البروباغندا أحادية الإتجاه وسياسة عزل العقول!


التعليقات

لهذا الأمر تفسيرات كثيرة منها سلبية ومنها إيجابية ولكن بالغالب السلبية أكثر، حيث أنّ من أهم هذه التفسيرات لهذه التصرفات وهذه الأجندات هو الحفاظ على السيطرة السياسية، قد تحد الأنظمة من الوصول إلى الأفكار والمعلومات الأجنبية للسيطرة على المعارضة وتعزيز سلطتها وقد يخشون التأثيرات الخارجية التي تتحدى أيديولوجيتهم أو شرعيتهم، هذا نراه كثيراً مثلاً بالولايات المتحدة بعد الأحداث الأخيرة التي صار للناس فيها رأي معيّن موحّد، وأيضاً هناك تفسير نراه في المنطقة العربية كثيراً، حيث تعمل بعض المجتمعات على تعزيز التجانس الثقافي، أي المماثلة، يجب أن تكون مثلي لتعيش معي، معتقدين أن قيمهم وتقاليدهم متفوقة وعرضة للفساد بسبب التأثيرات الخارجية! وما أكثر هذه الأمور في بلادنا.

وأخيراً حجّة بعض الدول الكبرى في المنطقة، أكثر تفسير نسمعه من كل الدول تقريباً، حماية الأمن القومي، لأجل هذا الأمر قد تقوم الحكومات بتقييد الوصول إلى معرفة معيّنة أو تحديدها أو تقنيات محددة تعتبر حساسة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، خوفاً انتشار الأيديولوجيات الخطيرة المدسوسة.

إنهم ينحازون إلى تبني حلول و استراتيجيات ضارة بخلق كثير من فئات المجتمع المتنوع ، و حماية الأمن الداخلي و حماية ثقافته و عقيدته و اديولوجيته يمكنها أن تتحقق حتى مع تبني سياسة الإنفتاح العقلي ، فالإشكال لا يكمن في تنوع الثقافات و الإديولوجيات و الرؤى و الأفكار و التيارات ، لأن هذا التنوع يعتبر من الحتميات و من الحقائق التي ستحصل سواء أعجبتنا أو لم تعجبنا ، و الذي لا يثق في عقله و لا يمتلك قاعدة فكرية صلبة تجعله قادرا على تمييز الصواب من الخطأ و يخشى على نفسه و على أهله الضياع و الافتتان بسبب كثرة التيارات و التوجهات فالحلول كثيرة و سهلة و أبسطها هو ( تجنب الإختلاط و مشاهدة ما لا يتوافق مع عقيدته ) ، فالمنفتحون فكريا ليسوا مطالبين بالتضحية بأهم حقوقهم الإنسانية لأجل إرضاء فئة أخرى لا تمتلك زمام عقلها ، فالأجدر بنا أن نمتلك ذواتنا و عقولنا و ليس أن نطالب الآخر بأن يتوقف عن شيء ما يراه من حقه و لا يسبب ضررا مباشرا لنا ، طالما أننا نمتلك القدرة على تجاهل ما لا يعجبنا في الأماكن التي لا نمتلكها فلا مبرر للعزلة و التضييق ..

 برأيكم أنتم لماذا تتبنى الدول و تفرض على مواطنيها سياسة الإنغلاق الفكري على الثقافات الأخرى ؟

لا أعرف لماذا طرحت حضرتك الأمر وكأنه موجود بالفعل. رأيي أن نناقش أولًا فكرة وجود الإنغلاق الفكري أولًا من عدم وجوده. لا أعتقد أن الدول حاليًا -على الأقل الدول العربية- تستطيع أن تمارس هذه السياسة أو تطبقها في ظل وجود الانفتاح الذي تفرضه التنكولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي.

