لطالما كان مقدار تحكم الإنسان في اختيارات حياته أمرا محيرا ومثيرا للاختلاف والنقاش. من وجهة نظركم، هل الإنسان بالفعل متحكم في جميع متغيرات حياته وبالذات عند وضع خطط دقيقة وتنظيم وقته بإحكام، أم أنه ينجرف إلى حين تأخذه الرياح دون إرادته مهما فعل؟
وهم التحكم
أظن أن هذه معضلة نسبية ... و تعتمد بشكل كبير حول شخصية الفرد و إرادته ... من شخص يقتنع بمحيطه و أحداث حياته ... و شخص يسعى دائما "للمثالية" رغم وعيه و وعينا التام ان الكمال للّه.
وهل من وجهة نظرك أستاذ محمد أن هناك شخص أفضل من الآخر في تلك الحالة أم أن كلاهما مخطئ بطريقة مختلفة؟ هل يجب علينا الخضوع والاستسلام للظروف المحيطة بنا دون محاولة تغييرها بأي شكل؟ أم أننا يجب أن نسعى بشكل مستمر لتحسين وتطوير حياتنا وعدم الاستسلام للحدود المحيطة بنا؟
نحن كأشخاص غير متجكمين في جميع خيارات حياتنا لأننا لانعلم الغيب ولا نعلم ما سيحدث في المستقبل القريب ولكننا نحاول ونسعى لوضع خطط تنظيمية للوقت والاهداف ولكن عندما تأتي ظروف قدرها الله لنا قد تغير لنا في بعض خياراتنا ولأننا نؤمن بالله فهو خير لنا .
برأيي ، الإنسان مخير ومسير في جميع قرارات حياته في الوقت ذاته ، فهو ميسر لما خلق له، أما كونه مخيراً فلأن الله تعالى أعطاه عقلاً وسمعاً و إدراكاً وإرادةً .
هل الإنسان بالفعل متحكم في جميع متغيرات حياته وبالذات عند وضع خطط دقيقة وتنظيم وقته بإحكام، أم أنه ينجرف إلى حين تأخذه الرياح دون إرادته مهما فعل؟
الإجابة أبسط من المتوقّع يا صديقي. بالتأكيد لا. كيف يمكننا تعميم فكرة التحكّم على جميع المتغيّرات في حياتنا؟ إن الأفكار الصحيحة تتطلّب الأسئلة الأصح، وبالتالي فإن المغالطة تكمن في الطرح نفسه، حيث أن التعامل مع الواقع الذي يشملنا جميعًا ولا نمثّل له شيئًا يذكر بهذا القدر من التعميم ليس بالمسار الصحيح للفكرة من الأساس. وعليه، فإننا لدينا الاختيارات بالفعل. لكنها محدودة، كما هو الحال فيما يتعلّق بتصميمنا البيولوجي وحجمنا مقارنةً بحجم الكون المحيط بنا.
تخيل معي أخي علي أن الحياة دائرة كبيرة وداخلها دائرة أصغر منها. الدائرة الكبيرة هي الظروف المفروضة علينا والتي لا تحكم لنا بها مثل التصميم البيولوجي كما ذكرت، فأغلبنا نمتلك نفس التصميم الجسدي دون اختلاف كبير. أما الذائرة الأصغر فهي الظروف التي نمتلك التحكم بها، وذلك يشمل في حالة الجسم أيضا ممارسة التمارين الرياضية واتباع نظام غذائي صحي والحفاظ على عادات صحية، ألا ترى في هذه الحالة أن الإنسان يتمتع بقدر كبير من التحكم في حياته؟
يستحيل التحكم في كل مجريات دورة حياة أي مخلوق سواء كان كائنا حيا أو جمادا, حتى التكتلات الصخرية تتغير وتتحول بسبب المتغيرات من حولها, فبالأحرى التحكم في الخطط الدقيقة التي يضعها البشر.
نحن لا نعيش في وسط منعزل فيزيائيا كي يسير فيه كل شيء على حسب خططنا, لا أظن أننا بحاجة لشرح المسألة أصلا فكلنا نعيش بالدنيا وندرك الأمر.
