أراقبُ يومياً آراء الناس في موضوعة كتب التنمية البشرية، الكل يعترض على وسائل الإعلام، الكل يبخس قدرها، هذا عكس ما كان الحاصل قبل عدّة سنوات، حيث كان الناس كلّهم يمجّدونها، الآن من يبخسها يقول: هي ليست علم!
أقرأ كتب في التنمية البشرية وللصراحة استفيد جداً منها، ولذلك يتبادر إلى ذهني الآن هل فعلاً لا يجب أن نقرأ هذا النوع من الكتب لمجرّد أنّها ليست علم؟ هل لمُجرّد أن كتب التنمية البشرية ليست علم يعني أنّها غير مفيدة، كيف تحكّم هذا الأمر؟
هل لمُجرّد أن كتب التنمية البشرية ليست علم يعني أنّها غير مفيدة، كيف تحكّم هذا الأمر؟
مؤخرا أصبحت لا أطيق قراءتها نظرا لما تصدره من أفكار خيالية، لا أجزم أن كل الكتب كذلك، لكن الجانب السيء منها أثر على الجانب الجيد، وإستبدلت ذلك بمتابعة والإستماع إلى بودكاست في هذا المجال وأعتقد أنه يفي بالغرض أفضل، لأنه يسرد تجارب وتحسن من تجربتنا الحياتية.
لكن الجانب السيء منها أثر على الجانب الجيد
غالبًا ما تروج هذه الكتب لأفكار أو نصائح حول كيفية تحقيق النجاح أو السعادة على الفور. ومع ذلك، فإن الحياة الواقعية أكثر تعقيدًا من ذلك، ولا توجد حلول سهلة للمشاكل التي نواجهها.
تتضمن هذه الكتب معلومات غير دقيقة أو مضللة حول مواضيع مثل علم النفس أو التنمية الشخصية. يمكن أن يؤدي هذا إلى اتخاذ قرارات غير صحيحة أو حتى ضرر جسدي أو نفسي.
تتضمن هذه الكتب لغة فنية أو مصطلحات صعبة الفهم. يمكن أن يكون هذا محبطًا للأشخاص الذين ليس لديهم خلفية علمية أو أكاديمية.
@mohamedaoun @GhadeerAl_Smairi
أي كتب قرأتم وأخذتم هذا الانطباع؟ يعني ربما الفكرة في اختياركم للكتاب
قرأت كتب تنمية بشرية كثيرة وأغلبها مفيد لتطوير المهارات، مثلا كتاب كيف تؤثر بالناس لديل كارنيجي، وكتاب فن إدارة الوقت، وكتاب فكر وازدد ثراء لنابليون هيل، وكتاب قوة العادات لتشارلز دويج وغيرها من الكتب، الكتب مفيدة وممتازة.
لكن المشكلة تكمن في ماذا نتوقعه من الكتاب، الكتاب ليس سحرا نحن من نحدد كيف نستفيد منه وكيف، هو لن يقول لك بخطوات محددة كتميمة نمشي عليها فنحقق ما نريد، هو بالنهاية معرفة تعزز تفكيرنا، وتوسع مداركنا حول آلية تعامل مختلفة، فمثلا كتاب قوة العادات هو لن يعطيك الشفرة لتغيير أو وقف عادة ولكن سيفهمك كيف تتكون العادة لتتمكن أنت من خلق طريقتك الخاصة في تغييرها أو وقفها تماما.
مؤخرا أصبحت لا أطيق قراءتها نظرا لما تصدره من أفكار خيالية
كيف وصلت إلى هذه المعادلة؟ معظم من ينشر هذه الكتب لا يقول بأنّهُ ينقل لنا علوماً وإلّا كان نشرها ضمن المجلّات المُحكّمة ولكنهُ على ذلك يطرح تجارب، وهذه التجارب قد تنجح معك وربما لا بناءً على بيئتك وعقلك وتربيتك وتعليمك وأفكارك ومستواك المعرفي وهدفك والكثير الكثير أيضاً، إذاً كيف وصلت فعلاً إلى اعتماد هذا المُصطلح في التعامل معهم: أفكار خيالية؟ ما هي الكتب التي جعلتك تفقد إيمانك بجدوى المجال كله؟
أنا بصراحة لا أحب كتب التنمية البشرية كثيراً. أجد أن بعضها ممل ومكرر ومبالغ فيه. أحياناً أشعر أن الكاتب يحاول أن يفرض علي رأيه أو طريقته دون أن يعطيني مساحة للتفكير أو الاختيار. كما أن بعض الكتب تحتوي على معلومات خاطئة أو مضللة أو غير مدعومة بالأدلة العلمية.