حضرتك ضربت مثالًا بالأعمال التليفزيونة والمناهج الدراسية، ولكن ماذا غير ذلك يمكن أن تتحكم في بثه الدول والحكومات إلى العقول لنتأكد من صحة نظرية المؤامرة؟

لا أعتقد أننا الآن حبيسي ثقافة الإنغلاق الفكري، ولا أعتقد أن الحكومات تطبقها حاليًا، وإذا كان الشعب منغلقًا فكريًا، فيكون هو من اختار ذلك لنفسه. أعتقد أن المصادر مفتوحة للاطلاع على العالم الخارجي، والباب أيضًا مفتوح للسير في إتجاهات مختلفة وتبني أفكار مغايرة والتشبه بثقافات أخرى. فمن أين جئنا بهذه النظرية؟

حضرتك ضربت مثالًا بالأعمال التليفزيونة والمناهج الدراسية، ولكن ماذا غير ذلك يمكن أن تتحكم في بثه الدول والحكومات إلى العقول لنتأكد من صحة نظرية المؤامرة؟

هذا ما كنت أود أن أشير إليه أيضا، بالإضافة إلى أن حتى الأمثلة المطروحة هنا ليست ضمن المجالات المنغلق عليها فكريا، لأن الانترنت والتطور التكنولوجي ساهم في سهولة نقل وتبادل كل الثقافات وكل المجالات بين البدان، الأعمال التليفزيونية الغربية هي الأكثر مشاهدة في الوطن العربي من الأعمال العربية، وهناك أعمال عربية كثيرة تحاول تقليدها والمجتمع هو من يهاجم، وحتى المقررات الدراسية فأصبح هناك فرص لدراسات كاملة من جامعات في الخارج يمكن الحصول عليها بدون أن يضطر الشخص للسفر، حتى في مصر حاليا تم إنشاء العديد من فروع للجامعات الأجنبية الشهيرة لتدريس مقرراتها بنفس طريقة ونظام تقييم الجامعة الأم في الخارج، فجملة وموضوعا لا يوجد ما يسمى بالانغلاق الفكري حاليا.

@rana_512 حاليا لا يوجد ، و لكن سابقا قبل الأنترنت كان متواجد و كانت له سلبيات و تبعات خطيرة و أدى إلى إحداث حروب أهلية داخلية و توترات عديدة ، و الآن هل توجد قوانين تمنع من احتمالية عودة سياسة العزل من جديد ؟

هذا الإنغلاق في حدودنا العربية كان متواجدا من قبل إلى أن ظهرت الأنترنت و ظهر مجتمع المعلومات و شبكات التواصل حاليا ، و ربما لا يزال كذلك في بقع ما من العالم ( حتى و إن كان إنغلاق نسبي ) ، و لا يمكن إستبعاد إحتمالية عودة سياسة العزل و الإنغلاق الفكري من جديد ( و نموذج سياسة اسرائيل مع سكان غزة هو حدث وقع بالفعل و تم عزل السكان عن الأنترنت و عن التواصل مع إخوانهم في الخارج و هو تصرف لا أخلاقي و لا إنساني ستتم محاسبتهم عليه ) ، كما أنني لا أتحدث عن الشعوب التي اختارت لنفسها سياسة العزل بل أتحدث عن تلك التي فرضت عليها فرضا بذريعة الخوف من اختراق الأمن و من الفتن و من ضياع الشباب و ضياع الهوية .. إلخ

أعتقد أن الأمر الآن أصبح أقل استحواذاً من السابق، وبالأخص مع الإنفتاح العالمي الذي نراه جرّاء الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي وإمكانية الإطلاع وتقييم الرأي والرأي الآخر، أصبح من الصعب السيطرة على عقل المواطن وجعله مجرد تابع مؤمن بشكل تام بكل ما يصدر عن دولته موجهاً له، سواء كان ذلك عبر التعليم أو السينما أو غيره، ففي زماننا هذا لا نتعرض لبروباغندا واحدة موجهة، بل نشاهد صراع بروباغندا مع بروباغندا أخرى في الوقت نفسه ولنا حرية التصديق.

