الآخرين، فكيف تفسر الحب من نظرة أولى؟ هل العينان تسمعان أحاديث الناس؟! تخلط بين الفضول العاطفي والحب وكأنه طفل يلعب بدمى!..

وقول روسو المُهووس: إن الرجل "يُحب امرأة لأن الآخرين يريدونها" يُشبه تبريرًا لسلوك القطيع! هل البشر كلاب تَتْبَعُ رائحة بعضها؟! هذا ليس حبًا، بل نَهَمٌ جنسي مُقَنَّع بلفظ أنيق!

أما عن أوسكار المُتَنَظِّر: "أغنية لا يسمعها سواك"؟! هذا كلام يُناسب مُسلسلات المراهقين، لا واقعًا تطحن فيه الخيباتُ القلوبَ! الحب ليس لحنًا سحريًا، بل معركة يومية مع الأنانية والصراعات!

أما جوابي عن سؤالك هل الحب عدوى أم شعور ذاتي؟ هذا سؤأل غريب وكأن الحياة مختبر تُجارب! الحب فوض لا تُحلل بنظريات ميتة، أما أنت فتُشبه عالِمًا يُحاول قياس النار بمِسطرة!

اتمني أن نتوقَّف عن قراءة خُرافات الفلاسفة العاطفيين، ونخرج إلى العالم الحقيقي حيث الحب يُبنى بالتضحيات، لا بالكلام الفارغ!

وجهات نظر مثيرة للاهتمام! الحب موضوع معقد ومعانيه تختلف من شخص لآخر. إليك تحليل بسيط لآراء كل من دو لاروشفوكو، جان جاك روسو، وأوسكار وايلد:

1. **دو لاروشفوكو**:

  - يرى أن الحب عدوى اجتماعية، يتأثر الإنسان فيها بحديث الآخرين وتجاربهم.

  - هنا يتضح أن الحب يمكن أن يكون نتيجة للتأثيرات الخارجية والمحاكاة.

2. **جان جاك روسو**:

  - يتفق جزئيًا مع دو لاروشفوكو بأن الحديث عن مميزات شخص ما قد يجذب الآخرين إليه، لشعورهم بأنه مرغوب.

  - هذا يعزز فكرة أن الحب يمكن أن يكون متأثرًا بالعوامل الاجتماعية.

3. **أوسكار وايلد**:

  - يرى أن الحب شعور ذاتي تمامًا، ينبع من الداخل، ولا يتأثر بالعوامل الخارجية.

  - الحب هنا هو اتصال فريد بين شخصين يفهمان ويشعران ببعضهما البعض بطرق لا يمكن للآخرين فهمها.

هل الحب هو عدوى اجتماعية أم شعور ذاتي خالص؟ قد يكون الأمر مختلطًا بين الاثنين، حيث يمكن للعوامل الاجتماعية أن تشجع على تجربة الحب، ولكنه في النهاية يتشكل بشكل ذاتي وفريد لدى كل فرد. ماذا تعتقد أنت؟

الحب في كثير من الأحيان يبدو وكأنه مزيج من العوامل الداخلية والخارجية. من جهة، حديث الآخرين والمجتمع يمكن أن يساهم في تحفيز مشاعر الحب أو الإعجاب، كما قال دو لاروشفوكو وروسو، فالتفاعل الاجتماعي والمقارنة قد يشجعان الشخص على الانجذاب تجاه فكرة معينة أو شخص معين. ولكن، كما أشار أوسكار وايلد، فإن الحب في جوهره شعور داخلي وعميق لا يمكن أن يُفرض من الخارج. هو استجابة شخصية لمشاعر وأحاسيس خاصة بكل فرد، وليس مجرد رد فعل لحديث الآخرين. إذاً، الحب قد يكون مزيجًا من العدوى الاجتماعية والشعور الداخلي الخاص.

وجود الحب أحياناً كعدوى اجتماعية، لا ينفي وجوده أيضاً كعاطفة أصيلة:

ذلك لأننا نرى في الأطفال أشكال الحب المختلفة، بل ويكون نقياً من المصالح بريئاً من الغايات... مهما كان رأينا في ذلك.

والحب الذي يبدأ كعدوى اجتماعية يمكن أن نسميه إعجاب، بالإضافة إلى ذلك يكون في أغلب الأحيان حب مبتور؛ من طرف واحد، أو حب سطحي من طرفين.

الحب الأصيل يأتي من تفاهم الخواطر وتجاذب النفوس، ويظهر في مراعاة الأخر وتقديم وجوده على وجود غيره من البشر، وقد يزيد الحب أصالة ليشعر المحب بالمحبوب كأنه جزء من نفسه امتداد لها، لا يهنأ له العيش من دونه، وغيابه عنه هو فقدان شديد.

فكيف ترون ذلك.. أتعتقدون أن مشاعر الحب تتكون نتيجة عدوى إجتماعية حقا، أم انها مشاعر ذاتية خالصة؟!

من وجهة نظري، الحب أحيانًا يكون نتيجة عدوى اجتماعية أكثر مما هو شعور ذاتي خالص حيث عندما يسمع الشخص عن قصص حب رائعة من حوله، قد يبدأ في التفكير أنه يريد أن يختبر هذا النوع من المشاعر أيضًا، ويبحث عن شخص يشعر تجاهه بنفس الطريقة التي تحدثوا عنها. لذا، في كثير من الأحيان، قد يكون ما نسمعه من الآخرين هو ما يشعل مشاعرنا تجاه شخص معين.

العشق مجرد وهم ومضيع لوقت الإنسان