في حالة ضرورة الانفصال: ما الصورة الأفضل له من وجهة نظرك؟

هل البقاء على تواصل مستمر بعد الانفصال تراه صحيًا؟

البقاء على تواصل مستمر بعد الانفصال غالبًا ما يُعتبر غير صحي نفسيًا، خاصة إذا كان الانفصال قرارًا نهائيًا أو العلاقة كانت مؤلمة. قطع التواصل يساعد كثيرًا في منح النفس فرصة للشفاء، والتعافي من الألم العاطفي، وإعادة بناء الذات بعيدًا عن التأثيرات السلبية

سؤالك عميق ويعبر عن وعي حقيقي بمعاناة لا يلتفت إليها كثيرًا وهي مشاعر الأبناء وسط الخلافات الزوجية

في رأيي أقل ما يمكن أن يقدمه الأهل بعد الانفصال هو حماية الأطفال من أن يتحولوا إلى شهود عيان على الألم

أعرف أمًا كانت تقول لابنها الصغير كلما سأل عن أبيه بابا بيحبك حتى لو مش عايش معانا

وكان الأب بدوره يحرص على الاتصال بابنه كل ليلة ليحكي له قصة قبل النوم

ربما لم يعودا زوجين لكنهما حافظا على أن يبقى الطفل في قلب صورة مليئة بالحب والطمأنينة

في المقابل أعرف حالات أُقحم فيها الطفل في التفاصيل المؤلمة سمع كلامًا جارحًا عن أحد والديه وحُرم من رؤية الآخر

وكبر وهو يحمل ارتباكًا داخليًا وصراعًا بين ولائه وحاجته للسلام

أن نعلم أبناءنا أن الاختلاف لا يعني الكراهية وأن الانفصال لا يلغي الاحترام هو ما قد يساعدهم في بناء رؤيتهم الصحية للحياة والعلاقات

ربما لا يمكننا محو كل الصدمات لكن يمكننا أن نمنعها من أن تتحول إلى جراح مفتوحة تلازمهم طوال عمرهم

يجب هنا الأخذ فى الإعتبار مراحل التعافى من العلاقة

لأن المرحلة الثالثة هى مرحلة " الإنكار " فحتى الشخص الذى طلب الإنفصال سيمر بمرحلة التعافى أيضاً ، وسيأتى عليه مرحلة المساومة وسيقوم بإلقاء اسئلة كثيرة مثل :

• هل ارجع و اجرب مرة اخرى لكى لا اخرب المنزل ؟
• هل قد اكون انا الطرف الظالم أو " مأڤورة " ؟
• كان به مميزات فلماذا ركزت على العيوب ؟

فقد يكون الرجوع هنا لمجرد رغبتى فى الرجوع على المعتاد حتى لو غير مريح بالنسبة لى .

فالتريث والإنتظار مفيد للطرفين .

كيف ترى فكرة ترك مساحة مناسبة في حالة وجود خلافات مزمنة بين زوجين،

كان كلامي حول تطوير هذه (المساحة) بحيث لا تكون مفتوحة، ولا معلقة، وإنما فقط تطرح خيارات أخرى أكثر سلمية تساعد على نبذ أي عداء بين الزوج والزوجة. لقد رأيت حالات كثيرة، منها المقرب جدا، عن تفاقم العداء إلى درجات مخيفة ومذهلة من الإنتقام أشد من ثأر الصعايدة. وعموما هو سؤال أطرحه عليك بصفتك الخبيرة هنا.

ألا يمكن أن يقع أي منهما -في خلال تلك المدة من المشاعر المضطربة- في مسار علاقة أخرى (rebound)؟

في الواقع، المساحات الحرّة تتيح لأحد الزوجين أو كلاهما الحصول على علاقة جديدة مع شخص يمتص السلبية من داخله، شخص يحتوي الزوج أو الزوجة، شريطة ألا يتحول ذلك إلى العكس، ويصبح هذا الطرف الثالث سببا للتشاحنات وإحياء الكراهية أو استعادة ذكريات أليمة أو توليد الغيرة، في الواقع، يُفضل أن يكون هذا الشخص الثالث، تأكيدا على حرية كلا الطرفين في تقرير الصورة التي تكون عليها حياته، وبالتالي، المساحة، ليس غرضها الرجعة، بل غرضها الوقوف على قرار بمعزل عن أي عداوة. وكما يقول الراوي في فيلم أحمد حلمي الشهير: إذا أردت شيئا بشدة، فاطلق سراحه.