لذلك هل تفرض الدول سياسة الإنغلاق الفكري على مواطنيها فعلاً ؟ لا أعتقد ذلك -استثني دولة مثل كوريا الشمالية مثلاً كحالة شاذة-، إذا ما الذي يجعل الشخص منغلقاً على دعاية إعلامية معينة ويرفض التساؤل والبحث؟ الشخص نفسه ربما !

في السابق كان منتشرا بكثرة ، و لكن مع ذلك هناك احتمالية لعودته من جديد ..

الشعوب الآن أكثر انفتاحاً وتعطشاً للحرية، وأي محاولة للإغلاق عليها أعتقد أنه سيتم مقابلتها بالرفض والتشكيك، لذلك لا أرى أن إحتمالية عودة هذا الإنغلاق عالية في المستقبل، لأنه من الصعب أن تغلق على عقل إنسان يريد معرفة الحقيقة.

الحياة الإنسانية عموما تغيرت كثيرا و تطورت الذهنيات ، و لكن مع ذلك الإحتمالية تبقى قائمة خاصة مع ظهور توترات أمنية في مناطق معينة من عالمنا العربي و في مناطق أخرى متفرقة من العالم ، و هناك الكثير من المخاوف و التوترات المتصاعدة بشأن قيام حروب عالمية جديدة ، و صانعو الحروب لا يعترفون بحريات الشعوب و هذا شيء معروف تاريخيا ، و إذا اضطرت أي دولة إلى ممارسة سياسة العزل على شعوبها فستفعل ذلك فورا و لا توجد أي قوانين مؤسسة و حقيقية يمكنها أن تمنع من حدوث ذلك ..

أعتقد أن التاريخ يعيد نفسه بذات الوتيرة وأرى أن عودة الإنغلاق والعزل الفكري بشكل خانق سيمهّد لعودة انفتاح آخر مجدداً، ولكن عموماً مع وجود الإنترنت لا يزال صعباً جداً فرض قيود على التفكير، إذا اختفى الإنترنت ربما ..

الحروب هي حدث سلبي يؤثر على كل مناحي الحياة ، لهذا يجب تعزيز الوعي الجمعي و تقوية القانون العالمي ضد الممارسات اللاإنسانية ( و التي يحصل بعضها الآن في غزة و لا تحظى بصرخة و تنديد عربي و عالمي قوي )

ومن المسؤول عن عملية تعزيز الوعي الجمعي هذه ومن هو أهل للثقة ليحمل على عاتقه هذه المهمة؟، أما القانون العالمي فلن أتحدث عنه لأنني أرى أنه موجه بواسطة القوة (لا فائدة يمكن أن نحدثها أو نتلقاها منه).

القانون الإنساني العالمي لا يسير وفق ميزان القوى لأن هذا شيء سلبي أخلاقيا على الجميع ( فالقوي و الضعيف كلاهما سيتضرران و عليه تبعات سلبية ) ، لكنه يسير وفق ميزان العلم و المصلحة الفضلى للإنسانية ، إن إهمال المجتمعات البشرية للإلتزام بقواعد معينة و المصادقة عليها هو السبب المباشر في عدم عمل القانون الإنساني لمصلحتها ، إن تخريب الناس للعناصر الطبيعية و الموارد و نشر السلوكيات الضارة و المسيئة و التمرد على القوانين التي تحمي المصلحة الفضلى هو من أسباب تدهور الجماعات و تدهور الوعي .. بحيث أصبح كل طرف يسعى إلى تقوية و تغذية نفسه و جبهته بالسرقات و الإحتيال على ظهور و على حساب أتعاب ناس آخرين ، فإن مظاهر البحث عن الرزق السهل و السريع عن طريق التجهيل و الاستحمار و استغفال الآخرين و سرقتهم و سرقة جهودهم و انتهاز الفرص هي كلها من أحد أبرز عوامل انعدام الرحمة و العطف .. و السعي إلى بناء و تطوير أنظمة حماية متطورة مضادة للسرقات ...