ولكن، هذا لا يعني أن كتب التنمية البشرية ليس لها فائدة أو قيمة. فهناك بعض الكتب التي تقدم نصائح وأفكار وتجارب مفيدة وملهمة. وهذه الكتب تساعدنا على تحسين حياتنا بطرق مختلفة، مثل:
لذلك، أنا لا أستطيع أن أقول إن كتب التنمية البشرية جيدة أو سيئة بشكل عام. فهذا يعتمد على نوعية الكتاب وطريقة القارئ. فالكتاب الجيد هو الذي يقدم لنا معلومات صحيحة ومفهومة ومفيدة. والقارئ الجيد هو الذي يقرأ بانتقاد وتحليل وتطبيق.
أجد أن بعضها ممل ومكرر ومبالغ فيه
لا أعتقد أنّهُ يصح أن نذكر هذه العبارة في معرض حديثنا عن الكتب، باعتقادي بالتأكيد سوف تشعر بالملل إذا كنت تنتقي عنوان لأمر يجذبك من غلافه وعنوانه عوضاً عن أن تكون أنت فعلاً تحمل مشكلته وتريد حلولاً منه وقرأت النبذة والفهرس وعدّة صفحات قبل شراءه، إذا لم تفعل ذلك مع أي كتاب سوف تملّ، أنا مثلاً مللت من قصائد شكسبير التي يعشقها الناس، لماذا؟ لإنني أدرسها، مطلوبة منّي في الجامعة، السياق اختلف، ردة الفعل اختلفت، ولذلك حالو أن تجد عناوين أهم بالنسبة لك فعلاً وفتّش قبل القراءة جيداً.
لو كنّا لنمشي وفق هذا المبدأ، أي أن لا نقرأ هذا النوع من الكتب لأنهّا ليست علميّة، فإذا علينا أن نتوقّف عن الاستماع للنّاس والتواصل الاجتماعي إذ أنّ ثلاثة أرباع ما نستمعه ليس علم وليس حقائق. ومن هذا المنطلق فانا اعتقد على العكس أنّ هذا النوع من الكتب يعتبر مفيدًا جدًّا حيث أنّه يعمل على تطوير المهارات النّاعمة ومن ضمنها المهارات القياديّة. كما أنّها تمنح الإستراتيجيات الضروريّة للتعرّف على نقاط القوّة والضعف في شخصية الفرد بالإضافة إلى التعرّف على المهارات التي على الفرد أن يمتلكها. وأنا من الأشخاص الذي يؤمنون بشدّة أنّ كتاب واحد كفيل بتغيير حياتنا خاصّة إذا ما اقترن بالنيّة والإرادة لذلك ولكن الشرط الأساسي لتحقيق هذا الأمر هو أن ننتقي هذه الكتب بفعالية حتى لا نهدر وقتنا ومواردنا.
المشكلة في تنمية الذات ليست أنها لا تعتبر علم، بل في أنها في بعض الأحيان تقوم على المتاجرة بالوهم، ولها سوق تسويقي ضخم جداً لذلك في أغلب الأحيان تجدها دائماً على رأس الكتب التي تصنف ضمن الأعلى مبيعاً في الأسواق، حسناً ومع هذا الإقبال الهائل هل تحسنت حياتنا ؟ شخصياتنا ؟ تغلبنا على مشاكلنا ؟ توصلنا إلى السلام الروحي ؟ ليس جميعنا .
ولكن من ناحية أخرى، يوجد بعض الكتب القائمة فعلاً على أسس علمية والتي تهدف إلى تطوير مهارات معينة كما ذكرتي، ولكن مع موجة التنمية الذاتية الرائجة منذ مدة تتصدر كتب هي ليست إلا بيع أوهام وردية للقارئ حتى يشعر بتحسن مؤقت وطاقة قصيرة المدى ثم يعود إلى الشكل الذي اعتاد به حياته.
