تمر بنا مواقف نقبلها عن طيب خاطر، وقد نُقبِل عليها بفرحة وتصميم، وبعد مرور زمن عليها، نعود إليها والندم يعتصر قلوبنا، ونتساءل كيف اخترنا هذه الأمور من قبل؟ أترنا نحكم على الماضي بمنظور اليوم؟ أم أننا تسرعنا في قبول المواقف الماضية دون تفكير؟ أم ماذا؟، وهل يمكننا إصلاح ما فات؟ أو ما علينا إلا إصلاح نظرتنا الحالية؟
لماذا نندم على مواقف قَبِلْناها سابقا؟
بمرور الأيام يتحقق النمو والنمو يتبعه النضج، وهو المنظور الذي نحكم به على الاختيارات والأحداث ونقرر من خلاله، لذلك من الطبيعي أن نختار أمر بوعي ونضج اليوم، ثم بعد عام مثلاً نجد أنفسنا نادمين عليه ورافضين معاييره ونتائجه أشد الرفض.
ولكن ليس من الصائب أن نحكم على الماضي بفكر اليوم ونقيم خسارات الماضي بوعي وخبرة اليوم، فوقت اتخاذ هذه القرارات كانت هي نابعة من الوعي والخبرة التي كنا عليها وقتها لذلك لم تكن حماقة أو خطأ بل كانت قرارات واختيارات سليمة وقتها
فوقت اتخاذ هذه القرارات كانت هي نابعة من الوعي والخبرة التي كنا عليها وقتها لذلك لم تكن حماقة أو خطأ بل كانت قرارات واختيارات سليمة وقتها.
ليس بالضرورة. ربما كانت خيارات خاطئة بالفعل ولكننا كنا في موضع ضعف أو احتياج وقلة حيلة فاضطررنا لاتخاذها، ربما الخوف هو الدافع فكنا نخاف الوحدة أو الألم أو الخسارة فقبلنا بأشخاص وتصرفات لم يكن يجب أن نسمح بدخولهم حياتنا، والآن وقد أصبحنا في موضع قوة أدركنا خطأ ما فعلناه وندمنا على ما سمحنا بحدوثه.
فوقت اتخاذ هذه القرارات كانت هي نابعة من الوعي والخبرة التي كنا عليها وقتها لذلك لم تكن حماقة أو خطأ بل كانت قرارات واختيارات سليمة وقتها
بالفعل، كلما تقدم بنا العمر ازددنا نضجا ووعيا، واستطعنا مراجعة قرارات اتخذناها سابقا، ولم يكن ساعتها في الإمكان أبدع مما كان واخترناه، فلا نلومن أنفسنا، فكل شيئ في تطور وتغير مستمرين.
لماذا نندم على مواقف قَبِلْناها سابقا؟
الندم شعور أصيل لا يكاد ينجو منه بشر؛ لأننا بحكم طبيعتنا نقبل بأشياء أو ندخل أشخاص في حياتنا وهم غير جديرين بنا وبثقتنا. ربما نكون قد انخدعنا عن حقيقتهم؛ فلم نرهم كما كان ينبغي. الندم هو النتيجة ولا مناص منه على كل وتلك خبرة بشرية تُنضجنا وتُرينا وجه من وجوه الحياة الكريه. وساء أتسرعنا أم تمهلنا لا مناص من الندم وأعتقد أن طول التفكير قد لا يُنجينا من ظهور حقيقة المواقف أو الأشخاص.
صحيح أن بعض المواقف تكشف عن جوانب لم نرها سابقًا، لكن أليس من المبالغة اعتبار الندم حتميًا مهما حاولنا؟ ربما يكون الحل هو التمسك بتقدير القرارات القديمة من منظور الظروف التي اتُخذت فيها كما أشار @Eslam_salah1 ، بدلًا من جلد الذات بأثر رجعي.
نحكم على الماضي بمنظور اليوم، نستخدم عدسة الحاضر التي قد تكون أكثر وضوحًا نتيجة لما تعلمناه أو مررنا به. لكن هذا التغير لا يعني بالضرورة أن قراراتنا السابقة كانت خاطئة. فحينها، كنا نتصرف بناءً على ما كنا نعرفه وما كان متاحًا أمامنا.
الندم - من وجهة نظري - هو فرصة لفهم أنفسنا بشكل أفضل، يصبح عبئًا إذا استخدمناه لمعاقبة أنفسنا على ما لم نكن نعلمه وقتها!
الحل أن نقبل الماضي كما هو، ونتعلم منه بدلًا من التوقف عنه.
والإصلاح بالطبع يعتمد على طبيعة الموقف.
وهل يمكننا إصلاح ما فات؟ أو ما علينا إلا إصلاح نظرتنا الحالية؟
في أغلب الأحيان لا يمكننا، وهنا يكون الندم أشد وأقوى صراحة، ولكن حينها لا يضر ولا يعيب أن أقف على فائدة التجربة فقط، كالتفكير في العلاقة التي انتهت بسبب أخطائي، لا سبيل للعودة ولكني لو تبنيت عقلية النمو فحينها سوف أفكر أنني قد أكون ممتنًا أن هذا حدث! حتى لا يحدث لي مرة أخرى، على الأقل ليس بنفس الشكل.
التعليقات