نحن نعيش في عالم يؤمن بقوة الظروف على تغيير الإنسان. نضع الفقير في قصر ونتوقع أن يصبح أرستقراطياً، ونلبس الجاهل بدلة أنيقة ونظن أنه صار مثقفاً. لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير.
الضفدع في هذا المثل ليس مجرد حيوان، بل رمز لكل من يحمل هويته الحقيقية في أعماقه. المستنقع ليس مكاناً قذراً فحسب، بل هو البيئة التي تشكل فيها، حيث يعرف كل صوت وكل رائحة، حيث يستطيع أن يكون نفسه دون تصنع.
أما الكرسي الذهبي، فهو كل ما يبدو براقاً من الخارج لكنه غريب عن الروح. قد يكون منصباً مرموقاً، أو طبقة اجتماعية عليا، أو حتى نمط حياة مختلف تماماً عما اعتدنا عليه.
- الراحة في المألوف
هناك سر عميق يكمن في عودة الضفدع للمستنقع: الراحة النفسية. في المستنقع، لا يحتاج للتظاهر بأنه شيء آخر. لا يحتاج لتعلم قواعد جديدة، أو إخفاء طبيعته الحقيقية، أو محاولة الانسجام مع عالم لا يفهمه.
كم من الناس حولنا يحملون هذا الصراع؟ موظف بسيط يحصل على ترقية كبيرة، فيجد نفسه وسط اجتماعات لا يفهم لغتها وقرارات لا يعرف كيف يتخذها. طالب من حي شعبي يحصل على منحة في جامعة مرموقة، فيشعر بالغربة وسط زملائه الذين نشأوا في عوالم مختلفة.
- ليس عيباً أن نكون أنفسنا
المثل الألماني لا يسخر من الضفدع، بل يفهم طبيعته. هناك حكمة في معرفة الذات وقبولها. المشكلة ليست في أن الضفدع يعود للمستنقع، بل في أن المجتمع يحاول إجباره على البقاء على الكرسي الذهبي.
لكن السؤال الحقيقي هو: هل يمكن للضفدع أن يتعلم العيش في عالمين؟ أن يحتفظ بأصالته وفي الوقت نفسه يستفيد من الفرص الجديدة؟
ربما الحكمة الأعمق تكمن في أن نبني جسوراً بين المستنقع والكرسي الذهبي، بدلاً من أن نختار واحداً ونهجر الآخر تماماً. أن نتعلم من العالم الجديد دون أن نفقد جذورنا، وأن نحتفظ بهويتنا الحقيقية حتى لو تغيرت ظروفنا.
في النهاية، المستنقع والكرسي الذهبي ليسا نقيضين، بل جزءان من رحلة واحدة نحو فهم الذات وقبولها، مع السعي للنمو والتطور دون فقدان البوصلة الداخلية التي تدلنا على من نحن حقاً.
التعليقات