نتذكر جميعًا مقولة: "التكرار يعلم..الشُطّااار"، جملة سمعناها من أمهاتنا وسط أجواء دراسية هادئة تخلو من الصوت العالي، ممتزجة بسحر الأجرام السماوية في فضاء الغرفة المكون من الأشياء المتطايرة التي لا تعرف وجهتها. ولأننا نستذكر ما نحب، تغمرنا دموع الفرح، فنسمع كلام الأم بكل انصياع. مشهد غير واقعي بالمرة، وآثاره موجودة على مختلف أجزاء جسدنا. ألم يحدث ذلك لكم؟
بالطبع كلام الأم دائمًا على حق، والعلم أكد على ذلك للأسف يا أصدقائي، ليس في نطاق الدراسة فقط بل في كل ما نريد أن نتعلمه. كيف ذلك؟
كما عرضنا في بعض المساهمات السابقة عن أهمية المخ "القبطان"، فهو المسؤول الأول عن عملية التعليم. فلنعيد شرح الفكرة سريعًا، على سبيل المثال، عندما نكتب، تُرسل بعض الخلايا العصبية في أدمغتنا رسالة "تحريك الأصابع" إلى الخلايا العصبية الأخرى، ثم تنتقل هذه الرسالة عبر الأعصاب (مثل الكابلات) إلى أصابعنا. عند تعلمنا شيئًا جديدًا، تحدث روابط جديدة بين الخلايا العصبية لم تكن موجودة مسبقًا، هذه العملية تُسمى "Neuroplasticity" أو "المرونة العصبية". كما هو واضح من المصطلح "المرونة" بالطبع تدل على مدى مرونة أمخاخنا لكن لنجعلها تدل على كثرة التمرين. أي تمرين خلايانا العصبية على هذه الروابط الجديدة، فكلما تدربنا أكثر، أصبحت هذه الروابط أقوى. مع تقوية روابطنا الجديدة، يتم نقل الرسائل (النبضات العصبية) بشكل أسرع، مما يجعلها أكثر كفاءة. هذه هي فكرة تعلم مهارة جديدة ببساطة شديدة. إذن ما هي أنظمة التعلم التي تواكب طريقة عمل أمخاخنا؟
- الاستراتيجية 1: تنشيط الخلايا العصبية بشكل متكرر- تعلم شيئًا جديدًا مثل الطفل الذي يتعلم المشي حديثًا، فمن المحتمل أن نمشي ببطء في البداية، ونقع كثيرًا، ولكن بمواصلة التعلم، ستبدأ أقدامنا في التعود على هذه الأوامر الجديدة. إلى جانب ذلك، ارتكاب خطأ في مسيرة التعلم مهم جدًا، لأنه يمكن أن يساعدنا في تحديد الفجوات، ويعطينا مؤشرًا على المسار الذي لا يزال يتعين علينا العمل عليه.
- الاستراتيجية 2: التباعد بين تنشيط الخلايا العصبية- تنشيط الخلايا بشكل مستمر يجب أن يتبع بعض القواعد أيضًا، مثلًا إذا قرأنا معلومة جديدة لا يلزم أن نقوم بتكرارها في نفس التوقيت بل أخذ فترة في استرجاع المعلومات، بمعنى آخر لا يلزم الجلوس لساعات طويلة لاستذكار بعض المعلومات، فتقسيمهم إلى فترات بينهم راحة هو الأفضل، لأنه يعطي المخ فترة لاستجابة هذه النبضات الجديدة. النوم أفضل دليل على ذلك، فأظهرت الأبحاث أن أثناء النوم يقوم المخ باستعادة المعلومات التي مرت عليه طول اليوم، لذلك فالنوم مفيد بين فترات التعلم.
إذا فهمنا كيف يعمل جسدنا سنقوم باتباع عادات تلائم فيسيولوجيته، مِن ثَم سنقوم بالاستفادة قدر الإمكان من إمكانياتنا المدفونة تحت غبار عدم المعرفة.
أخبروني يا رفاق ما هو نظام التعلم الخاص بكم؟ وهل أنتم راضون عنه؟ وكيف تتغلبون على مشاكل التعلم التي تواجهكم؟
التعليقات