إذا كان الجميع يلتزم ويتحلى بالأخلاق الفضلى.. فما الداعي لوجود قانون دولي إذاً؟ القانون فائدته الأساسية هي الحكم في النزاعات ومعاقبة الأطراف المتسببة بالضرر، إذا هل يقوم هذا القانون بدوره اليوم على أرض الواقع؟

دعنا لا نجاوب، بل نأخذ أمثلة ونستنبط من خلالها من المُلام فيما نعيشه.. هل الأفراد أم القانون الذي من المفترض أنه وجد لتنظيم سلوكيات هؤلاء الأفراد أو الجماعات؟

نقلاً عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر:

المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول تنص على أن الصحفيين يتمتعون بجميع الحقوق وأشكال الحماية الممنوحة للمدنيين في النزاعات المسلحة الدولية. وينطبق الشيء نفسه على حالات النزاع غير المسلح بمقتضى القانون الدولي العرفي ( القاعدة 34 في دراسة اللجنة الدولية للقانون الدولي الإنساني العرفي ).

لدينا مثال حي ومتجدد على استهداف الصحفيين (مدنيين) في النزاع المسلح، وهذا انتهاك يدين فاعله، ولكن بالمقابل ما الذي قدمه القانون الدولي لهؤلاء الصحفيين وما هي الإجراءات التي يتخذها ضد المتسبب بهذه الإنتهاكات؟ حسب المُشاهد .. لا شيء!

ما تفسير ذلك سوى أن القانون الدولي إن لم تسيره القوى وفق ما تشاء فهو غير فعال من الأساس؟ ماذا عن المحكمة الجنائية وكل تلك المنظمات(المحايدة)، ما الذي قامت به حتى الآن؟

لا أعتقد أن الميزان الأخلاقي يتم مراعاته في عالمنا حالياً بأي شكل من الأشكال، إذاً ما الذي يجعل قوة معينة تمتنع عن ارتكاب انتهاكات ضد الإنسانية (تصب في صالحها) إذا لم يوجد رادع يمنعها من ذلك؟

لماذا يوجد قانون دولي إنساني بمعنى أصح ؟

القانون هو شيء لا يمثله طرف أقوى ضد أطراف أضعف .. فالقانون هو شيء للجميع و يحميه الجميع .. لأن إهمال تطبيق القانون يعني شيء واحد و هو ضعف المجتمعات و صمتها عن الإنتهاكات و يعني ضعف استيعابها لمعنى و جدوى الحفاظ على القانون .. فالقانون و الأخلاق إذا لم ترعاهما و تسهر الشعوب على تطبيقهما إنطلاقا من الذات ثم الأسرة ثم المجتمع .. فمن سيحمل القانون إذا كان الجميع راضون و صامتون على حالة الفوضى و اللا أخلاقية ؟

و القانون ليس حيوان مخصص للحماية و لا هو سلاح ناري ، فالقانون هو عبارة عن لائحة من الضوابط و البنود التي يجب استيعابها و قراءتها و تدوينها و التكلم بها إعلاميا ، فهو يحميك إذا نطقت و حاججت به لدى المحاكم و لدى السلطات و المنابر المكلفة بالاستماع لك و المكلفة بحمايتك بمقتضى ذلك القانون ، و لكن ذلك القانون لا يحميك إذا اكتفيت بالصمت و المشاهدة و الميل مع ميلان الرياح و استسلمت مع المستسلمين ..

إذا رأينا أشخاص يحيدون عن القانون و عن الأخلاق من واجبنا نصحهم و تذكيرهم ، و ليس تقليدهم و اتباعهم ، لأن اتباع خارجين عن القانون يجعلنا نصبح مثلهم .. و بالتالي فإن القانون سيصبح ضدنا و سيبقى ضدنا حتى لو كان حامل القانون هو شخص واحد و حاملي الفوضى عشر ملايير نسمة ، فالقانون لا يتعلق بعدد الأشخاص الحاملين له ، فالقانون هو شيء يتعلق بالمنهج الفكري و الأخلاقي و السلوكي السليم للإنسان و الإنسانية و هو شيء متأصل في الفطرة النقية السليمة لكل شخص يفكر بمنطقية و عدالة و إيجابية ..

