في وقت سابق قبل تخرجي مباشرةً من كلية الطب كنت أشعر بإحباط وضغط شديد وأنظر للحياة وكأنها سلسلة لا نهاية لها من الأزمات ودخلت في فترة ركود لأنني شعرت أنني ضحية في هذه الحياة وأنني لن أستطيع المرور لبر الأمان مرة آخرى. ولكن سرعان ما لممت شتات نفسي واعترفت بمشاعري حينها ثم وجدت المفتاح الذي ساعدني في مواجهة هذه المشكلات وهو النظر بعدسة أكثر واقعية وإيجابية. غالبًا ما تحدد الطريقة التي نفسر بها المشكلات في حياتنا مدى استجابتنا لها، بالنسبة للبعض قد تتحول المشاكل بسهولة إلى قصة ضحية، من المؤكد أن بعض المشاكل أكبر من غيرها؛ بعضها مربك وحتى مأساوي، وغيرها يخلق الصدمة والحزن، ولكن العديد من المشاكل اليومية أكثر حيادية لا تخرج الحياة عن مسارها وذلك يعتمد على القصة التي نرويها لأنفسنا عنها، والإطار الذي نضعه حولها منها تحديد رؤيتنا لحجم المشكلة الذي لا علاقة له بالحدث نفسه.

يتحول الإنسان تدريجيًا إلى دور الضحية من التفكير الزائد في الأمر مما يودي بنا إلى دوامة مستمرة تستنزفنا تلقائيًا. فعقلية الضحية تجعلنا غير قادرين على التصرف ونتراجع دائمًا ونتجنب مواجهة الأزمات أو نجلس ونلعق جراحنا على الآخرين. نظرًا لأن عواطفنا تؤدي إلى رؤية غير واضحة، أما عقلنا فينجرف إلى الماضي، ويجمع الأدلة اللازمة لدعم قضيتنا كضحية.

نشعر دائمًا بالظلم والإستياء، فندخل في دوائر من القلق والاكتئاب. لذلك من أجل تجنب هذه الدوامة، يجب علينا أن نكون على دراية بما نفكر فيه ونكون على قدر كافي من الوعي الذاتي، وفي هذا الصدد كيف يمكن أن يؤثر الإطار الذي نضعه حول المشاكل في تصاعد حجمها أو تقليلها؟ وكيف يمكن أن نتوقف عن التفكير في كوننا ضحية لهذه الحياة ؟