يقول أبو القاسم الشابي في قصيدته الرشيقة" نشيد الجبار" عن تجربة ما بعد الموت  محاولا أن يعيد رمزية بروميثيوس العائد من الموت:

أما إذا خمدت حياتي وانقضى***** عمري واخرست المنية نائي

فأنا السعيد بأنني متحول *** هن عالم الآثام والبعضاء

لأذوب في فجر الجمال السرمدي*** وأرتوي من منهل الأضواء.

وكتعبير شعري يبدوا الأمر جميلا وساحر، لكن ما علاقة الأضواء بالموت ولماذا يتحدث عنها الشابي في وصف الموت؟ وهل هناك من عاد من الموت فعلا ليصف لنا ماهي؟

يقول الباحثون – والبحث منشور في مجلة الإنعاش resuscitation journal- أن 40% من الناجين من السكتة القلبية يعتقدون أنهم دخلوا في حالة موت مؤقت أو ما يسمى بتجربة العودة من الموت، إذ أظهرت الأجهزة والأبحاث أن لديهم ذكريات أو تجارب تشبه الحلم أو نوعا من الإدراك حتى عندما يكونون فاقدي الوعي، بالإضافة أن موجات الدماغ  تظهر علامات نشاط تشير إلى  وجود الوعي لمدة تصل أحيانا إلى ساعة أثناء الإنعاش.

تختلف الرؤى التي يفصح عنها الأشخاص العائدون من الموت، بين من يقول أن لحظة الموت هي لحظة انتشاء ساحرة جدا، يُسمع فيها أصوات جميلة وأضواء مبهجة وألوان زاهية منهم من يرى البحر والطبيعة بوصف الجنة، ومنهم من شعر فقط بإحساس من السلام؛ الحب والمطمئنة الغامرة، أو سمع أصوات رائعة مثل أصوات أطفال يلعبون أو أصوات أشخاص يحبهم، لكن البعض كانت تجربته سيئة جدا، منهم من رأي وجوه مخيفة أو أصوات أجراس مدوية، أو نفق مظلم ومخيف، وهم على الأرجح الأشخاص الذين كانوا يؤمنون بوجود قوى شريرة مثلا.

الامر الذي يتفق فيه كلا النوعين هو رؤية نفق إما مظلم أو ملون، وسماع صوت صليل الجرس بصوت قوي يتبعه حدث أو تصور معين.

السؤال الذي تبادر إلى ذهني هو: هل يمكن للعلم يوما ما أن يمكننا من أن نعيش تجربة الاقتراب من الموت دون مخاطر، مثل أن يتم برمجة جهاز محاكي للتجربة؟ وهل الأوصاف وصفت الموت بالفعل هي ما يجري بعد الموت الدائم إلى الأبد؟ هل يعقل أن ندخل إلى الموت ونخرج منه أصلا؟