لما تغيير الثقافة وترك الثقافة الاصلية سيئ؟

أعتقد أن هذا التصرف نابع من أزمة هوية متجذرة بداخل الشخص، وهو بانسلاخه من ثقافته الأصلية لا يقوم إلا بتأجيجها، الكثير من الحجج يمكن الاستناد عليها في هذا الموضوع بغض النظر عن مدى قوتها إلاّ أنها تصب في ذات المصب والنتيجة، ألا وهي سوء هذا الفعل.

يتوهم الفرد أنه بالتصاقه وإقحام نفسه في ثقافة أخرى وتشربها، هو بذلك يتماشى مع موجة التحضر والتطور، بينما هو في الحقيقة يصور نفسه كدخيل على أبناء تلك الثقافة ممن لم يفكروا يوماً في التخلي عن ثقافتهم وهويتهم الأصلية لتلبية صورة تم الترويج لها كممثل للحضارة المتقدمة، لذا فهو لن يكون بمعزل من نظرات الإحتقار من الطرفين من أبناء ثقافته ومن أبناء الثقافة الجديدة الذين لن ينظروا إليه كواحد منهم أو شبيه لهم.

في هذه الحالة لا أعتقد أن شعور الرضا الذاتي سيكون حقيقياً وعميقاً، لأنه من الصعب أن تحقق الثقة بالنفس في هذه الحالة، وكثيراً ما يكون الأشخاص من هذا النوع متذبذبون، هذا غير أنه في حالتنا كعرب فثقافتنا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعقيدتنا الإسلامية، لذلك فأيّ انسلاخ منها سيؤثر بشكل مباشر على العقيدة والجانب الديني للفرد.

يظن البعض أنهم بالإستيلاء على لغة وثقافة شعب آخر، يكونون قد استولو على تطورهم وإنجازاتهم وفرصهم بينما الحقيقة أنهم في مكانهم لم يتحركوا شبراً واحداً !

عموماً هذا ما أراه، لم أتبحر وأبحث كثيراً عن مساوئ هذا التصرف ولا أعوّل على قوة حججي.

هذا ليس انسلاخ ثقافي، معظم هؤلاء الشبّان والأشخاص الذين يقومون بهذا الأمر لا يقصدون نهائياً أن يقوموا بأي تبرئ ثقافي، لكن ما يحصل برأيي هو انسلاخ هوية، الناس باتت تخجل من هويّتها وهذا أمر متوقّع بل وطبيعي وكان يجب أن ينتبه عليه بشكل أكبر كل مثقفين بلادنا ومفكريها ورجال مجتمع وغيرهم من أشخاص يُقال عنهم مسؤولين عن المجتمع والناس ولكننا لا نعرف في الحقيقة أي بالتحديد تقع مستوى مسؤولياتهم! هذه الممارسات التي يقوم بها العربي حالياً تقول بكل بساطة رسالة واضحة: أنا لا أنتمي لهؤلاء - ولأقول لك الصدق الحق معهم، ما الذي تركناه عربياً يُمكن أن يفرح به الشخص ويجعله مصدر عز؟ كل ذلك الفساد المُمتزج بالجهل والتعصّبات للأفكار والعقائد والعنف السائد في البلدان بلا أي مبرر، وتبرير التخلّف والرجعية والكسل وانعدام الكرامة في المواقف وتبدد الطموح اللازم والرقابة التي لا معنى، في ظل أجواء كهذه ماذا نتوقّع مسار آخر للأمور؟ من الطبيعي أن يظهر فئة ضمن هذا المجتمع ليقولوا: نحن لا نشبه هؤلاء - ولكي يقولوا ذلك لا سبيل أمامهم نهائياً إلا بالانتماء لثقافة ثانية وهوية ثانية هي أقل ضرراً بالنسبة لهم وأكثر تقدّماً على الأقل قانونياً ومجتمعياً من الحال العربي الحالي.

يكفي أن اتخاذ ثقافة أخرى كافية لتغيير معاييرك ومبادئك الأصلية, فما قد تراه فعلَا بسيطًا كالتحدث بلغة أخرى بلا داعٍ قد يعني البدأ في ترسيخ معتقدات قد تخالف مبادئك الأساسية, مع كل تغيير تحدثه ينتج طفرة في مبادئك الراسخة لتصير متزعزعة, فما تنطق به وتفعله ينتمي لأشخاص ذو ثقافة أخرى. كيف لكلامهم أن لا يزعزع أفكارك!

بالنسبة للفرد الواحد، فما معايبه؟

فقدان الهوية.

أرفض فكرة أن التحدث باللغة العربية صار نوعًا من التخلف! إن لم تكن هي أعظم لغة، لما أنزل الله بها القرآن الكريم.

انا أفتخر وأعتز باللغة العربية، ولا أرى أن في المزج بينها وبين لغة أخرى كالانجليزية هو أمر جيد وشكل من أشكال التحضر والثقافة. إذا كانت لغتي هي العربية وكذلك لغة من أتحدث إليهم، فما الداعي لأن أتحدث إليهم بخليط من كلمات عربية وأخرى انجليزية؟!

وكذلك محاولة تقليد عادات غربية، لا تتناسب مع ديننا وحضارتنا، وما يُسهِّل ذلك هو انفتاح وسائل التواصل الاجتماعي.

التعبئة الاجتماعية: مقدمة