أواجه كثيراً من المخاوف والأسئلة حول احتمالية تقويض قدرة الكاتب الإبداعي الفنّي الذي يكتب الرواية والقصص القصيرة في المستقبل بالذكاء الإصطناعي، لذا هل تعتقد أنّ الذكاء الصنعي قد يشكّل نهاية أو تأثيراً حتى على الكتابة الإبداعية الفنيّة، الرواية مثلاً؟
للإجابة على هذا السؤال لنقارن الوضع بالأعمال الفنية الأخرى, هل تمكنت الآلات والتكنولوجيا من إزاحة صانع الفخار اليدوي؟ كلا! في واقع الأمر فإن الفخار المصنوع يدويا يباع أغلى من فخار المعامل, هل تمكنت لوحات الرسم الالكترونية وبرامج الرسم الرقمية من إزاحة الرسام الزيتي؟ كلا! إن الرسام الزيتي يبيع حاليا لوحاته أغلى مما كان الوضع عليه من قبل, هل تمكن الطعام المصنع من إزاحة الطعام المحضر يدويا؟ أبدا! إن الطعام المحضر يدويا أغلى ثمنا من المصنع بالشركات, ما هي أغلى حقيبة نسائية بالعالم؟ هي حقيبة يتم صنعها يدويا بكل تأكيد.
وبالتالي ستصير أعمال الكاتب البشري أعلى قيمة مما هي عليه اليوم إن تم استخدام الذكاء الصناعي في الكتابة بشكل موسع, لأننا نحن كبشر نعطي قيمة لإبداعات بعضنا البعض.
أن تكون الأرقام أعلى للصناعات والفنون اليدوية بسعر أعلى لا يعني أبداً أنّ التكنولوجيا لم تضرّ هؤلاء الفنانين أو أنّ اليدوي من الأمور والإنساني فعلاً قد انتصر أخيراً، بل يعني أنّ الفنان قد رفع أسعاره فقط. هذا كل ما يعنيه الأمر على بساطته، هناك طلب هائل اليوم على لوحات للمنازل تصنعها الآلات الطابعة والتكنولوجيا بشكل عام، كيف كان الأمر سابقاً؟ مختلفاً بشكل كلّي، كانت الكثافة والطلبات كلّها على الرسم الزيتي مثلاً، اليوم لا. ما يعني أنّ التكنولوجيا أزاحت الرسم من الخريطة، كيف أتأكّد من ذلك، بمراقبة أماكن الناس، بماذا هي بمعظمها مزيّنة؟ بلوحات إلكترونية مصوّرة..
وهل ترى عزيزي ضياء أن مقياس " الإبداع" التي تتحدث عنه في سؤالك هنا هو الكثرة أم الجودة؟ إن لوحة واحدة زيتية يا عزيزي لا تضارعها ألوف اللوحات الإلكترونية مما تحدث عنها! إن كنت تتحدث عن الفنان المبدع فلن يستبدله الذكاء الصناعي مطلقاُ لأننا هنا نتحدث عن الأرقى و ليس عن الأكثر عدداً أما إن كنت تتحدث عن إنسان عادي يمارس تلك الهواية فقد يستاوى عمله مع عمل الآلة وهنا لا يكون ما يفعله " إبداع فني؛ بالمعنى المقصود للكلمة. ألا تتفق معي؟
أنا لا أتحدّث عن القيمة الحقيقية، بالطبع القيمة الإنسانية في صنع أي عمل هي أعلى وأهم، ولكن ما فائدة لوحات عالية القيمة جداً لا تسكن منازلنا؟ لا نراها إلا بالمتاحف؟ هذا ما سببه الـ ai وكل التكنولوجيا الحديثة، لقد جعلت الفن يدخل كل المنازل دون أن يدخل الفن الذي له علاقة بالإنسان إليها. ولذلك أتفق معك بشدّة على أنّ للإنسان قيمة لا يضاهيها شيء بالعالم عندما يعمل أموراً فنيّة، ولكن من ناحية البيع والوصول، يبدو أنّ معظم لوحات العالم في معظم المنازل تكنولوجية بحتة، أي مطبوعة ومرسومة من قبل الآلة.
أظن أن الأستاذ خالد أجابك, فأنت تتحدث في مساهمتك عن الكتاب المبدعين وليس عن كتاب الكيلو, كتاب الكيلو بالتأكيد سيتم استبدالهم بالذكاء الاصطناعي, عليهم من الآن البحث لهم عن مورد رزق آخر, أما الكاتب المبدع فإنه سيزدهر أكثر, وسيرتفع سعر كتاباته لأنها بشرية مثل بقية الأعمال الفنية الإبداعية البشرية.