أحبّ الحجّة التي طرحتيها حضرتك في بداية التعليق وتذكّرني في مقولة للمستشار الاقتصادي والمُتحدّث الأمريكي الرائع الذي لديه كتب وسلسلة رائعة على اليوتيوب عن تنظيم الأولويات: جيم رون jim rohn حيث قال مرّة بأنّهُ لا يسأم أصلاً من قراءة حتى الكتب السيئة، الكتب التي تطرح أفكاراً سيئة، لإنّهُ يعرف فعلاً بأن كل كتاب سيء يقرأه يمكن أن يُشكّل له حافز للتعرف على نقيضه، ينبهه على الأمر وبالتالي يخرج بقيمة حتى من الكتب السيئة.
ولذلك يتبادر إلى ذهني الآن هل فعلاً لا يجب أن نقرأ هذا النوع من الكتب لمجرّد أنّها ليست علم؟ هل لمُجرّد أن كتب التنمية البشرية ليست علم يعني أنّها غير مفيدة، كيف تحكّم هذا الأمر؟
التنمية البشرية وبكل اشكالها هي علاج خاطئ لمرض حقيقي او بالاحرى حل مشكلة حقيقية بمشكلة اخرى، فهي تشبع رغبتنا في المعرفة والنجاة بالعلم ل لكنها في نفس الوقت عطي اشباع ممرض وهمي غير فعال بنفس القوة التي تتوهمها.
التنمية البشرية في رأيي تشكل مادة ادمانية تعتمد على تفعيل عزيزة الارادة ، وتعطي كل حلوللها كمسكنات مؤقته لمشاكل عميقة جدا لا يمكن معالجتها بالطرق السطحية التي تقدمها هذه المواد .
طبع لا، كل ما يدخل اطار تحت اطاار لتراث الفكري البشري مفيد لا محالة حتى ذلك الذي لا نعترف به بصورة مباشرة، السحر، التنجيم، الابراج، الميتافزيقا والماورائيات ، ....الخ كلها تراث فكري بشري له قيمته، حتى لو لم يكن علما، وله خصوصياته كنوع من الابداع البشري ، وعلى الاقل هو تأريخ لعقلية سادت التاريخ البشري في فترة ما او مرحلة ما من مراحله، وهذه وحدها اسباب كافية للاحتفال بهذا المنتج الرائع ، اليوم بعد مرور اكثر من 23 قرن من الزمن مازلنا نقرأ تراث ابوقراط عن الصحة وقوانينها مع اننا نعم اليوم ان معظم ما قاله ابقراط خاطئ، ونقرأ تراث ارسطو في علم الحيوان وتراث ديكارت في البيولوجيا ومعظم تراث اليونان ونعلم يقيينا انه خاطئ اليوم بكل معايير العلم، لننا نقرأه لذاته لأنه قيمة تارخية عظيمة.
لكن تقييم التنمية البشرية كتراث واجتهاد بشري يستحق القراءة على صحته وخطأه لا يعني تقديسه او اعلاءه او جعله علما والسير به كقانون علمي .................. يجب وضعه في حدوده المعرفية واعطائه صلاحياته المتوافقة مع هذه المحدودية، ولا بد من اخضاعه للنقذ والتحليل واعادة النظر فيه والتفكير فيه كاجتهاد بشري لا اكثر.
لا يهم من اين تأخذ الحكمة، ان كان من كتاب مقدس في الديانة الشنتوية او انشودة فرعونية أو كتاب الموتى، او كتاب مقدس من الديانات السماوية او مقولة لفلاح يعمل عقله ، العبرة ليست دائما بالمصدر بل بقوة الفكرة وتأثيرها ومستواها....
لذلك انا ضذ كل انواع التصنيف اوالفوقية في الحكمة، في النهاية تلك التصنيفات وضعت لخدمة شخص ما او نظام ما ووهو لا يعني ان تصنيفه صحيح بل يعني انه يتوافق مع مصالح ورؤى معينة قد اختلف وقد اتفق معها، ولا علاقة بها بالفكرة نفسها .
ما يُعجبني فعلاً بالتنمية البشرية أو التنمية الذاتية، self development هو اللغة، يصعب على كل إنسان قراءة الأبحاث العلمية المنشورة في الجامعات المرموقة مثلاً في مسألة تنظيم الوقت وذلك لصعوبة تحليل اللغة والطريقة التي يتمّ بها الأمر من قبل المواطن العادي، التنمية البشرية غربال للغة الأكاديمية العاجية، غربال أحياناً يسرّب الغلط ولكن بالمقابل يقوم بما تعجز العلوم عن تقديمه، بشعبنة العلومة، بجعلها شعبية ومتاحة للناس، وغالباً ما تكون هذه العلوم إدارية أو نفسية.
