في العصر الحالي كيف يمكن لشخص أن يقع ضحية للأفكار الإنتحارية "Suicidal Thoughts"؟

في أحد الأيام وأثناء سيري في المستشفي الجامعي مرورًا بقسم السموم وإذ بي أجد العديد من حالات الإنتحار وأقول في قرارة نفسي "إنها مجرد مصادفة" .. وتمرالأيام ويتكرر الموقف كثيرًا حتى يحدث ما لم يكن متوقع بالنسبة لي وهو أن والدة أحد أصدقائي تهرول لأن أحد الأقارب قامت بالإنتحار حزنًا على نتيجة الثانوية العامة وأدخل بحالة من الذهول التام حتى أتيقن من وجود مشكلة حقيقية بالفعل وهي الإنتحار الذي يمثل الطريق الأسهل للبعض من أجل التخلص من المعاناة والألم النفسي، تبدأ قصة الإنتحار منذ قديم الأزل ولكنه لا يزال القضية الرئيسية التي تشغل بال الكثيرين حتى الآن حيث يحتل الإنتحار المرتبة العاشرة، لأسباب الوفيات حول العالم، والرابعة لأسباب الوفاة بين اليافعين من الفئة العمرية بين 15 لــ 19 عامًا. وتقدرالإحصاءات الأخيرة وفاة 800 ألف إلى مليونِ شخص سنويًا، جراء الإنتحارِ في العالم، وهناك شخص واحد، يفقد حياته كل 40 ثانية انتحارًا، بحسب منظمةِ الصحةِ العالمية. وتتصدر مصر قائمة الدول العربية في معدلات الإنتحار، حيث شهدت 3799 حالة انتحار في عام واحد، تليها السودان في المرتبة الثانية عربيًا، بواقع 3205 حالة، ثم اليمن بعددِ 2335 حالة انتحار، فالجزائر في المرتبةِ الرابعةِ، بـ 1299 حالة. ويكمن التحدي الرئيسي في فهم الأسباب التي تجعل البعض يلجأون إلى هذا الخيار القائم، وعلى الرغم من أنه قد يكون من الصعب تحديد سبب بعينه للإنتحار ولكن هناك عدة عوامل تلعب دورًا هامًا في دفع الأفراد نحو هذا الخيار:-

  • الشعور بالعجز واليأس وعدم القدرة على التغلب على المشاكل لذلك تنهال الأفكار أن الإنتحار هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا الألم وبالفعل تزداد هذه المشاعر في ظل ضغوطات الحياة المستمرة.
  • العامل الاجتماعي حيث يمكن أن تؤدي العلاقات الإجتماعية السامة، العزلة، والظروف الإقتصادية إلى زيادة الضغوط النفسية واتخاذ قرارات سلبية جمة.
  • اضطرابات الصحة النفسية المختلفة مثل الإكتئاب الشديد، اضطراب ثنائي القطب، والإضطرابات الخاصة بالقلق وذلك لأنها تؤثر بشكل كبير على التفكير والمشاعر بشكل يمكن أن يجعل الشخص يشعر باليأس التام.
  • العامل البيولوجي حيث يشير بعض الباحثين إلى أن هناك عوامل وراثية تؤثر على تفاعل الدماغ مع التوتر والضغط مما يؤدي إلى نقص إفراز الهرمونات داخل الجسم مثل السيرتونين الذي قد يكون له تأثير في زيادة خطر الإنتحار.

من الضروري التعامل مع الأفكار الإنتحارية بجدية وبشكل فوري ويمكن أن يتم ذلك من خلال تقديم الدعم العاطفي والمساندة وتشجيع الأفراد على التحدث عن حقيقة مشاعرهم مع الإستماع الجيد بدون الحكم عليهم، بالإضافة إلى البحث عن المساعدة المهنية "أخصائي نفسي " لتقديم الدعم والعلاج اللازم للتغلب على هذه الأفكار.

الإنتحار ليس مجرد قضية فردية وإنما هي قضية اجتماعية تتطلب توعية وجهود مشتركة للوقاية من خطر الإنتحار وذلك من خلال تعزيز الحديث عن الصحة النفسية. وفي هذا الصدد .. ما هي العلامات التي تسبق الإنتحار وكيف يمكننا التعامل معها، وما هي الطرق المختلفة التي يمكن أن تساهم في تقليل حالات الإنتحار وخلق بيئة أكثر أمانًا ودعمًا للجميع ؟