متى يصبح "الانفصال عن الواقع" آلية دفاعية، ومتى يتحول إلى اضطراب شخصية؟

 ممارسة نشاط معين كلما واجهتنا مشكلة أو أزمة ولو بسيطة، مثل الذهاب إلى الشاطئ، أو العزلة والتفكير، أو قراءة كتاب، او ممارسة نشاط رياضي لتصفية الذهن

ليست كل هذه الأنشطة هي أنشطة تفريغية، بعضها ستفاقم من كبت مشاعرك دون أي فائدة، مثلًا قراءة كتاب بعد موقف سيء قد أجدني شردت في منتصف القراءة وبدأت بالتفكير والتوتر، العزلة خيار أحبه ولكنها قد لا تؤدي غرضها إذا قمتي بها لوحدها، ما أعنيه، مهم أن يتم تفريغ المشاعر بشكل ما، البكاء أفضل وسيلة برأيي، إذا قاومته وذهبت لممارسة أي نشاط آخر فأنت كأنك لم تفعل شيئًا لحل مشكلتك، ستتعاظم الأمور بداخلك، لذا البكاء والدعاء والرياضة والفضفضة للشخص المناسب هي الخطوات الأولية برأيي حتى نزيح الثقل من داخلنا، ثم يمكننا اللجوء لأي نشاط آخر وسيؤدي غرضه بفعالية المهم هنا هو أن لا نقمع مشاعرنا ودموعنا وإن استطعت الصراخ واللكم لا بأس افعلها بعيدًا عن الناس!

النوم وسيلة من وسائل الانفصال الواعي، على أنها لا تنفع مثلًا مع من يعاني الأرق والتفكير المفرط، ولكنها وسيلة جيدة لتقليل الضغط على العقل في وقت المشكلة، وقد تكون حتى الوسيلة للخروج من الإطار المشحون والتفكير بهدوء عند الاستيقاظ، على أن البعض يستخدمها كوسيلة للهروب من المواجهة الآن ولاحًا أيضًا.

 أو العزلة والتفكير، أو قراءة كتاب، او ممارسة نشاط رياضي لتصفية الذهن

كلها وسائل فعالة جدًا لأنها تبقينا في الواقع ونركز على ما نفعله الآن فقط، في الوقت نفسه العقل لا يزال يعمل على حل للمشكلة أو الأزمة (فهي Loop سيظل قائمًا لن ينتهي إلا يإيجاد حل) وقد تصلِ لهذا الحل وانت منهمكة في قراءتك، أو بعد ممارسة الرياضة او التأمل أو غيرها، ولكن ما ذكرت @taqwa200 هل هذا الانفصال يعقبه مواجهة إذا تطلب الأمر، أو طريقة لكبت المشاعر فقط، والاضطرار لمواجهة ذلك في سياقات مختلفة لاحقًا؟

ماذا لو كنتِ في موقف صادم ولا تستطيعي فيه التعبير عن مشاعرك، وفي الوقت نفسه الهروب الفعلي منه غير متاح أيضًا، فما هو التصرف الأفضل في وجهة نظرك؟

نعم، بعض المواقف القاسية جدًا قد يخزنها العقل كذكريات ولكن لا يمكن استرجاعها بخطوات واعية، فهي فعلًا كأنك تعمدت نسيانها لأن عقلك يريد أن يحميك من تأثير الصدمة عليك، ولكن قد تجد سلوكيات ومشاعر تظهر في مواقف مختلفة مرتبطة بتلك الذكرى ولكنها لا تعرف مصدرها، والحل هنا هو اللجوء للطبيب النفسي لأنه يعرف من خلال مناهج سلوكية وبالتدريج أن يصل إلى تلك الذكرى المدفونة ويخاطب مشاعرك نحوها بأسلوب مناسب لحجم الصدمة.

فالانفصال أراه يكون بشكل لا واعي مننا

صحيح في المواقف المحتملة الانفصال يكون بإرادتنا، ولكن كبت المشاعر لفترات طويلة قد يؤدي لمشكلة كبيرة في التعبير عنها، فإما تكون من الشخصيات سريعة الاشتعال في أي موقف، أو تتحول لشخص لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره إطلاقًا. جميعنا ننفصل ع الواقع بإرادتنا لأننا نريد تنظيم ذلك الثوران الداخلي للمشاعر، ولكن السؤال: هل نلجأ بعدها لوسيلة مناسبة للتعبير عن تلك المشاعر حتى لو انتهى الموقف، أم ننكرها ونتوقع أنها ستهدأ من تلقاء نفسها؟

الكتابة وسيلة فعالة وجربتها في كثير من المواقف، فهل أنت من مفضلي المواجهة في وقتها مهما كان الموقف؟

أنتِ تتحدثين عن الانفصال اللا إرادي وهو يحدث غالبًا في الصدمات الشديدة، والعقل هنا يحمي صاحبه فعلًا، لكن قد يتطور الأمر لاضطراب شخصية، ومنها اضطراب الشخصية التفارقي، وهو مرهق نفسيًا جدًا جدًا، لأن صاحب الشخصيات يعاني فقدان ذاكرة في أوقات مختلفة من اليوم ولا يتذكر كيف وصل إلى مكان ما، أو ماذا حدث الليلة السابقة، وهذا مرعب لو تخيلتي السياق، ولا يوجد اي حل سوى اللجوء للطب النفسي، لأن تلك الحالات للأسف حتى الآن لا يوجد أي حل نهائي لها، ولا يتعافى منها الشخص ولكن يتعلم كيف يتحكم في الأعراض ويسيطر على حياته بأفضل طريقة ممكنة بإتباع إرشادات الطبيب النفسي.