بل يعني أنّ الفنان قد رفع أسعاره فقط
لا يوجد في الاقتصاد شيء اسمه رفعت السعر فقط, لو الأمر على هذا النحو أنا أيضا أرفع السعر فقط لمنتجاتي وأصير ميليونير, رفع السعر معناه أنه صار بقيمة أعلى مما كان عليه بالسابق, هل يمكنك أن ترفع سعر منتجك أو خدمتك أعلى مما هي عليه الآن؟ لا أحد سيشتري منك بكل تأكيد! نرفع الأسعار عندما نجد أن الإقبال موجود وبشكل تنافسي, مثل أي منتج آخر بالسوق.
كيف أتأكّد من ذلك، بمراقبة أماكن الناس، بماذا هي بمعظمها مزيّنة؟ بلوحات إلكترونية مصوّرة..
لأن الأغلبية من طبقات فقيرة ومتوسطة غير قادرين على شراء لوحات زيتية, هل تعرف كم سعر اللوحات الزيتية؟ هل تعرف كم يكلف الرسام من مواد أولية لرسم لوحة واحدة؟ إن اللوحات الزيتية "prestige", هل تعتقد أن منازل الأثرياء مزينة برسومات الكترونية؟
هل تعرف كم سعر اللوحات الزيتية؟
هذا النوع من الاسئلة غريب من حضرتك، وهل هناك من لا يعرف كم متوسط سعر اللوحات الزيتية؟ ولكن في الفترة السابقة كانت المنتج الوحيد المتوفّر، ما يعني أنّ الفقراء فعلاً ما كانوا يعدمون شرائها ولكن الأغنياء يحصّلونها، اليوم لا الفقراء ولا الأغنياء يقومون بذلك، يمكنك الاطلاع على الإحصائيات المنشورة في مسائل الديكور أو ميل الناس الخرافي لشراء لوحات مرسومة بالـ ai وحتى ولو كانت بذات الأسعار المرصودة لشراء لوحة مرسومة بشكل إنساني يدوي، يمكنك مثلاً الاطلاع معي على هذه المقالة الرائعة التي تتحدّث عن أكثر من فكرة في هذا الموضوع:
، وهل هناك من لا يعرف كم متوسط سعر اللوحات الزيتية؟
اليوم لا الفقراء ولا الأغنياء يقومون بذلك
لا، لا تخف يا صديقي. فكما قال الزميل @jawad_x فالناس لا تستغني أبداً عن اللمسة الإنسانية و الحس الإنساني في أعمالها وهو قد ضرب مثلين من أروع ما يكون. وما زالت صناعة الفخار موجودة عندنا في صعيد مصر وعليها إقبال. وأنا مثلاً لو اردت ان أكتب لوحة أو أرسمها فلن أستعين إلا بإنسان له لمسة جمالية خاصة تستشعرها كلما نظرت إليها. الذكاء الصناعي قصاراه أن يساعد المبدع في إبداعه إما أن يستبدله فهذا ضرب من ضروب الخيال و المبالغة لا تكون إلا عندنا في الوطن العربي أما هناك فهم على ما أعتقد لا يروجون لذلك.
لا تكون إلا عندنا في الوطن العربي أما هناك فهم على ما أعتقد لا يروجون لذلك.
لقد لامستني هذه العبارة فعلاً، لإنّها حقيقية فعلاً على ما أعتقد بحسب مراقبتي للشقّين العربي والغربي من ناحية هذه المسألة، حيث أنّ صيغة المُحاكمة لهذه التكنولوجيا تختلف بين الجبهتين، على الجانب العربي يقولون: هل الـ ai سيقوم باستبدال مهننا؟ بينما في العالم الغربي يسألون: كيف يمكن للـ ai تطوير مهننا ومجالاتنا وطرق إبداعنا وانتاجيتنا؟. للصراحة لا أفهم هذا الاختلاف بالتعاطي ولكن أتفهّم المخاوف بظل وضع إقتصادي لا يحتمل المزيد من الخسارات.