المصطلح نفسه أصبح ذا سُمعة سيئة للغاية. يتبادر إلى ذهني حين أسمعه فكرة تطوير المجتمع بالكامل، بينما الأصل في التنمية البشرية هي تنمية الفرد والتركيز على عاداته بشكل فردي بحت. أفضّل استبدالها "بالتنمية الذاتية".
القراءة في هذا النوع بالطبع لا يمكن رفضه بالكُلية ولكن يجب علينا وضع الأمور في نصابها الصحيح، فما فائدة القراءة وتحصيل العلم إذا لم ننتفع به ونحصل على تطبيق حقيقي نستفيد به في حياتنا؟
وهذه هي مشكلة التنمية البشرية، أنّ معظم الكلام الذي يتم تصديره غير قابل للتطبيق، فجزء منه مبالغة وجزء آخر مجرد أفكار وهمية لا تمس الواقع بصلة. أنا مع التنمية الذاتية المعتدلة المتزنة التي يتم ربطها بمجالات أخرى ودلالات نفسية ولا تتجاهل الواقع وتضع ظروف الأشخاص في الاعتبار بدون أي تنظير.
المصطلح نفسه أصبح ذا سُمعة سيئة للغاية
أوافق حضرتك الرأي بكل تأكيد، بلا شك مصطلح التنمية البشرية أصبح سيئاً عند التداول ولا يعطي أي ثقة للإنسان ولمن يتداول هذه الأمور ولهذا الأمر غرابة برأيي تستحق التوقّف، كيف صار كل ذلك فجأة؟ أذكر أنّنا دخلنا الـ 2010 وكل العالم العربي تقريباً مندهش بكل هذا المجال ويتداوله بطريقة غير مسبوقة، ليكون بعد ذلك بـ 10 سنوات أسوء التصنيفات! كيف حدث ذلك ولماذا؟ "خاصة أنّهُ لم تجري حملات توعية عن الأمر لا شعبية ولا حكومية".
هل تعرف ما إذا هناك أحد قبل د. إبراهيم الفقي -رحمه الله- أدخل هذه الأفكار إلى المجتمع العربي؟
أعتقد أنني أتفق مع الرأي القائل أن كتب التنمية البشرية ما هي إلا عبارة شخص يخبرك أو يذكرك بأمور أنت تعرفها في قرارة نفسك، ولكنك تخادع نفسك بأنك تتلقاها للمرة الأولى وهذا ما تقوم عليه الكثير من الكتب والمحتوى في هذا المجال، هذا جانب.
الجانب الآخر أنها في بعض الأحيان تنقلك إلى أبعاد خيالية مفرطة الوردية وبعيدة عن الواقع، فيصبح الأمر وكأنك تقرأ قصة خيالية تصور التطور المثالي للإنسان، لنأخذ كتاب "الراهب الذي باع سيارته الفراري" للكاتب روبن شارما وقد كتبت عنه مسبقاً بالمناسبة، الكتاب يصنف من ضمن كتب التنمية الذاتية وقد قرأته في فترة مبكرة جداً من بداياتي في القراءة عندما كانت جل قراءاتي متركزة على كتب التنمية الذاتية أو تطوير الذات، الكتاب يحمل في طياته نصائح مفيدة ولكنه في الوقت نفسه يطرح قصة غير واقعية بالمرة لإيصال هذه الأفكار، وهذا ما بدأت ألحظه مؤخراً عند مراجعتي للقصة وبالأخص عندما سمعت الكاتب أيمن العتوم يتحدث عن الكتاب في إحدى فيديوهاته، فمن جهة يوجد جوليان المحامي اللامع والشغوف بعمله والذي يواجه فجأة أزمة صحية تجعله يتخلى عن أسلوب حياته المعتاد وينطلق في رحلة استشفائية وروحانية وتترافق مع هذه الرحلة عدد من التساؤلات والأفكار، ما مدى الواقعية في هذه القصة ؟
هل يمكنني بمجرد أن أشعر بالاستنزاف في العمل أن أقرر فجأة أن أتركه وأترك حياتي الإجتماعية وكل شيء اعتدت عليه وأسافر إلى جبال الهيملايا لأمارس التأمل وبهذا ستنتهي كل مشاكلي في الحياة وسيصبح كل شيء مثالي ؟
جانب آخر وهو التكرار، ويوجد كتاب بدأت بقرائته منذ فترة ليست ببعيدة لأحد الشخصيات المعروفة في هذا المجال ولكنني انقطعت عنه لكثرة ما وجدت فيه من التكرار الممل جداً للقارئ، وكأن الكتاب كله والذي تتجاوز صفحاته ال400 صفحة يدور حول فكرة واحدة فقط لا غير وكل ما دونها هو حشو مبالغ به.
