في الفترة الأخيرة انتشرت على الساحة رواية باسم أم ميمي للكاتب بلال فضل، واتضح من بعض التعليقات والريفيوهات حولها أن بها العديد من الألفاظ الخارجة التي تخدش حياء القارئ
ومن عدة سنوات كنت قد قرأت رواية أخرى تدعى على فراش فرويد، وكان ينطبق عليها تقريبًا نفس الوصف ... وفي كلا الحالتين واجهت وواجه كل من قرر القراءة والتعليق على ما قرأ سيل من الانتقادات، والمهاجمة، وأحيانًا الغاء الصداقة أو المتابعة على مواقع التواصل الاجتماعي. ولا بأس بعدة رسائل على الخاص تكفرنا أو تصفنا بالفجور وخلافه. ليتردد صدى سؤال مهم في الفضاء الثقافي ... هل يجب أن يعكس الأدب الواقع المتجسد أمام عيوننا والمتصف بما يمكن وصفه +50 وليس 18 فقط؟ أم يجب أن يقدم الصورة بجودة ونقاء خالي من الشوائب والعيوب تمامًا حتى لا يخدش الحياء العام؟
إن الواقع الذي نعيشه مليء بكل هذه الأمور الخادشة للحياء، تقتحم أذننا، وعقولنا، وأعيننا. في كل لحظة وحين، وتكاد تكون الألفاظ الخارجة عن الأدب دارجة بين أغلب المجتمعات بصورة غير مسبوقة، حتى أصبحت لا تقتصر على غني أو فقير، متعلم أو جاهل، كبير أو صغير، الكل صار يعرف هذه الألفاظ ويرددها على - الفاضي والمليان - ليل نهار، في مزاح أو جد، لعب أو شجار. وبالتالي أليس غريبًا أن ننتظر ممن يعيش هذا كله أن ينقل إلينا صورة مغايرة تمامًا عنه؟ أوليس هذا غشًا؟
هذه الروايات تعالج مشكلات موجودة بالفعل في واقعنا وليست من وحي الخيال، تعالجها بصورة قد تكون فجة صحيح ولكن كيف يمكن معالجة شيء فج بالأدب؟ ومن ثم فإن رفضنا لهذا النوع من الأدب يعد من وجهة نظري رفض صريح للواقع ومحاولة ايهام النفس بأنه غير حقيقي لأننا لا نراه، مما يدفعنا إلى عيش صورة مثالية بحتة تفصلنا عن الواقع تمامًا.
الأمر الآخر الذي صاحب هذه الروايات هي الهجوم على من قرر قراءة هذا الأدب دون فرضه على الآخرين، وهو أمر شائع وبشدة في أغلب المجتمعات الثقافية مما يدعو إلى التساؤل هل يجب أن يخاف القارئ من رأي الناس فيه فيعزف أو يُخفي قراءته لهذه الأعمال؟ وهل الاطلاع على مثل هذه الأعمال يستحق أن يوصم صاحبها بكل الأمور البشعة التي تُقال؟
لا استطيع صراحة الإجابة بشكل كافي ووافي عن هذه الأسئلة، ولكن يسعني أن أقول أن الأدب له وظيفة غاية في الضرورة وهي ليست امتاعنا وفقط، بل يقع عليه مهمة تثقيف الجموع، ورفع وعيهم، ومساعدتهم على الاطلاع على مشكلاتهم الحقيقية وحلها. وكل هذا لن يحدث في حال قرر الكاتب أن ينطلق في كتابته من درجة وعي معينة قد تكون أعلى بكثير من الجموع الغفيرة التي تقرأ له.
كذلك محاولة تجاهل الواقع السيء بغرض ضحده لن يؤتي بالثمار المرجوة منه، بل العكس قد يكون سببًا في انتشاره أكثر وتفشيه بين الفئات المختلفة. فلا تكن هذه المحاولة إلا انفصال عن الواقع وفقط.
والآن اتشوق لسماع رأيكم في هذه النقطة ... هل ترون أن الأدب يجب أن يكون كله نظيفًا على عكس الواقع؟
التعليقات