فيلم "Into the Wild" يروي قصة واقعية لشاب يترك كل شيء ويختار العزلة في البرية كوسيلة لاستكشاف الذات والبحث عن معنى الحياة ، من خلال هذه الرحلة، يكتشف أن الحياة لها أبعاد أعمق من مجرد البقاء والبقاء على قيد الحياة، حيث يتعلم العديد من الدروس القيمة عن الصداقة والحب والتواصل مع الطبيعة.
العزلة تمنحه الفرصة لاستعادة الروح والبحث عن السعادة الحقيقية، وعلى المستوى العام فإن العزلة واختيار التفرد بالنفس ولو لفترة، يعتبر كمسار لتصحيح مفاهيم الإنسان الخاصة عن نفسه، فماذا تستفيدوا من العزلة بحياتكم؟
نرجع لسؤالك الأساسي أنور، هل بالفعل تساعدنا العزلة على فهم المعنى الحقيقي الحياة؟ لا أظن ذلك، العزلة هي وسيلة فعالة للهروب من الحياة ومسئولياتها، من يسعى للعزلة يهرب من مشكلاته إليها بينما الأصح مواجهتها.
هل بالفعل تساعدنا العزلة على فهم المعنى الحقيقي الحياة؟ لا أظن ذلك
بعض الناس يمارسون العزلة بشكل لاواعي هربًا من مشكلاتهم كما تقولين، وبعضهم ينفذها عن قصد وبوعيٍ تام لأجل اكتشاف ذاته كون الناس والبيئة كلها هي المصدر الأول للتشتت وبالتالي تعيق الإنسان عن تحقيق أهدافه وفهم نفسه حين ينخرط فيهم.
وأقوال السلف والأدباء في العزلة كثيرة،
حتى أنّ الرسول نفسه كان ينعزل عن الناس ويختلي بنفسه في غار حراء كما تعلمين.
العزلة ليس مقصود بها التهرب من شئ معين ، هل اختيار الإنعزال لترتيب الأولويات يعتبر هروب ؟! بالعكس قد يحتاج الإنسان كل فترة لهذا .
وقتها لا يجب ان نطلق عليها عزلة، لكن ربما هدنة أو عطلة، نقضيها في تغيير امكان والأشخاص لاكتساب بعض الصفاء الذهني لترتيب الأولويات على شرط العزم على العودة لممارسة الحياة بطبيعية واستكمال مهامنا دون تجاوز مسئولياتنا.
لكن ربما هدنة أو عطلة
من الممكن أن تكون العزلة مصاحبة لعمل مكثف. مصطلح هدنة وعطلة يختلف عن مفهوم العزلة الذي هو أعمق منهما بكثير.
السؤال نفسه جيد ولكن لا تنسى أنه في القصة الحقيقية المعتمد عليها الفيلم أن الشاب انتهى به الأمر بفقدان حياته بسبب هذه العزلة، وكانت عزلته محاولة للهروب وليس لفهم الحياة، ولكن بالعودة للسؤال، العزلة كفترة والعزلة كاختيار للانتهاء من شيء ما أو محاولة لفهم الحياة لا بأس به بل أعتقد أنها ضرورية عندنا مفكرين كثيرين اختاروا العزلة لفترة من الزمن للانتهاء والوصول إلى فلسفة خاصة بهم لفهم الحياة، هذه هي العزلة التي أتحدث عنها، أما العزلة التي تحدث في عالمنا الحالي من التوقف عن التحدث مع الأخرين ما هي إلا هروب، أو خوف من الحياة بشكل عام.
صحيح ولنا في أنبياء الله آية فسيدنا محمد انعزل في كهف حراء قبل أن يبدأ بتلقي الوحي من الله، وكان يأتي بانتظام للتأمل والصلاة
في ظل المحتوى السريع الذي أصبحنا نستهلكه العزلة أصبحت حاجة للعودة إلى معاني الحياة الحقيقية بعيداً عن التوتر والقلق والأعصاب المشدودة طوال الوقت، والزمن الذي أصبح يتسرب من بين أيدينا، لذا لأجاوب على سؤالك سأقول أن استفادتي من العزلة هي عودة المعاني الحقيقية إلي.
هناك فيلم مصري إسمه بيت الروبي يتناول فكرة العزلة هذه ولكن كان من أفضل القرارات التي اتخذوها أثناء الفيلم هو العودة من العزلة والتأقلم مع الظروف أياً كانت.
فى العزلة أستفيد من تطوير الذات، حيث أن الفترات التى تكثر فيها الإجتماعيات يقل العمل على شي خاص أو محاولة حل مشاكلنا الحالية، لابد من أن يكون هناك أوقات للعزلة بشكل مدروس ولكن العزلة المطولة هي أسوأ مايقدمه المرء لنفسه.
ولكن في بيت الروبي اختاروا العزلة هرباً من ماضيهم ، لا أقول أنعزل لكي تهرب بل أسأل هل أختيارك للعزلة لتفهم ذاتك مؤثر أم لا ؟
تنويه بسيط، هناك فعلاً عزلة ومعنا الهواتف ووسائل التواصل هذه لاتمت للعزلة الممدوحة بصلة، بل هي تزيد الوحدة وليست لمراجعة النفس وفهمها وفهم الحياة.
لم أشاهد الفيلم ولكن أعتقد أن الحالة الموصوفة بالنسبة لي لن أسميها بالعزلة، بل ربما الابتعاد قليلًا عن الحياة المارة بسرعة لالتقاط الأنفاس وتأملها بدلًا من الحياة الميكانيكية التي تفرض علينا الجري طوال الوقت.
وبالنسبة لي هذه الحالة تساعدني فعلاً على محاولة فهم الحياة بشكل أكبر وكذلك التأمل في ما يجري حولنا من أشياء بسيطة والنظر إلى داخل النفس والاستماع لصوتها ولصوت الطبيعة من حولنا وهكذا. لن أصف ذلك بالعزلة المطلقة حيث ما زلت في نفس المكان واتعامل مع نفس الناس، لكن ربما عطلة في مكان طبيعي أو حتى الابتعاد فترة عن وسائل التواصل يكون له نفس التأثير
التعليقات