إعادة تعريف مفهوم الخيانة العاطفية في ظل التواصل الرقمي

أنا مع الرأي الثاني لأن التكنولوجيا ليست إلا وسائل تواصل حلت محل تواصلتنا بالواقع، صحيح أحيانا نتواصل على الانترنت مع أشخاص قد لا نعرفهم بالواقع ولكن هذا أثر التكنولوجيا أصبح هناك علاقات عن بعد، فلقد اصبح لدي أصدقاء من دول لم أزورها أبدا مثل فلسطين والجزائر ولبنان، وقد نعلق على منشور شخص غريب لأن الفكرة أعجبتني وليس الشخص نفسه، هذه مساحة مختلفة ولا تعني خيانة أبدا، فالخيانة سمتها واحدة، بالواقع أو على الإنترنت، ومن يعرف حدوده لن يفعلها بأي مكان

على هذا الأساس فإن كل مجتمع حسوب المرتبطين من الخونة, فكلهم يضعون إعجابات على منشورات نفس الأشخاص رجالا ونساء, ويتفاعلون ويتناقشون مع نفس الأشخاص بشكل مداوم لأشهر وسنوات. وأصحاب المشاريع على مستقل وخمسات الذين يوظفون المستقلين والمستقلات ويضعون تقييمات خمس نجوم وكلام كله مدح ومعاودة العمل مجددا مع نفس الشخص مرارا وتكرارا هؤلاء خونة أيضا...

العبرة ليست في التواصل بحد ذاته بل بكيفية هذا التواصل سواء على أرض الواقع أو العالم الافتراضي, قد أناقش امرأة هنا بحسوب في موضوع لأيام ولا أنا ولا هي نطيق نقاش بعضنا...في حين قد ألقي تحية الإسلام على امرأة متزوجة في أرض الواقع فترد هي علي السلام وتمضي في طريقها, هذا في ظاهر الأمر! لكن إذا كان في طريقتي في إلقاء السلام شيء من البجاحة، وردها للسلام فيه شيء من التغنج، فمن الخائن هنا؟ المرأة التي ناقشتها لأيام، أم التي قالت لي: "وعليكم السلام"؟

أعتقد أن الحكم على جميع التفاعلات وأي إظهار للإعجاب على الإنترنت بأنها شكل من أشكال الخيانة هو تعميم مبالغ فيه جدا، لأنه يضع أشكال كثيرة متباينة غاية التباين من التفاعل على الإنترنت تحت تصنيف واحد. قد يكون هناك محادثات أو طرق إظهار إعجاب تصل إلى حد الخيانة فعلا، لكن هناك تفاعلات أخرى لا ترقى لوصفها بالخيانة مطلقا، وبالتالي فكل حالة تقاس وحدها ولا يجب أن نعمم حكم واحد على شيء واسع جدا كالإنترنت

أرى أن الخيانة هي الخيانة قبل التقنية وبعدها، ولكن اختلفت طريقة فعلها فقط، وانتقل الأمر من الخيانة بالواقع للخيانة بالواقع الافتراضي، اختلفت طريقة الفعل فقط لكن بالنسبة لي الماهية واحدة والتأثير واحد، وارفضها بكل صورة وطريقة ودرجة لها

أنا شخصيًا ميال إلى الفريق الثاني، ليس تبريرًا لفعل خوض محادثة مع أحد خارج اطار العلاقة، فأي فعل تافه قد ينتج عنه أفعال أكثر فداحة إن كانت النوايا سامة، وبالطبع التكنولوجيا فتحت الباب لخوض خيانات جسدية بطريقة الكترونية أيضًا، الأمر يعتمد على الحدود والثقة المتبادلة في النهاية، فمثلًا أنا وشريكتي طالما أننا نملك ثقة، فلا سبب لي لاعتبار محادثتها مع شخص آخر الكترونيًا خيانة، بل جزء من الحياة الحديثة.

الخيانة العاطفية ليست مجرد أفعال نراها على السطح، بل ظاهرة أكثر تعقيدًا تتعلق بالنية والتأثير على العلاقة. التكنولوجيا ليست مذنبة بحد ذاتها، بل هي أداة، تمامًا كالقلم الذي يمكن أن يكتب قصيدة حب أو رسالة كراهية. السؤال الذي يجب أن يُطرح هنا هو: هل هذا التفاعل الرقمي، أياً كان، يشكل شرخًا في الثقة بين الشريكين؟ إذا كانت الإجابة نعم، فقد تخطينا حدود التواصل العابر إلى منطقة الخيانة، بغض النظر عن بساطة الوسيلة.

أرى أنها احد صور الخيانه ولكنها أقل نوع فيها، يجب ان تكون مشاعرنا صادقة ووفية تجاه شركائنا، حتى لو وراء شاشات!.