و سأضيف لك معلومة أخرى عن القانون فضلا عن كونه ليس شخصا فهو شيء خالد لا يزول و لا يموت بموت حامليه ، فحتى لو انتشرت الفوضى و سادت البربرية و الهمجية و أصبحت الأرض مكانا لا قانون فيه .. فإن الخالق سيعاقب الخارجين عن نطاق الفطرة و عن نطاق اللا معقولية عن طريق سننه و قوانينه الأرضية .. بمعنى أن القانون هو شيء سماوي طبيعي لا يمكن الفكاك منه حتى لو لم يوجد أشخاص يحملونه على عاتقهم ..

القانون هو شيء لا يمثله طرف أقوى ضد أطراف أضعف .. فالقانون هو شيء للجميع و يحميه الجميع 

فهمت ما تعنيه، إذاً اللوم لا يقع على القانون نفسه بل على الجهات التي من المفترض أنها مسؤولة عن تطبيق هذا القانون وإحلاله.

ولكنني ما زلت أرى أن لوم المجتمعات -إذا ما كنت تقصد هنا على مستوى الأفراد لا الحكومات- هو لوم مجحف نوعاً إذا ما نظرنا إلى الغضب الشعبي العالمي في الوقت الحالي وما يحدثه من تأثير محدود على أرض الواقع وتطبيق القانون الدولي، ربما صمت الشعوب قديماً صعّب المهمة على الشعوب الحالية وضاعف من محدودية التأثير.

وهنا لا أرى أي حلّ ممكن أن يقدمه لنا القانون الدولي أو المنظمات الحامية له أو حتى المجتمعات المدنية، ولو جئنا للواقع فالشرّ ليس أمراً يمكن اختفاءه ولكن أن يتفشى بهذا الشكل المخيف .. والمصيبة الأكبر وجود من يصدق دعايته .. هنا ماذا نستطيع أن نقدم أكثر مما بيدنا تقديمه الآن؟

فإن الخالق سيعاقب الخارجين عن نطاق الفطرة و عن نطاق اللا معقولية عن طريق سننه و قوانينه الأرضية

وهذا ما يجعلنا لا نفقد إيماننا ولا حتى عقولنا ! أن العدالة نتيجة حتمية ومكفولة عند الله.

من الذي يراقب مدى تطبيق و تنفيذ القانون إذا كان الشعب لا يؤدي هذه الرقابة الضرورية ؟

فالشعب هو المعني بتطبيق القوانين و هو من تنطبق عليه و هو المعني بمراقبته و تعديله و تغييره إذا اقتضت الضرورة ذلك ..

الانحيازات والإيدلوجيات تسهل التحكم في الناس وتوجيههم.

تناقش هذه الفكرة بوضوح في كتاب سيكولوجية الجماهير.

كما أن البشر يخافون من النبذ والوحدة وبالتالي يختارون أن يكونوا على ما عليه محيطهم، فالمختلف خطر على المجتمع.

مثل جسمنا الخلية المتمردة والتي تهرب من الموت وتتكاثر تعتبر سرطان.

الانغلاق الفكري يحافظ على المجتمعات بشكل كبير ويجعل من الصعب تفككها، ومن السهل إقناع شعوبها بأي شيء، بداية من دخولهم الحروب المختلفة مثل ما يحدث في أمريكا، أو حتى تبرير زيادة الأسعار لهم بمقارنة تجعلهم كتلة واحدة أفضل من كتلة واحدة جانبهم -أي دولة أخرى- .

أما الحريات والتعامل مع الأشخاص لفرديتهم فمازلنا بعيدين كثيرًا عن هذا .

