واحدة من أجمل الأمثال الشعبية في تراثنا المغاربي، وأستعمله بكثرة يقول:" أنا نحفرلو في قبر أمو وهو هاربلي بالفأس" يقال عندما ينصح أحدهم شخص آخر بحرقة بنية إصلاحه أو مساعدته بما يفيده ويحقق له الخير ويجنبه المضرة، لكن المنصوح لا يكترث لما يُقال له ولا يقدر خوف الناصح واهتمامه به بل ويرده أحيانا ... لكن بعد تفكير في الأمر تراجعت عن استعمال هذا المثل واعتبره خاطئ في أغلب الأحيان.

فهل كل من ينصحنا بنية طيبة ويحب لنا الخير يعني أن نصيحته فعلا خير لنا وتتوافق مع أهدافنا وشخصياتنا؟ طبعا لا.... أغلب النصائح التي ينصحبنا بها الآخرين هي نصائح تصلح لهم وتليق على حياتهم هم وليس علينا نحن بالضرورة، ومعظم أن لم يكن كل آراءهم مبنية تجارب شخصية محدودة؛ في أكثر الأوقات فاشلة، ناهيك عن أن الكثير من الناصحين لا يراعون زمن النصح أو أسلوبه، ويتعاملون بفوقية مع المنصحوح، كما لو كانوا أوصياء عليه.

لذلك أول قاعدة في عالم الاستشارات أو التدريبات أو التعليم أن لا ننصح بشكل مباشر، بل نقدم احتمالات وحلول عديدة يتم الاختيار من بينها، لأن لا أحد يحب النصح، وليست هناك نصيحة عامة تصلح للجميع والأهم من ذلك أن ليس كل الأشخاص مؤهلين لاعطاء النصائح حتى لو كانوا يحبوننا بصدق .

إذا قراءة المثل بطريقة فلسفية نجد أنه يتعارض مع أهم مبدأ معرفي وهو مبدأ التجربة والخطأ الذي هو أساسي لبناء أي شخصية وأي نجاح، فالشخص الذي نحبه فعلا علينا أن نعزز فيه روح التجربة ونعلمه كيف يحاول ويخطأ حتى يتعلم، بالإضافة الى أن المثل يتعارض مع أهم مبدأ فلسفي وجودي وهو الحرية، لأن من يرغمنا على اتباع تعاليمه بنية النصح يسلبنا أهم قيمة في حياتنا وهي قيمة الارادة الحرة وحرية الاختيار، فكم من موقف حرمنا فيه أباءنا من اختيار ما نريد فقط بدافع الحب والنصح، وكم مرة حرمنا من فرصة التجربة والتعلم بدعوى الخوف علينا من الفشل.

وأنت أخبرني عن رأيك في المثل، إلى أي مدى تراه صحيح أو خاطئ؟ ماهي أحسن طريقة لتقديم النصيحة دون التعدي على حرية الاخر أو محاولة امتلاكه وممارسة الوصاية عليه؟