الحفاظ على لُبِّنَا في المعارك الحياتية المتنوعة ذلك هو الفوز العظيم، ألا ننجرف مع التيارات الجارفة ونخسر أنفسنا في سباقات مشبوهة، ونظل وثيقي الارتباط بشخصياتنا ومبادئنا وأخلاقنا نكون انتصرنا في أم المعارك. كيف يستطيع المرء الصمود أمام المغريات المادية والعيش الرغيد، في مقابل الحفاظ على نقائه من الانزلاقات والانحرافات التي قد يتورط فيها الانسان؟
احرص على أن تكون أنت دوما وأبدا، فالأصل أقوى من الصورة.
ليتمكن من الصمود برأيي لا بد أن يكون لديه اقتناع داخلي بأن المبادئ والقيم هي أساس الحياة الحقيقية ، ومن الضروري بناء أخلاقيات ثابتة يدعمها إيمان بأهدافنا الحياتية، مع إحاطة أنفسنا دائماً بمن يشاركنا نفس القيم والمبادئ، وذلك لأن البيئة المحيطة بنا تؤثر بشكل مباشر على قراراتنا وشخصياتنا، وكل هذا ليس بالأمر السهل لأنه يتطلب قدرة على رفض أنواع المكاسب التي تأتي على حساب المبادئ والقيم.
يا أخي، إنما الدنيا دار ممرّ وليست دار مقرّ، الصمود أمام المغريات يكون بأن تسأل نفسك على الدوام وتذكر نفسك، "ماذا أريد أن أكون قي النهاية؟"
قال الله تعالى: "وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسَ نصيبك من الدنيا."
قدّم الله الدار للاخرة على نصيب الدنيا، إذا قبل أي خطوة للسعي ضعها في ميزان الدار الاخرة فإن كانت عليك لا لك فاعدل عنها.
أرى أن هذا يحدث حسب درجة إيمانه بمعتقداته ومبادئه. فكلما كان إيمانه صلبًا متماسكًا قدر على مقاومة التيارات الجارفة، وكلما كن إيمانه بمعتقداته ومبادئه مهزوزًا انجرف سريعًا مع أي تيار.
نحتاج أن نطور الوعي في داخلنا من جديد، ونحرص على تربية أولادنا على الإيمان بالمعتقدات والتضحية من أجلها.
ونظل وثيقي الارتباط بشخصياتنا ومبادئنا وأخلاقنا نكون انتصرنا في أم المعارك.
لا بد وأن نفرق بين التغير الإيجابي والتغير السلبي، فلا بأس إذا تغيرنا وتغيرت شخصياتنا وأفكارنا مع تغير الحاضر بما يناسب تطورات العصر، هذا في الأساس ضرورة للبقاء داخل سباق الحياة والتقدم للأمام، فلا بأس إذا كان بعض مما يعتقده أو يتحلى به الإنسان من آراء في الماضي قد زال وحل محله أفكار ومعتقدات أخرى طالما أنها ليست من الثوابت الأساسية، كأساسيات الدين وأساسيات الأخلاق، والحفاظ عليهم لا يأتي سوى بالتربية السليمة القائمة على الإفهام وليس الفرض، بمعنى أن يفهم الإنسان لماذا هذا صح وهذا خطأ، لماذا هذا حلال وهذا حرام، فيكون تطبيقه لهم عن اقتناع داخلي لأنه يدرك تأثير ذلك عليه إيجابيا وسلبيا، أما الفرض القائم على أسلوب التهديد والعقاب سرعان ما سيزول تأثيره بمجرد أن تسنح الفرصة بالابتعاد عن دائرة المحاسبة فيبقى الإنسان فريسة لأهوائه.
لا بد وأن نفرق بين التغير الإيجابي والتغير السلبي، فلا بأس إذا تغيرنا وتغيرت شخصياتنا وأفكارنا مع تغير الحاضر بما يناسب تطورات العصر،
أكيد رنا، هذ أمر مفروغ منه، ومن الضروري أن تتغير شخصياتنا وأفكارنا مع تقدمنا في العمر، وخوض تجارب عديدة، واكتساب مهارات متنوعة، الشيء الذي يكسبنا الرصانة والتعقل والثبات، متى كانت تنشئتنا سليمة. ولكن المقصود هو كنهنا السليم القائم على القيم العليا، والمبادئ السامية، والإيمان الصادق بالله، النابع من التفكر وصولا إلى قناعة تامة بما نرضاه لأنفسنا منهاجا.
الصمود أمام المغريات المادية والحفاظ على نقاء الشخصية والمبادئ يتطلب جهدًا كبيراً ومستمرًا وتطبيقًا صارم وملتزم نحو القيم والمبادئ التي نؤمني بها أستاذة أمينة ولكن قبلها يحب عليك تحديد الأولويات والقيموسؤال نفسك ما هي القيم والأولويات الحقيقية بالنسبة لك؟ تلك المبادئ والأخلاقيات التي ستكون هي الأساس الذي تبني عليه قراراتك.. وهو سؤال إجابته ليست سهلة بالنسبة للكثيرين
ليس من السهل الصمود على المبادئ والأخلاق، في أوساط فاسدة مليئة بالمغريات، الكل فيها يُعلي المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، إلا إذا كان محصنا بإيمان راسخ وضمير حي، ثابتا على المبادئ الانسانية.