أعتقد أنني أتفق مع الرأي القائل أن كتب التنمية البشرية ما هي إلا عبارة شخص يخبرك أو يذكرك بأمور أنت تعرفها في قرارة نفسك، ولكنك تخادع نفسك بأنك تتلقاها للمرة الأولى
يُزعجني هذا التشبيه الذي قمتِ فيه حضرتك، ليس لعدم صوابه ولكن ربما لعموم صوابه، كل شيء حولنا يمشي بذات الطريقة تقريباً، ألا نقوم بالأخبار بسماع ما نعرفه يومياً؟ ألا نقوم بالجامعة بحضور محاضرة نعرف فحواها مسبقاً وربما نكون قد قرأنا كتابها؟ ألا نقوم بسماع خطب الجمعة عن مواضيع نعرفها ونعرف مغلوطيّتها؟ حملات التوعية من العادات السيئة أيضاً؟ نعيش في حياة مليئة بهذه الأمثلة والتي تسمّى تذكير، وهذا نقوم به كثيراً وهو مهم جداً برأيي في حياة الإنسان خاصّة حين يطلبه.
وهذا التشبيه بالتحديد أخذته من كاتب الكتاب الذي تحدثت عنه في ذيل تعليقي السابق، حيث أفرغ كل جهوده في مقدمة الكتاب لمحاولة إقناع القارئ بقراءة الكتاب حتى النهاية وكأنه ينفي تهماً عمّا يقدمه، فيثبتها ! واقتباساً منه أنقل :
فكل ما سيفتح في نفسك معروف لديك أصلاً، وما على الكتاب إلا أن يذكرك به
كما أنه تطرق لموضوع التكرار، وأسرف في التبريرات المتتالية في المقدمة والمبالغات وكأن بحوزته سراً كونياً سيغير العالم بأسره وقام بالتفضل علينا بكشف هذا السر وهذه من الأساليب المنفرة بالنسبة لي على الرغم من جزالة اللغة والتعبير التي يحظى بها الكاتب، وبالعودة إلى الكاتب عندما قمت بالبحث عنه تبين لي أنه يمتلك قناة يوتيوب ويصف نفسه بأنه "معلم وعي" .. صدقاً لا أعلم شيئاً عن هذا المسمى !
ولكن ما قصدته من تشبيهي هو أنهم يذكروننا بالبديهيات، علينا أن نحب أنفسنا، أن نثق بها، أن الفشل جزء طبيعي من النجاح، كل هذه الأمور نحن نعرفها وإذا نسيناها قد تأتينا كنصيحة من صديق أو مقدم برامج أو حتى فاشنيستا ممتلئة بعمليات التجميل، فلماذا قد أمتلك كتاباً من 500 صفحة ليخبرني بذلك، أو دورة تدريبية بسعر دورة أكاديمية؟
وأسرف في التبريرات المتتالية في المقدمة والمبالغات وكأن بحوزته سراً كونياً سيغير العالم بأسره وقام بالتفضل علينا بكشف هذا السر وهذه من الأساليب المنفرة
لاحظت أنّ معظم المؤلّفين على مختلف المجالات التي أقرأ لها يقومون بذات الاستراتيجية، وهذا الأمر طبيعي بالنسبة لهم، شخص قام بوضع سنين من عمره في أمر ما، أو لنفرض سنة واحدة فقط، يضع بها كل فكره وانتاج ما يحب أن يُنتج في المجال الذي يحبه، أقل ما يكون هو أن يقوم باستخدام هذه اللغة الحماسية، أجد هذا مبرراً جداً بالنسبة لهم، الكل، ليس فقط كتّاب التنمية البشرية.
لست ضد الأمر، ولكنني ضد المبالغة فيه والتي غالباً ما تأتي بمردود عكسي.