هذا النوع من المواقع سواء reddit أو qoura لا يُعبّر نهائياً عن رغبة الناس الحقيقية ومخاوفهم، هذه مواقع عامة، لمعرفة هذا الأمر عليكِ زيارة مواقع نشر لأهم تجمعات الكتّاب في العالم والتجمّعات التي تتبع للنوادي الأدبية الشهيرة، أنصحك مثلاً بأن تتصفّحي Stage 32 لحدّ اللحظة ورغم أنّهُ يحوي كتّاب أدبيين وسيناريستية على مستوى العالم ويهتم بكل المواضيع الترند ومخاوف الكتابة إلى أنّهُم لم يذكروا هذا الأمر، والأمر يُقاس على الشأن العام من الكتّاب على حساباتهم الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً في المنطقة الغربية.
أعتقد يا ضياء أن مخاوفنا ناجمة عن أننا لسنا المبدعين لتلك التقنيات فنخشى منها كما نخشى كل وافد غريب علينا. بالضبط كما هنالك انصار القديم في كل عصر يخشون مثلاً على اللغة العربية و على هويتنا وعلى تقاليدنا وكأننا أمم حديثة النشأة ضعيفة الفكر و البنيان ليس لها حضارات تفوق في الواقع حضارة أمريكا التي لا تربوا على 500 عام. أما هم فلأنهم المبدعون لتلك التقنيات فلا خوق ولا داعي للهلع لأنها جزء مكون من حضارتهم بالضبط كما لا يخشى المعلم من تلميذه الذي سيصبح عالماً كبيراً أو طبيباً فلا يقول المدرس حينها: سيتكبر علي هذا الطالب إذا أصبح مهنيا و مالياً أفضل مني وذلك لأن المدرس هو من صنع وصاغ ذلك العقل الذي أصبح على ما هو عليه فالفضل منه وإليه يعود بعد الله بالطبع.
أتفق معك في قولك أن "الذكاء الصناعي قصاره أن يساعد المبدع في إبداعه" إذا كان الكاتب نفسه يفتقد الى الإبداع فلن تجدي محاولات الإستعانة بالذكاء الاصطناعي.
أشعر من تعليق حضرتك بأنّك تقول بأنّ الأمر قد سبب صدمة وعرقلة للكتّاب ولكن هي مشكلة محلولة، تُحل فقط بتطوير أسلوب خاص ومزيد من الاهتمام في الكتابة، هل فهمت حقاً إلى ما ترمي حضرتك إليه؟ ومن ثمّ لديّ سؤال لحضرتك: هل تؤمن أنّ للذكاء الاصطناعي في المستقبل القدرة على الكتابة بأساليب مختلفة يطوّرها بعقله؟ أم أنّ كل الانتاجات المتعلقة بالـ ai ستكون متشابهة من حيث الصوت؟
لذا هل تعتقد أنّ الذكاء الصنعي قد يشكّل نهاية أو تأثيراً حتى على الكتابة الإبداعية الفنيّة، الرواية مثلاً؟
برأيي أنه لا يوجد عمل إبداعي تقوم به الآلة، فالإبداع يأتي من عقل بشري خالص، والآلة تقوم بتقليد أو محاكاة ذلك الإبداع، عبر سرعة كبيرة في تنفيذ الأوامر وإنجازها، تقليل الوقت والسرعة تزهر لنا أنها إبداعية. هي مبرمجة على ذلك والمبرمج هو الإنسان.
أنا مع فكرة أن الآلة يمكنها أن تتفوق على بعض المهن في المستقبل لكن تلك التي تكاسل أصحابها في العمل، عقل بشري يمكنه أن يبدع في أي وقت لو قام صاحبه باستغلاله.
نفس الشيء بالنسبة للكتابة الإبداعية.
والآلة تقوم بتقليد أو محاكاة ذلك الإبداع
حتى نتائج الآلاة وجودتها تتوقف على جودة المدخلات التي يتحم بها الشخص البشري، لهذا ستكون هناك دائما فرصة للشخص للتحكم بالمجال حتى وان تم الاعتماد على الذكاء الآلي.
حتى نتائج الآلاة وجودتها تتوقف على جودة المدخلات التي يتحم بها الشخص البشري، لهذا ستكون هناك دائما فرصة للشخص للتحكم بالمجال حتى وان تم الاعتماد على الذكاء الآلي.
