هل الحب الحقيقي يمكن أن يكون سبباً للألم؟ أم أن الألم هو الإشارة التي تخبرنا بأن الحب قد انتهى أو ربما لم يكن حقيقياً من الأساس؟
كأي عاشق للطرب والموسيقى العربية القديمة،كبرت وكبر معي سؤال و شعور دائم بأن الحب لذيذ بالألم، تكونت لذي كغيري من عشاق الفن مشكلة التفرقة بين الحب والألم، وأنا مخمورة بروح العاشقة المُعذبة في أغاني لأم كلثوم، حين تطلق الأهات للسماء، وتقول" لا أنا قد الشوق وليالي الشوق"، وعندما تبكيه" كان لك معايا، أجمل حكاية" ثم تعود نادمة على الحب وأيامه؛ وتقول" كفاية بقى تعذيب وشقى وجموع في فراق ودموع في لقى"..." تفيد بإيه يا ندم يا ندم، وتعمل إيه يا عتاب" .
لقد علمتنا أم كثلوم والأغاني القديمة والمنظومة بأكملها، أن تكون ملائكيين في الحب إلى حد الإنصهار فيه، فنعيش على ألم الشوق الجميل، والآهات التي تملأ الروح عندما نحلم بالاقتراب والإنغماس في وهج المشاعر، ولهذا جزء طبيعي من الحب، لكن نسيت تلك االأغاني أن تعلمنا كيف نفرق بين الألم المحمود في الحب والألم المدمر، فيصبح الحب نفسه مهلكة، ويتحول ألمه؛ جرحاً يهدد كرامتنا، صحتنا النفسية، وثقتنا بأنفسنا؟
في السنوات الأخيرة، أصبح الناس أكثر وعياً بما يُعرف بـ"الحب السام"؛ ذلك الذي يأتي معه ألم الكرامة، فقدان الثقة بالنفس، والشعور المستمر بعدم الكفاءة أو الاحترام هي مؤشرات خطيرة تخبرنا أن الحب قد تجاوز حدوده الطبيعية، ومع ذلك مازلنا كلما نحب، نعود إلى أم كلثوم وفيروز وأصالة ونبكي من جديد مع ألم لا تحتمله إلا الأغاني، ثم نتحجج بأن الحب مؤلم بطبعه.
السؤال الأهم الآن: متى ندرك أن الألم الذي نعيشه ليس جزءاً من الحب، بل هو دليل على زيفه أو انتهائه؟ هل عندما نجد أنفسنا نضحي بمبادئنا الأساسية من أجل الحفاظ على العلاقة؟ أم عندما نشعر بأن الحب الذي كنا نؤمن به أصبح سبباً في تعاستنا؟ أم عندما نمنطق الوقائع والسلوكات ؟أم ماذا؟
التعليقات