ربما أمتلك الشجاعة الكافية لأخبركم عن مرحلة كانت أشبه بمفرق طرق شديد التعرج في حياتي العلمية ورحلتي في الحصول على الشهادة الجامعية الأولى.

انتهيت من الثانوية العامة وأنا لا أملك أدنى فكرة عن الموقف الذي وُضعت فيه: أن أختار تخصصاً للدراسة ثم يكون سبيلاً للمنافسة في سوق العمل. لم يكن يجول في خاطري سوى فرحة واحدة أني انتهيت من سنوات المدرسة بانتهاء الثانوية.

لكن شيئاً أعظم كان بالانتظار، يجهز نفسه ليكون ضيفاً ثقيلاً على تفكيري فيشغل بالي على مدار الوقت. سمعتُ نصائح جمة من الأهل والأقارب والأصدقاء، وكلٌ كان يجتهد حسب ميوله ورغباته.

كان حينها لا بد من سؤال جاد أين أنا من رغباتي؟!

لأكن واضحاً فأنا لطالما شعرت بضياع الوجهة، كما يقول أدهم شرقاوي:

الوجهة قبل الطريق يا صاحبي.. الوجهة أهم من السرعة!

يا صاحبي صحح وجهتك قبل أن تبدأ المسير.

التحقت بعدها بكلية الصيدلة، لكن لم أمكث فيها سوى 10 أيام بالتمام. والسبب كان مقنعاً، لنفسي قبل الجميع، أنا لم أجد نفسي فيها ولم تكن تلك الوجهة التي أَضع فيها جهدي وسنوات عمري.

بعدها قررت أن أتبع شغفاً بداخلي أن أدرس اللغة الإنجليزية، ولو أني كنت متردداً حيال ذلك. أيكفي أن يكون الإنسان شغوفاً ليجد وجهته الصحيحة؟ وما علاقة الشغف بتحديد الوجهة! يومٌ تلاه أيام كانت كفيلة أن تصنع داخلي حيرة في السنة الثانية من دراستي، ربما لم يكن الشغف كافياً أو أنه كان يلزمني تحديد وجهة بأهداف واضحة!

قررت حينها ترك دراستي للمرة الثانية، لكن هنا كان الأمر مختلفاً، الأمر لم يعد سهلاً أن تبدأ من جديد وتضيع عمراً من عمرك. كان في داخلي صوت واحد يردد نحن لا نمتلك الكثير من الوقت ليذهب سدى! ثم ماذا لو كانت نفسي تخدعني بادعائها أنني لم أجد الوجهة بعد؟

تراجعت عن قراري وأكملت بقية سنواتي الجامعية بسلام حتى وصلت إلى منصة التخرج سائلاً نفسي: هل كانت تلك الوجهة الصحيحة؟ بالنسبة لي وجدتها كانت تستحق العناء لأجلها.

ربما لا يجب علينا أن نجعل كل تركيزنا هل كانت وجهتنا صحيحة أم لا بقدر أن هل أعطينا تلك التجربة حقها وجهدها أم لا.

ماذا عنكم؟ هل مررتم بتجربة مماثلة؟ وهل جربتم أن تسألوا هل كانت وجهتكم صحيحة!