توجد العديد من النظريات المستقبلية التي تتوقّع أن نصل لوقت لا يمكن التحكم في الآلة! شخصيا حاليا أراها مجرد خرافة لكن كل شيء قابل للحدوث عبر برمجتنا لها، فلو تخيلنا أننا برمجنا روبوتا كي يفعل أشياء معينة في أوقات محددة ولا يتوقف عن ذلك لغاية تحقّق شروط معينة! ثم لم نستطع إيقاف ذلك، هذا يعني أن تلك الأشياء سيتم تنفيذها لا محالة دونما قدرة على أحد لإيقافها!
برأيي أنه لا يوجد عمل إبداعي تقوم به الآلة، فالإبداع يأتي من عقل بشري خالص، والآلة تقوم بتقليد أو محاكاة ذلك الإبداع، عبر سرعة كبيرة في تنفيذ الأوامر وإنجازها، تقليل الوقت والسرعة تزهر لنا أنها إبداعية. هي مبرمجة على ذلك والمبرمج هو الإنسان
أتمنى أن أستطيع التعاطي مع الموضوعة بالطريقة الآمنة التي تؤشّر لها حضرتك، ولكن بما أنني مؤمن بموضوعة الكتابة وهي ما يشكّل دخلي الحالي والمستقبلي بكل تأكيد في المستقبل أحب أن أفهم ما الذي يمكن أن نتوقعه مستقبلاً، حيث أنني تفاجئت، لا بل ربما كنت شبه مصعوقاً حين علمت بأنّ هناك رواية مكتوبة من قبل الـ ai أخذت جائزة محليّة وصُنّفت على أنّها رواية قابلة للقراءة ومؤثّرة! هذا يفتح الباب على أسئلة كثيرة إن لم نقل مخاوف قبل أن أقرر من عندي مسبقاً بأنّ الألة عاجزة عن ذلك بالتأكيد.
هذا يفتح الباب على أسئلة كثيرة إن لم نقل مخاوف قبل أن أقرر من عندي مسبقاً بأنّ الألة عاجزة عن ذلك بالتأكيد.
أتقاسم معك نفس المخاوف أخي الكريم، فأنا كذلك مهم بالكتابة وهي شغفي، لكني في نفس الوقت مهتم بالأمور التقنية وأملك حس شغف بها، لذلك مخاوفي تقلّ تارة وتظهر تارة أخرى، أرى أنّه يجب أن نتقبل الواقع الذي تفرضه علينا هذه التقنيات بأن نتعايش مع الواقع ونتطور معه، ولم لا لنفترض أن مهنة الكاتب ستزول لا قدّر الله، فلنبحث عن الحلول التي تمكّننا من مجاراة هذه الآلات في حال وقوع ذلك، بالعمل بجد ومواكبة التقنية.
لذا هل تعتقد أنّ الذكاء الصنعي قد يشكّل نهاية أو تأثيراً حتى على الكتابة الإبداعية الفنيّة، الرواية مثلاً؟
بما أن الذكاء الصناعي سيكون متوفر وأرخص ثمنا سنتشر بشدة ويتم الاعتماد عليه، ربما تقل الفرص في هذا المجال لكن بالمقابل سترتفع القيمة، قيمة الكتابة الروائية التي تكون من صنع بشري ستكون أعلى قيمة من التي صنعت بالذكاء الصناعي، ستكون عبارة عن مشاعر وعواطف وأحداث متسلسلة قريبة الشخص البشري، تكون قطعة فريدة نادرة.
يبدو أنّ حضرتك تقيمين قيمة عالية للتجربة الإنسانية وقدرتها على خطّ روايات أكثر عمقاً بكثير وذلك لوجود تجربة أصيلة في الحياة، لذلك لديّ سؤال لحضرتك: بصفتك قارئة ومتلقيّة، هل تعتقدين أنّك قادرة على التفاعل مع رواية أو حكاية مكتوبة من قبل آلة بدون لحم ودم؟ ذكاء تكنولوجي محض..؟
هل تعتقدين أنّك قادرة على التفاعل مع رواية أو حكاية مكتوبة من قبل آلة بدون لحم ودم؟ ذكاء تكنولوجي محض.
الصراحة كنت سأقول لا مباشرة، لكن بعد التفكير قليلا لم أجرب قراءة رواية مكتوبة بالذكاء الاصطناعي حقيقة، تفاعلنا مع أفلام الخيال في السابق ولو تم طرح سؤال علينا قبل أن نلاحظها ونتفاعل معها كنا لنقول لا مباشرة، لن نصدق الخيال ولن نصدق التطور الذي وصلنا له اليوم والحياة التي سنصل إليها، لهذا الإجابة تبقى معلقة حتى نجرب ذلك.