ألا ترى أنه إذا أراد كُتاب التنمية البشرية أن يقنعوا القارئ بما يكتبونه، عليهم أولاً أن يقتنعوا هم به ؟
ألا ترى أنه إذا أراد كُتاب التنمية البشرية أن يقنعوا القارئ بما يكتبونه، عليهم أولاً أن يقتنعوا هم به ؟
يبدو أنّ فكرتي لم تصل لحضرتك 100%، ولذلك سأطرح مثال عن الأمر لتوضيح الصورة أكثر، تخيّلي مثلاً أنّ حضرتك قد قمت الأن برسم لوحة أمضيتِ فيها بالرسم لمدة 3 أشهر مثلاً توصلي به الليل مع النهار في سبيل إنجازها، هل بعد أن تنتهي من هذا الأمر سوف تحاولين نشرها بين الناس باتزان أو بفرح وحماسة؟ بالتأكيد بفرح وبحماسة كرمى للوقت الذي بذلتيه ضمن هذا العمل الذي قد يكون بسيطاً بالمناسبة.
شخصيا اعتبر التنمية البشرية علمًا مهمًا ومفيدًا يهدف إلى تحسين حياة الأفراد من خلال تطوير مهاراتهم وقدراتهم الشخصية. يمكن أن تعمل التنمية البشرية على تحسين العلاقات الشخصية والمهنية ، والمساعدة في تحقيق الأهداف والطموحات ، وزيادة الثقة في النفس والتفكير الإيجابي. وقد نجد يا ضياء بأن العديد من الشركات والمؤسسات يعتمدون على خبراء التنمية البشرية لتدريب موظفيهم وتحسين أداءهم.
لذلك يمكن القول بأن التنمية البشرية هي مجال مفيد ومهم للغاية، ويمكن للأفراد العمل على تحسين حياتهم وتطوير مهاراتهم الشخصية والمهنية سواء من خلال قراءة الكتب والمقالات أو مشاهدة المحاضرات والاخراط في الدورات المهمة منها عندما يكون مؤطريها ذات شأن معروفين على الساحة مثل محاضرات ودورات الأستاذ طارق سويدان.
شخصيا اعتبر التنمية البشرية علمًا مهمًا
أرفض بالمطلق هذا الأمر وأعتبر أنّهُ مبالغ به، رأي مبالغ به جداً، لا يمكن أن تكون التنمية البشرية ككتب لا بأي حال من الأحوال علماً، للعلم قواعد أكاديمية نعرفها جيداً، لست أقول على مستوى استخراج المعلومة واستنتاجها وتجربة صحّتها فعلاً وفعاليتها، لكن على الأقل وفي أضعف الإيمان للعلم تنسيق واضح في فرز المعلومات أصلاً حين تحريرها، تنسيق منهجي مهم مبني على خطط معرفية وأهداف مسبقة.
بعض الناس يرون أن كتب التنمية البشرية لا تعتبر علمية بسبب طريقة عرضها ومفاهيمها القائمة على التحفيز والإلهام والتفكير الإيجابي، ولكن هذه الكتب لا تتناول فقط الجانب النفسي والتحفيزي وإنما تتناول أيضًا قضايا علمية ومنها العلاقات الاجتماعية والذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية وإدارة الوقت والفعالية الشخصية والعمليات الذهنية وغيرها.
لذلك، يمكن لكتب التنمية البشرية أن تكون مفيدة للأشخاص الذين يرغبون في التعلم والتطوير الذاتي، ولا يجب أن يتم التقليل من قيمتها وأهميتها بسبب عدم اعتمادها على العلوم الصرفة فحسب. على العكس، يمكن أن تكون كتب التنمية البشرية مفيدة وملهمة للأشخاص الذين يرغبون في تحسين حياتهم وبناء مستقبل أفضل.
ما يجعلني أقبل التنمية البشرية كقسم ضروري ضمن أي مكتبة هو أنّها تقدّم نتائج حقيقية في قدرتها على رفع كفاءة الإنسان في معالجة قضية يهتم بها أو عنده حاجة لحلّها كمشكلة، من الواضح أنّ هذه الكتب تقيم فرقاً واضحاً في حياة الناس وخاصّة في حياتهم المهنية، لإنّهم يتلقون نصائح عملية من أشخاص أمضوا سنوات عمرهم في أمر ما معيّن، ليسوا باحثين أو كتّاب أبحاث ولكن ببساطة يريدون نقل التجربة للآخرين.
التعليقات