إذا من وجهة نظرك ما هو السلوك المثالي الذي يجب أن يتبعه الإنسان في ظل هذا الوسط المتغير بشكل مستمر؟
هل يجب أن يحاول تحسين خططه ووضع حلول بديلة وأن يكون واقعيا قدر الإمكان ومراعيا لظروفه المحيطة به ليحصل على نسخة من حياته هو قادر على التحكم فيها قدر الإمكان أم يستسلم لما هو عليه الحال طالما ليس لديه القدرة على التحكم فيما يدور حوله؟
بالتأكيد كلنا نعمل ونسعى على تحسين حياتنا هذا من البديهيات, ولا يتعارض كون الإنسان مسيرا في الجزء الأكبر من حياته على أنه مخير في الجزء اليسير منها.
وبين قوسين حسب رأي علماء الأعصاب فإن الإنسان مسير بشكل كلي تماما من المتغيرات حوله, وإنما ما نعتقده خيارا هو ليس كذلك في حقيقة أمره لأنه يمكن عزل المتغيرات العديدة التي أدت للإنسان لسلوك هذا الخيار أو ذاك, فحتى كتابة ردي هذا تتحكم فيه متغيرات عديدة من حولي, وما أعتقده خيارا في الرد وإنتقاء للألفاظ والأفكار هو وليد ما مر ويمر علي من متغيرات غير متحكم بها وليس خيارا خالصا.
الامر متعلق بمسألة حرية الارادة ، اختلف بشأنها العلماء ، لكني اسير مع تيار "وهم التحكم " ، انت لم تتختر اين تولد ، وتمت برمجتك بقناعاتك وافكارك وطموحاتك من قبل المجتمع ، فعن اي تحكم تتحدت ، فكيف تتحكم بشيئ انت نفسك لم تختره
بالفعل حصل كل منا على نصيب وفير من الظروف الإجبارية التي لا تحكم لنا فيها. لكن ألا توجد طريقة لتغيير ذلك؟
ألا يمكن للإنسان أن يغير من قناعاته المبرمجة بواسطة المجتمع بالاطلاع والقراءة؟ ألا يستطيع الإنسان أن يصل لأفضل ما يستطيع الوصول إليه في ظل ظروفه التي لا يستطيع التحكم فيها والخروج منها؟
أشعر في بعض الأحيان أن هناك من يختار دوما إلقاء اللوم على الظروف والحياة ليتجنب تحمل المسئوولية، ما رأيك بهذا؟
قرأت هذه الحجة كثيرا ، واثناء تفكيري توصلت لامر اعتبره لب الموضوع ، "الم يفكر الانسان في المقام الاول انه ليس هناك مسؤولية؟" .
فالمسؤولية تعطي الانسان قيمة وغاية لوجوده ،وبالتالي قيمته ، ولا يقبل الانسان ان يعتبر بلا قيمة فبالتالي يفعل المستحيل لاقناع نفسه بانه متحكم وبالتالي مسؤول ومنه له قيمة في الحياة ،
بالنسبة لتغيير القناعات ، فانا ارى ان الانسان ليس متحكما بهذه النقطة ايضا ، فما السبب الذي يجعلك تقرأ ، والرغبة في التغيير هي وليدة ظروف لم تخترها ، وبالتالي الانسان لم يختر رغباته ، فلو فرضنا ان شخص ولد في ظروف ملائمة-رغم صعوبة تخيل هذا الامر فلا يمكن لعقلي تصور معنى ظروف ملائمة - فهل كان ليكون هناك حافز ؟
يجادل البعض ان ليس متحكما في رغباته لكنه متحكم في قراراته ، مثلا لم يختر فلان رغبته في الغنى لكنه اختار الطرق ليصل للغنى ، لكن علم الاعصاب ينفي هذا الامر فقد توصلت الابحات لان الاوعي يتخد القرار تم ينتقل بعد ذلك للوعي في اعشار ثانية ، فبالتالي يكون حتى قرارك في نطق حرف أ او ب تم اتخاده سلفا من قبل جسدك -لمزيد من المعلومات راجع كتاب الارادة الحرة لسام هاريس- ،
يبقى الانسان خاضعا لبيئته وهرموناته وجيناته ، لكن هذا لاينفي ان علينا عدم الاستمتاع بالحياة ، فليس مهم من يتخد القرار المهم ان تكون مرتاحا .
هل الإنسان بالفعل متحكم في جميع متغيرات حياته وبالذات عند وضع خطط دقيقة وتنظيم وقته بإحكام
في الواقع الإنسان لا يمكنه السيطرة على جميع جوانب حياته، بغض النظر عن كمية التخطيط والتنظيم التي يقوم بها. فالحياة تحتوي على العديد من المتغيرات التي يصعب التحكم فيها، مثل الظروف الخارجية والأحداث الغير متوقعة.
