وأنا أقرأ في كتاب (وطني مصر – حوارات مع نجيب محفوظ) للكاتب محمد سلماوي يقول العم نجيب عن الصيام وتذوق القراءة: وكنت ألاحظ أن تذوقي للقراءة خلال أيام رمضان كان أعمق بكثير من بقية شهور السنة. ثم يتساءل صاحب نوبل: هل يخلق الصيام في الإنسان نوعاً من الشفافية يجعله يصل إلى أعماق قد لا يدركها وبطنه ممتلئ؟ أم أنه يعطي دفعة روحية للصائم تظهر علاماتها في هذا التذوق المرهف؟

هنا أجدني أتفق مع الأديب الكبير في الناحية الروحية ولكن هل للصيام وتذوق القراءة علاقة فسيولوجية أم لا؟ فهل فراغ البطن وكيمياء الجسد تتغير مع الصيام فيصبح التركيز أعلى والاستيعاب أقوى وتذوق ما نقرأه أشد؟

في دراسة 2018 لأثار الصيام، وجد أن الصيام المتقطع- وليس الأنواع الأخرى من الصيام التي دُرست- لها فوائد كبيرة على التركيز. فقد أظهرت الأبحاث تحولًا في التمثيل الغذائي من استخدام الجلوكوز إلى الكيتونات كمصدر رئيسي للوقود الخلوي أثناء الصيام. كما وجد أن كيتونات الدم الأولية تحفز نسخ عوامل التغذية العصبية المشتقة من الدماغ، والتي تلعب أدوارًا مهمة في التعلم والذاكرة وتوليد خلايا عصبية جديدة في الحُصين والذي هو جزء من الدماغ يحول معلومات الذاكرة القصيرة إلى الذاكرة الطويلة.

تخلص تلك الدراسة إلى أن للصيام دور يلعبه في توصيل الطاقة الحيوية للخلايا العصبية، والمرونة، والقدرة على الصمود في مواجهة الإجهاد وفي الحفاظ على الأداء المعرفي أو حتى تحسينه. إذن صدق العم نجيب وصدق حسه بفوائد الصيام للتركيز والتحصيل وصدقته الدراسة. ليس فقط للصيام فوائد معرفية، بل فوائد أخرة جسدية وشفائية قد رصدتها الدراسة.

والآن أيها القارئ كيف تجد الصيام من ناحية التحصيل والقراءة والدراسة؟ هل الصيام يزيد القدرة على التحصيل أم العكس صحيح؟ احك لنا عن تجربتك الشخصية في نهار رمضان أو ليله.