في كل مرة تسمع فيها عبارة -نحن هنا عائلة واحدة - في شركة أو مؤسسة أو أى بيئة عمل، خذ لحظة للتفكير, هل هذه دعوة للألفة أم فخ نفسي مدروس؟ الشركات التي تروج لهذه الفكرة أحيانا تستهدف ولاء الموظف العاطفي وليس فقط التزامه المهني. ولكن هل العمل فعلاً عائلة؟ أم أن هذا المفهوم مجرد وسيلة لتمديد ساعات العمل، وتبرير التضحيات غير الضرورية، والتلاعب بمشاعر الموظفين لصالح الإنتاجية؟

العائلة تُحبك بلا شروط، أما الشركة فتقيمك بناءً على الأداء. العائلة تغفر الأخطاء، بينما الشركة تحتفظ بها في ملفك الوظيفي. العائلة ستقف معك في الأزمات، أما الشركة فقد تتخلى عنك في أول موجة تسريح. عندما يختلط هذا المفهوم في عقول الموظفين، يجدون أنفسهم يعملون لساعات إضافية دون مقابل، يتحملون ضغوط فوق طاقتهم، ويتخلون عن حقوقهم بحجة الانتماء.

الشركات التي تعتمد على هذا الخطاب العاطفي لا تفعل ذلك بدافع الحب، بل لخلق بيئة يكون فيها الموظفون أكثر التزاماً وأقل مطالبة بحقوقهم. عندما يُطلب منك المرونة والتفاني كما لو كنت فردًا من العائلة، هل هذا لصالحك أم لصالح الشركة التي تريد أقصى إنتاجية منك بأقل تكلفة؟

الحقيقة أن بيئة العمل الصحية لا تحتاج إلى تزيينها بمصطلحات عاطفية. بيئة العمل المثالية تحترم الحدود بين الحياة الشخصية والمهنية، تقدم الحوافز بناءً على الأداء لا الولاء العاطفي، وتخلق ثقافة الاحترام المتبادل دون التلاعب بمشاعر الانتماء.

برأيك، كيف يمكن للشركات تحقيق بيئة عمل محفزة وداعمة دون التلاعب بمشاعر الموظفين أو استغلالهم عاطفياً؟