ما هي القيم والأولويات الحقيقية بالنسبة لك؟
الصدق، الأمانة، الإخلاص في العمل، العدل، الإحساس العالي بالمسؤولية، عدم السكوت عن الحق، إعلاء المصلحة العامة على الخاصة، مراعاة حدود الله في كل خطوة يخطوها الفرد. وهذا كله ينتج عن التربية السليمة. فلنحرص على تربية أبنائنا يصلح مجتمعنا.
هذا كلام جميل ومحترم وأتمنى تطبيقه في الحقيقة ، فهذا يذكرني بمسلسل عائلة ونيس ، ولكن بالنظر لمدى السقوط الأخلاقي التي وصلت له مجتمعتنا .. هل من الممكن تحقيق ذلك في الحقيقة أم أن التربية التي سنغرذها في أبنائنا ستكون سبب مباشر في معاناتهم .. فالأمور رمادية للغاية في الواقع الفعلي .. وأعتقد (من وجهة نظري) أنه من المهم تعلم قليلاً من التكيف أليس كذلك؟
أم أن التربية التي سنغرسها في أبنائنا ستكون سبب مباشر في معاناتهم
نعم ستسبب المعانات، ولكن لابد منها، هي بمثابة الضريبة التي يتوجب دفعها، عل وعسى تساهم في إصلاح المجتمع، وتكون العربة التي تجر القطار وترده إلى السكة الصحيحة،
ولكن المجتمع صعب للغاية ويتنمر بشدة على كل ما هو نظيف (فكلما كان الشخص نظيف صادق أمين وغير كاذب) يتعرض لمشاكل عدة لا قبل لها بمواجهتها - من واقع بعض التجارب لي وبعض من حولي - مع أني لا يمكن أن أقول على نفسي أنني شخص كامل النقاء أو بصفات مثالية .. ولكن لمجرد أن أعمل مثلاً بإتقان وحب لعملي حتى أتعرض لمشاكل عدة بسبب أنني أكشف كل ( من يهملون بعملهم .. كل الفاسدين في عملهم) وهؤلاء يظهروا بمظهر سيء أمامي لمجرد أنني أمارس عملي بطريقة طبيعية ... حينها تبدأ كل المشاكل المفتعلة منهم لطردي أو فعل ما هو أكثر .. أتذكر في يوماً ما (لا أصدقه) أن هناك شخص حاول قتلي متعمداً ليس في شجار أو نوبة غضب - بل كراهية دفينة لكل ما أمثله - وهو الأمر نفسه الذي قد يتعرض له أبنائك ,, لذا كنت من البداية أنصحك بجعلهم يتعلموا بعض التكيف ، وأن يركزوا على عدم خوض كل المعارك .. فقط التركيز على المعركة الأهم ... في حياتهم وتتشكل منها رسالتهم.
احرص على أن تكون أنت دوما وأبدا، فالأصل أقوى من الصورة.
هذه دعوة صريحة للتمسك بالذات الحقيقية بعيداً عن الأقنعة أو التظاهر. الأصل دائماً يحمل القوة والثبات، بينما الصورة مجرد انعكاس زائل قد يفقد تأثيره مع الوقت. التمسك بالأصل يعني امتلاك جوهر ثابت لا تهزه الظروف، وبذلك تكون أقرب إلى نفسك وإلى الآخرين بشكل صادق. في عالم مليء بالصور والادعاءات، البقاء على حقيقتك هو أعظم أشكال القوة والتميز.
لكنه ليس سهلاً. يتطلب ذلك شجاعة لمواجهة الضغوط الاجتماعية، والرغبة في القبول دون الحاجة لتزييف الذات. قد يبدو مغريًا أن نسعى وراء الصور التي تعجب الآخرين أو تلبي توقعاتهم، لكن هذا يؤدي غالباً إلى فقدان الشعور بالانسجام مع الذات.
من تعلم الصيد لو تمسك بمبادئه المتعلمة عندما تقرر الحكومة حرق الغابة سيموت من الجوع.
ومن كانت تقتنع أن البحر غير آمن ستكون أول الضحايا عندما تحترق المركب.
ما أقصد قوله هنا أن الثبات والحفاظ على القيم والمبادئ ليس إيجابي دائما، ويجب أن يتم وفق تفكير وتقييم مستمر، فأحياناً نكتشف أن القيمة أو المبدأ خطأ فنغيره أو أنه غير مناسب للعصر والوضع الحالي فنتكيف، وإن لم نفعل سيكون الإيجابي في الحفاظ على أنفسنا هو سبب هلاكنا
ما أقصد قوله هنا أن الثبات والحفاظ على القيم والمبادئ ليس إيجابيا دائما،
ليس كل المعايير الخاصة المكتسبة، التي نؤمن بها هي مبادئ عليا وقيم سامية، فهي تخضع للتطوير والتنقيح بحسب تجاربنا وخبراتنا.
الثبات والحفاظ على جوهر المبادئ والقيم هو الإيجابي، والعمل به يحتاج إلى تكييف، واستقراء وسط التطبيق وظروفه.
التعليقات