من جد وجد ومن زرع حصد. هذا مثال قديم كلنا نعرفه ويؤدي معناه عبارة: من يجتهد يحقق أهدافه. ولكن بأيهما تقتنع أكثر وأيهما أكثر تأثيرًا عليك؟
قرأت مؤخرًا عما يعرف بتأثير القافية أو القافية كمسوغ لصدق القضية المطروحة (Rhyme as Reason Effect) وهو تحيز معرفي يقع فيه معظمنا. من أعوام مضت كنت مع صديق لي يعمل في بداية حياته العملية في شركة دهانات وكان مسئول عن وضع الشعارت والترجمة فسألني: ما رأيك في الشعار التالي لدهان كذا: شديد عالحديد وعلى قد الإيد؟ ثم ذكر لي أمثلة أخرى فلم أعد أذكر منها شيئ وعلق هذا الإعلان المقفى بإذني! هذا الشعار أعجب مديره جداً وأخبرني لاحقًا بذلك.
إذن، يبدو أنً الأمثلة أو الإعلانات والشعارات المقفاة تقنعنا أكثر على الرغم من أن مضمونها قد يكون غير حقيقي! وأصدق مثال على ذلك الشعار الذي رفعه محامي أو جي سيمبسون الممثل الأمريكي حينما اختتم مرافعته وقال: If the glove doesn’t fit, you must acquit فكان تأثير العبارة المقفاة الموسيقية على هئية المحكمة والرأي العام والسياسيين كبير بحيث في الأخير تم تبرئة المتهم من قتل طليقته نيكول براون وصديقها رون جولد مان. ومعنى العبارة: إذا لم يكن الجوانتي على قدر حجم يدي موكلي، فلتبرؤوا ساحته ! كما ترون هذا منطق متهافت؛ فليس معنى ان الجوانتي ضيق جداً على يدي المتهم أنه بريئ أو أنه لم يرتديه!
ولكن لماذا تؤثر فينا العبارات المقفاة بقوة؟! أعتقد أن ذلك راجع -كما قال سبينوزا - إلى أنها تخاطب حاستنا الجمالية فهي تروق الأذن وتعلق بها فهي لذلك صادقة. فكل ما يساعدنا على التذكر فهو جميل أما العبارات غير المنسجمة بلا قافية التي تفلت من ذاكرتنا غير جميلة – ومن هنا غير صادقة- لأنها تشعرنا بالضيق والقلق بالضبط كما الروائح الجميلة والمنفرة مع أنها في الطبيعة سيان وهي محايدة غير أن ما يؤذي أنوفنا ويسبب ضيقنا ننعتها بالعفنة (Evil -smelling)
سؤالي لكم: كيف نتجنب هذا التأثير والتحيز المعرفي؟ وهل وقعتم في شرك إعلانات تسويقية بغير مضمون حقيقي من قبل؟
التعليقات