الخوف الذي نصنعه بأيدينا " لا ترسم الشيطان على الحائط". مثل ألماني يحمل في طياته تحذيراً عميقاً من قدرتنا المدمرة على استدعاء المصائب بمجرد تخيلها. الألمان، بطبيعتهم العملية والمنطقية، اكتشفوا حقيقة نفسية مهمة: عندما نرسم الشيطان على الحائط، فإننا لا نكتفي بتخيل الكارثة، بل نمنحها شكلاً ملموساً في أذهاننا. نحولها من احتمال بعيد إلى واقع يطاردنا. قوة التصور المدمرة تخيل شخصاً ينتظر نتائج فحص طبي مهم. بدلاً من أن يعيش حياته بشكل طبيعي حتى تظهر النتائج، يبدأ في "رسم الشيطان
ضع الضفدع على كرسي من ذهب وسيعود في الحال إلى المستنقع
نحن نعيش في عالم يؤمن بقوة الظروف على تغيير الإنسان. نضع الفقير في قصر ونتوقع أن يصبح أرستقراطياً، ونلبس الجاهل بدلة أنيقة ونظن أنه صار مثقفاً. لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. الضفدع في هذا المثل ليس مجرد حيوان، بل رمز لكل من يحمل هويته الحقيقية في أعماقه. المستنقع ليس مكاناً قذراً فحسب، بل هو البيئة التي تشكل فيها، حيث يعرف كل صوت وكل رائحة، حيث يستطيع أن يكون نفسه دون تصنع. أما الكرسي الذهبي، فهو كل ما يبدو براقاً
عندما يقف المال عاجزا عن شراء الكرامة
كثيرون يرددون: "الرجل لا يعيبه إلا جيبه" وكأن المال هو بطاقة المرور المطلقة لاحترام الناس. لكن، هل هذا صحيح حقًا؟ في قصة همنغواي "الحياة القصيرة السعيدة لفرانسيس ماكومبر"، نجد الجواب الأوضح. فرانسيس، رجل ثري، يملك كل ما يحلم به أي شخص: المال، الشهرة، والزوجة الجميلة. لكن عندما يواجه أسدًا في رحلة صيد، يهرب مذعورًا، كاشفًا خواء شجاعته أمام زوجته والدليل ويلسون. في المقابل، ويلسون لا يملك مال فرانسيس، لكنه يملك الثقة والشجاعة. عيناه تقولان كل شيء: رجل يعرف من هو،
براءة الجهل أم قلق المعرفة؟
هل تتذكر تلك الأيام التي كنت فيها راكباً في المقعد الخلفي للسيارة؟ لم تكن تعرف شيئاً عن القيادة، لا عن سرعة السيارة ولا عن خطورة المنعطفات. كان كل ما يهمك هو الوصول، وربما الاستمتاع بالمنظر من النافذة أو الغناء مع الأغاني في الراديو. لم تكن تشعر بالقلق عندما يسرع السائق قليلاً، أو عندما يقترب من السيارة الأخرى بمسافة قصيرة. لم تكن تلاحظ تلك اللحظات التي يتطلب فيها الأمر ردة فعل سريعة أو قراراً صعباً. كنت تثق بالسائق ثقة عمياء، وتعيش
هل نحن فعلاً نختار أفعالنا؟ neuroscience يخبرنا شيئًا آخر!
في دراسة غريبة ومثيرة، تابع باحثون قرارات قضاة أثناء إصدار الأحكام. وجدوا أن القضاة كانوا أكثر تساهلًا وأقل تشددًا عندما تكون معدتهم ممتلئة، أي بعد الأكل مباشرة! أما قبل الأكل أو عندما يكونون جائعين، كانوا أكثر قسوة وتشددًا. هذه الدراسة الشهيرة نُشرت في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences عام 2011 (Danziger, Levav, & Avnaim-Pesso). هذا المثال البسيط يفتح بابًا كبيرًا في علم الأعصاب (neuroscience): إلى أي حدٍّ نحن مسيرون لا مخيرون في قراراتنا اليومية؟ علم الأعصاب أظهر
بين غفران الأم وبرودة الغريب
الأطفال يبدعون في الأدب أمام الغرباء، ويطلقون شقاوتهم كلها أمام أمّهم، لأنهم يعلمون في أعماقهم أن قلبها وطن، يغفر، يحنّ، ينسى. الناس مثل الأطفال، مع من لا يغفر، نرتدي أقنعتنا، نختار كلماتنا، نضبط مشاعرنا كساعة دقيقة. ومع من يغفر، نرمي كل شيء، ونترك حقيقتنا عارية، متعبة، وصادقة. إذا شعرت يومًا أن قلبك صار أمًّا للجميع، جرب أن تصبح غريبًا أحيانًا، كي تحمي دفء روحك، وتنجو من ثقل العالم.
عِش الآن
نحن نبحث عن المعنى كأننا نبحث عن كنز مدفون تحت جبل مهجور، بينما الحياة تصرخ فينا: "عِش الآن، العب الآن، ابكِ الآن، اضحك الآن… قبل أن تسألني عن معنى كل هذا!" فهل المعنى موجود؟ ربما. وهل نحتاجه؟ ربما لا.