أريد أن أفهم منك حدود تلك المشاحة من الأساس، وعليه نضع شكل مناسب لها.

-إن أبغض الحلال عند الله الطلاق

-لكنه حلال

والمعنى هو مقدار المعاناة من فصام مكروه، نأمل ألا يتحول إلى خصام، يمكنني التحليل أكثر، وأقول، أنا استنكر جدا الصداقات الناشئة بين رجل وامرأة إلا في إطار من العائلة أو الجيرة أو العمل، وبشكل معلن للجميع، ولا أؤمن بأي صداقات عابرة، لأنها قد تخلف (نزوات عابرة)، بالنسبة لي، العلاقة بين الزوج، وطليقته، يمكن أن تتحول إلى صداقة، فأقصى ما قد يحصل عليه منها، هو بالفعل حصل عليه، وبطريقة شرعية، وبرضاها. بالطبع لا يعنينا هنا الحالات المتطرفة (مثل الزوج الذي يغتصب زوجته)، بل نتكلم على أساس أن كلا الطرفين عاقل ومتزن.

رؤيتك للزواج لطيفة جدًا يا رايفين، وتعبّر عمومًا عن تقديرك للزواج وللشريكة، ولكن في حالات استحالة العشرة، كيف تريد أن يكون شكل الانفصال فعلًا؟

كلامك استنكاري جدا، أو على الأقل، تحاول أن تحولي الدفة قليلا إلى ما أتفق معك بشدة فيه، فاستنكارك في محله تماما، ولكن ألفت نظرك إلى كوني أتحدث بواقعية جدا، وأنا شخص تركت الرومانسية منذ زمن. ولطالما عرفت أن للزواج خمسة أسباب رئيسية

-رباطا للمحبة

-تكوينا للأسرة

-إرضاءا للشهوة

-منعا للوحدة

-تحقيقا لغاية

لو كانت رباطا للمحبة، فلا يمكن لشخص مخلص في حبه أن يفارق حبيبه، ولو كانت تكوينا لأسرة إذن يلزم التضحية من أجل الأطفال، وإن كانت إرضاءا لشهوة (فهذا ليس زواجا وإنما نزوة)، وإن كانت تحقيقا لغاية، كما في زواج العمل (فهذا ليس زواجا وإنما مصلحة). ولكن قد تتضافر الأسباب، ومن ضمن الأسباب، منع الوحدة. وليس بالضرورة أن يكون الشخص وحيدا، بل هو فقط يبحث عن من يفهمه، من يمتص السلبية منه، وفي ظل الضغوط التي نكابدها، ما أحوجنا إلى ذلك، فالإنسان لا يستطيع العيش بدون صديق، أو أب، أو أنيس أو جليس، فإذا افتقد او فقد أيا من هذا، وكان أبي صديقي وصاحبي، يا الله، لعل في الزوجة الخلاص (ولكن بدون تسرع).

إذن، وفي سياق آخر، علينا أن نقع على الأسباب المادية والنفسية وراء استحالة العشرة، وهذه تحتاج قائمة لحالها.

ولكلا الزوجين أقول إتقوا الله في اولادكم فإن في داخلهم أرواح تتألم وقلوب تنزف وليس هناك أشد على الطفل المرهف الأحساس من فراق ابويه وهم مازالوا على قيد الحياة....

يا أخي، أنا بالغ وفي الثلاثين من عمري، لم أعرف قط يوما كان أبي -رحمه الله- وأمي على وفاق، ومنذ سنوات افترق كلاهما بالطلاق، وكان هذا محطما لي بشكل تدميري، الأسوأ، كان لما مات أبي وحيدا، فلم أكن أعرف، أكان الأحسن أن يحدث الفراق مبكرا، أو لا يحدث أبدا. حاولت التوفيق بينهما حتى توفى أبي، ويا إلهي، تحطمت كليا أو شبه كليا بعدها (فتخيل بالنسبة للأطفال ماذا يكون الوضع!). كارثي بكل المقاييس. لهذا، أنا أحبذ جدا الترضية والاتفاق حتى في الفراق .. أو .. لا فراق أبدا.