لقد قمت بتجربة تطبيقات الذكاء الاصطناعي أكثر من مرة، لكن الكتابات الصادرة عن هذه التطبيقات ينقصها كثير من الإبداع، و الروح. بل كثيرا ما أعطتني معلومات مغلوطة وتحليلات في غير موضعها. لا أنكر أنها تساعد بشكل كبير على صياغة الموضوع وتضيف العديد من الأفكار لكن يبقى خيال وروح الكاتب وهو ما لا توفره هذه التطبيقات. فحتى لو كانت هذه التطبيقات ذكية لكن سيظل الكاتب الإبداعي له لمسته السحرية الخاصة.
ينقصها كثير من الإبداع، و الروح.
على أنني أعتقد أنّ الـ ai مدهش حقاً في طريقة تكريبه للأحداث، دقّة غير طبيعية، تراصف مستحيل بناءً على المنطق، أستطيع أن أصرّح أنّه يربح في مسألة الذكاء "الذكاء الإصطناعي" ولكنه يخسر في ذات المعركة من ناحية العواطف حيث أنّها فعلاً غير مكثفة واصطناعية.
ألاحظ في طلبات العمل أو المشاريع المطروحة بعض منهم يطلب كاتب ولكن للعمل على أدوات الذكاء الاصطناعي، الفكرة بأن يكون لديه خلفية بالكتابة سواء أي مجال من أجل مثلًا تصحيح أخطاء التقنية أو غير ذلك.
هذا ما يجعلني متأكدة أنه سيكون نوعين من العمل ولا يُستبدل الكاتب بسبب الذكاء الاصطناعي، أو حتى أي وظيفة، سيبقى طلب على الجهتين، المختص، والذي يعمل أو الذكاء الاصطناعي نفسه.
هذه الطريقة الأنسب بالمناسبة للعمل في الذكاء الاصطناعي، أن يعمل هذا الذكاء الصنعي لخدمة الكاتب لا العكس، أن يكون وسيلة أو أداة مساعدة لا أداة تستبدل جهد الكاتب الأصيل، يجب بالطبع أن يكون منذ الأن عند الكاتب مهارات استخدام الـ ai في بحثه وكتابته وكيف يمكن أن يُفاد منه بأقصى طريقة ممكنة لأقل وقت وأعلى جودة.
مهما وصل الذكاء الاصطناعي بالتطور فإن الكتابه تبقى هي الروح والمشاعر التي يجسدها القلم على الأوراق فنشعر بالراحه النفسيه عند الكتابه والتعبير وان تكن من نسج الخيال
أي نعم قد تشعرين عند قراءة كتابة من انتاج إحدى أدوات الذكاء الإصطناعي بأنها كتابات روبوتية، ولكن ماذا عن مستقبل وظيفة الكاتب؟
فمثلا قبل فترة بسيطة طلاب من جامعة كارديف البريطانية حصلت مقالاتهم والتي تمت كتابته من خلال ChatGPT على تقييمات عالية في حين أنّ المقالات التي كُتب بدون أداة ذكاء اصطناعي حصلت على معدل 2.1 أي أقل علامة يمكن أن يحصل عليها الطالب وهذا إن دل على شيء دل ان المستقبل للذكاء الإصطناعي، اذًا محق ضياء في قلقه!
التفكير والإبداع ميزتان ينفرد بهما العقل البشري، أما الآلة فهي لا تفكر ولا تبدع، هي فقط تقوم بتطبيق عمليات مبرمجة عليها مسبقاً باستخدام بيانات مدخلة إليها بواسطة البشر، لتقوم بانتقاء وترتيب وضبط الكلمات والجمل لتصنع محتوى قابلاً للقراءة.
وعليه، فإننا إذا كنا نتحدث عن القص واللصق وإعادة ترتيب العبارات والجمل لصنع محتوى فحسب، فهذا بالطبع يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام به حالياً، أما بخصوص الكتابة الإبداعية والتعبير العاطفي وإبداع الأفكار الجديدة فهذا بالطبع لا يمكن للآلة مجاراة الإنسان به.. كالرواية وأفكار الأفلام الجديدة والشعر.
