هل نحن فعلاً نختار أفعالنا؟ neuroscience يخبرنا شيئًا آخر!

لا أحد يستطيع إنكار أن قرارات الإنسان (اللحظية) تتأثر بعوامل كيميائية، فمثلاً عدم النوم، وشرب كثير من المنبهات، وعدم الأكل لفترة وبالتالي انخفاض مستوى السكر في الدم؛ كل ذلك يؤثر على الحالة المزاجية ويجعلها أكثر حدة.

لكن بالنسبة للقضاة أجد الأمر مختلف، لأن القاضي لا يصدر الحكم في نفس الجلسة أبداً، فهناك كثير من الجلسات، وادعاءات ودفوع المحامين، وشهادة الشهود وتحريات المباحث ومحاضر الشرطة، وكثير من العوامل التي تؤثر على قرار القاضي، فهو لا يتخذ القرار (لحظياً، ولا فردياً)، حتى تؤثر عليه حالته المزاجية بهذه الدرجة..

وكما نعرف في حالات الدراسات يجب أن يكون هناك عوامل ثابتة ومتغير واحد (قرار القاضي)، وبالتالي يجب توفير قضايا متطابقة من كل النواحي حتى نستطيع إثبات أن حكم القاضي تأثر بالاختلاف في حكمه على قضايا متطابقة.

هناك عوامل قد تؤثر على قرارات الإنسان أحيانًا مثل الجوع أو درجة الحرارة، لكن في الواقع قد يكون تأثيرها محدودًا وليس بالقوة التي نتخيلها إلا إذا كان لدى الشخص نفسه مشكلة نفسية أو عقلية أخرى تؤثر عليه.

فلا يمكن أن يقوم القاضي بالحكم لشخص بالبراءة لأنه قد تناول أكلته المفضلة قبل الجلسة، أو لا يحكم عليه بالإعدام لأنه جائع! هناك حدود معينة، كما أن الوضع بالنسبة للقاضي والأحكام القضائية يختلف، فالحكم لا يكون من جلسة واحدة في الغالب، كما أن القاضي يكون معه هيئة أو محلفين في بعض الدول، لذلك لا يتخذ قراره سريعًا ولا بناءً على أهوائه الشخصية في الطبيعي.

ربما لا نملك حرية كاملة في لحظة اتخاذ القرار، لكننا نملك فرصة التدريب على الوعي الذي يغيّر طريقة اتخاذنا للقرارات لاحقًا. فحتى لو كانت أولى إشارات الدماغ لاواعية، تكرار المواقف وتأمل ردود أفعالنا السابقة يمنحنا قدرة تدريجية على الملاحظة ثم التعديل. كأننا لا نختار فعلًا واحدًا بحريّة مطلقة، لكننا نملك حرية بناء بيئة داخلية تجعل الأفعال التالية أكثر وعياً. فالتحرر الحقيقي لا يبدأ من لحظة القرار، بل من لحظة الفهم.

لاء بالطبع أن تملك حرية إختياراتك بالكامل وبالأخص إذا طلبت منك أن ترد على هذا التعليق على مرتين وليس مرة واحدة أى نصف تعليق فى كل مرة لك الإختيار لتعلق مرة واحدة أم مرتين بهواك.

لكن فعلا هناك فى الفقه والشرع مايجيز للقاضي أن يؤجل الجلسة لأن الجو حار أو أنه جائع سبحان ربي العظيم أو أنه متاضيق أو متنرفز أو ليس فى الموود.

فأنت تملك قراارتك ولكن لابد وان تكون واعيا بنفسك وبحالتك النفسية والصحية وأن تدرك مدى تأثيرها عليك وعلى قراراتك.