بالتأكيد قد نجد البعض من يمكنه تحقيق الكثير من الأهداف والأحلام التي يرغب في تحقيقها باستخدام التخطيط الجيد وتنظيم الوقت. عند تحديد الأهداف وتخطيط المهام اللازمة لتحقيقها، يمكن للإنسان تحديد الخطوات اللازمة لتحقيق أهدافه بشكل أكثر فعالية. وبالتالي، يمكن للإنسان السيطرة على حياته وتحقيق أحلامه بنجاح.
ومع ذلك ارى بأنه يجب على الإنسان أن يدرك أنه لا يمكن التحكم في كل جانب من حياته. مثلا، قد يواجه الإنسان مشكلات صحية أو أزمات عائلية أو اضطرابات في العمل تتطلب منه اتخاذ قرارات سريعة وتغيير مسار حياته. لذا، يجب على الإنسان أن يتعامل مع المواقف التي تحدث خارج إرادته بطريقة إيجابية ومنطقية.
أم أنه ينجرف إلى حين تأخذه الرياح دون إرادته مهما فعل؟
ارى انه من اللازم على الإنسان أن يركز على الأشياء التي يمكنه التحكم فيها، والتي تشمل تحديد الأهداف وتخطيط المهام وإدارة الوقت والتعامل مع الآخرين بطريقة إيجابية. إذا استطاع الإنسان التوازن بين التحكم في حياته والتعامل مع المواقف الخارجة عن إرادته، فسيتمكن من تحقيق أهدافه والحصول على السعادة والنجاح في حياته.
إذا استطاع الإنسان التوازن بين التحكم في حياته والتعامل مع المواقف الخارجة عن إرادته، فسيتمكن من تحقيق أهدافه والحصول على السعادة والنجاح في حياته.
عن نفسي، أعتقد أن وضع خطط بديلة هو الحل الأمثل للموازنة بين الظروف الإجبارية والظروف المتحكم بها. فالخطأ الذي يقع فيه الكثيرون هو وضع مسار واحد فقط لا بديل له، وسرعان ما يجد عقبة أمامه، لا يعرف ماذا يفعل.
ماذا عنكي، كيف تستطيعين الموازنة بين الوضع الاضطراري الناتج عن الظروف الإجبارية، والأوضاع التي يمكن التحكم فيها؟
صديقي كريم
من وجهة نظري، الإنسان ليس بالفعل متحكمًا في جميع متغيرات حياته. قد يكون لدينا قدرًا من التحكم والقدرة على تأثير بعض الجوانب الصغيرة في حياتنا، ولكن هناك العديد من العوامل الخارجية التي يمكن أن تؤثر على حياتنا وتجعلنا ننجرف في بعض الأحيان دون إرادتنا.
من الطبيعي أن نحاول تنظيم وقتنا ووضع خطط محددة للتحكم بحياتنا، وقد يكون هذا ضروريًا لتحقيق أهدافنا وتحقيق النجاح. ومع ذلك، فإن واقع الحياة يثبت أن هناك أحداثًا غير متوقعة وظروفًا غير محسوبة قد تحدث وتؤثر على خططنا وتوقيتنا المحدد.
هناك أيضًا عوامل أخرى مثل الظروف المالية والاجتماعية والثقافية والصحية وغيرها التي يمكن أن تؤثر على الفرص والاختيارات المتاحة لنا. لذلك، من الصعب تحقيق مستوى كامل من التحكم في حياتنا.
على الرغم من ذلك، فإن ما يمكننا السعي إليه هو السيطرة على ردود أفعالنا وتعاملنا مع الظروف التي نواجهها. يمكننا اتخاذ قرارات مدروسة وتحديد أهداف والعمل على تحقيقها بالرغم من التحديات. يمكننا أيضًا تعلم كيفية التأقلم مع التغيرات والاستفادة منها للنمو والتطور.
بشكل عام، يجب أن نتقبل أن هناك بعض الأمور التي لا يمكننا التحكم فيها وأن الحياة قد تأتي بمفاجآت. ومع ذلك، يمكننا الاستفادة من القدرة المتاحة لدينا على تأثير بعض الجوانب والاختيارات في حياتنا والتكيف مع ما لا يمكننا التحكم فيه بشكل أفضل.
التعليقات