آه، بخصوص الشعر، لقد طلبت من أحد نماذج الذكاء الاصطناعي أن ينظم بيتاً من الشعر الموزون والمقفى حول فكرة ما، فجائت النتيجة ركيكة ومخيبة للآمال، وحين سألته في الردود من مؤلف هذه الأبيات؟ كان رده أنه لا يعلم لأي مؤلف تعود هذه الكلمات، وقال لي أنها ربما تعود لعدة مؤلفين وليس مؤلف واحد، وهي من الأبيات المتداولة التي جمعها بخصوص الفكرة التي أعطيته إياها!
خلاصة رأيي أن الذكاء الاصطناعي "يحاكي" الأداء البشري في الجمع والتنظيم والتحليل والكتابة، ولكن لا يجاريه أو ينافسه في التفكير والإبداع أبداً.
هذا الأمر الوحيد الذي أجزم قطعا أنه لن يتأثر بتقنيات الذكاء الصناعي. فالآلة تمتلك مخزونا من الكلمات التي تجمعها في نص واحد لتقدم عملا متقنا. ولكن في حالة الأعمال الإبداعية فإنها تحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك وهو " اللمسة الإبداعية الإنسانية". فالإنسان لا حد لإبداعه ولكن الآلة تعمل بموجبات التكرار والإعادة. وإن أنتج الذكاء الصناعي قصة أو رواية فإن قارئها سيعلم أن كاتبها هو آلة جامدة بدون روح، فالكاتب الفطن يقوى على مزج أسلوبه الفني الإبداعي مع كلماته لتعطي عملا فريدا لا مثيل له بخلاف الآلة التي تنفذ الأوامر ويقوم عملها على أساس الإختيار والدمج العشوائي.
هذا الأمر الوحيد الذي أجزم قطعا أنه لن يتأثر بتقنيات الذكاء الصناعي
بالتأكيد لن يؤثر، ولكن مع ذلك، نلاحظ بأنه يتم تحسين وتطوير الآلات لتعزيز قدراتها على إنتاج نصوص متقنة، وذلك بفضل وجود مخزون واسع من الكلمات والتعابير المتاحة لهذه الآلات، والتي يمكن استخدامها لصياغة نصوص أطول وأكثر تعقيدا.
صحيح أن الذكاء الاصطناعي قد خطى خطوات كبيرة في مجال الفن والإبداع ، فمن غير المرجح أن تحل الآلات محل الكتاب والفنانين البشريين بشكل كامل. اللمسة الإنسانية والعمق العاطفي الضروريان للغاية للأعمال الفنية العظيمة لا يمكن ببساطة تكرارهما بواسطة الآلات ، بغض النظر عن مدى تقدم خوارزمياتها.
بالرغم من ان مسألة ما إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على استبدال الكاتب الفني أم لا موضوعًا جدليا نشهده كثيرا في الفترة الأخيرة، قد نجد من يفيد بأن الآلات تفتقر إلى الإبداع والعمق العاطفي الضروريين لإنتاج أعمال فنية رائعة حقًا ، بينما يؤكد آخرون أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تجاوز حتى أكثر الفنانين البشر موهبة.
إلا أنني أرى بأن الأعمال التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي قد تكون بارعة تقنيًا ، إلا أنها غالبًا ما تفتقر إلى اللمسة الإنسانية والرنين العاطفي الضروريين جدًا للفن العظيم. لا تتعلق العملية الإبداعية فقط بتوليد المخرجات ، بل تتعلق باستكشاف أفكار جديدة والتعبير عن المشاعر والتواصل مع الآخرين على مستوى عميق وهادف. هذه كلها صفات لا تستطيع الآلات تقليدها
يحق لك ضياء، أن تقلق بشأن ما مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على منافسة الكاتب المبدع، وأنا أشاركك هاته المخاوف والهواجس، لأنه حتى ولو لم يصب الذكاء الاصطناعي الكتابة الإبداعية في مقتل، سيصيبها في مفصل، ويُعيقها ويسبب لها الكثير من الخسائر . ولم تستطع الصمود إلا تلك الكتابات الفنية ذات الجودة العالية جددا، خاصة وأن لاحدود للذكاء الاصطناعي، ولا أحد يقدر على التنبؤ لما سيؤول إليه أمام هذا التطور والتقدم المهولين.
ونحن نرى ما سببته المكننة والتكنولوجيا على مر التاريخ، لقطاعات فنية كثيرة من كساد، ودخلت معها في منافسة شرسة جعلتها ترفع الراية البيضاء، وتتراجع للوراء، وتستغيث هل من منقذ؟
التعليقات