في اعتقادي أن محاولة عزل و تطويق مجموعة متنوعة من الناس دون أن نعرف مواقفهم و أراءهم و رغباتهم و تمييزهم جيدا تعتبر محاولة و سياسة ممنهجة مقصودة و خطيرة التبعات و العواقب على المستوى الإنساني العالمي و تعادل في شناعتها شناعة إعلان الحرب المباشرة و زعزعة الأمن .. ببساطة لأن ( الحرية التواصلية و الإنفتاح الفكري على الآخر ) تعتبر ضرورة إنسانية أخلاقية و هي لا تعتبر شيئا ضارا في حد ذاتها طالما أن المنفتحون يبقون انفتاحهم و مكتسباتهم لأنفسهم و لا يشيعونها لمن حولهم ممن يرغبون بالإنغلاق فكريا ، و أخالفك الرأي و الإعتقاد بشأن الاختلاف و المختلف من الناس و تنوع الثقافات ، يمكننا رؤية الإختلافات على أنها من سنن الخالق في الوجود .. و ليس من السليم تصنيف المختلف عنا كعدو يجب تدميره و إقصاؤه طالما لم يرتكب شيئا مخالفا يجعله عرضة للسخط و الغضب و العقاب ..

أما الحريات والتعامل مع الأشخاص لفرديتهم فمازلنا بعيدين كثيرًا عن هذا ..

أما البعد عن مراعاة الحريات الفردية المشروعة فهو شيء سلبي و له عواقبه ، لأن الفردانية و الحق الفردي طبيعي و من الضروري إحترامه و تنظيمه و تأطيره حتى يكون ساريا على المستوى الخاص و الفرداني فقط ..

أتقف تمامًا مع ما تقوله، فحرية الفرد، أهم من كل المهاترات الأخرى، وسلبها يعتبر جريمة كامل، لكن للأسف لا يتعامل الكثير من الناس بنفس الشكل والمنطق، خصوصًا السياسيين بالطبع، حرية الفرد هي آخر الاهتمامات الآن .

لذلك لابد من التكتل و الإتحاد و النضال السياسي لأجل الحريات الفردية المشروعة ..

بالطبع هذا ما يحاول فعله أحرار العالم طوال الوقت

أعتقد أن هذه الظاهرة أي التفرد الفكري، من حيث القيام بإقصاء التنوع الثقافي والفكري، مما يؤدي إلى انعدام الاستعداد لفهم وقبول وجهات نظر مختلفة، فالأمور قد تكون مرتبطة بالسياسة التعليمية والتربوية التي تفضل إيصال رؤية محددة، وقد يكون للسياسات الإعلامية دور في توجيه الرأي العام نحو اتجاهات معينة.

لكنه تصرف ضار و لا أخلاقي في حق فئة معينة من الشعب !

اولا واهم شئ هو غرس الجانب الديني في اطفالنا ومن ثم من الممكن الانفتاح على الثقافات الاخرى ولا نقلدهم، ولكن في العموم تعتبر سياسات الإنغلاق الفكري لها عدة عوامل منها الاقتصادية والاجتماعية. قد يكون هذا التوجه ناتجًا عن رغبة في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي. بالرغم انه يُعتبر هذا التصرف غالبًا تحديًا للتنوع الثقافي والفكري، من النواحي الاخرى يعتبر الانفتاح على ثقافات مختلفة والتعددية الفكرية خطوة إيجابية نحو التفاهم والتعايش السلمي و يمكن أن يحقق تطويرًا وفهمًا أعمق بين الشعوب.

يجب علينا أيضًا دائماً تمييز الصواب والخطأ وتذكر دائما اننا نحترم ثقافات الغير وحريتهم الشخصيه مهما اختلفت عنا.

لا ينبغي الحد من حرية الطفل المشروعة في تكوين منظومته الأخلاقية و الفكرية و صناعة طريقته الخاصة التي يبنيها بعد الإطلاع على جميع الخيارات المتاحة ، أما عزل الطفل و برمجته على منظومة فكرية واحدة لا تنوع و لا توسع فيها و بعدها نعرض عليه ثقافات جديدة .. فهذا شيء سلبي حسب تجربتي و حسب ما لاحظته ..

وهذه من المصاعب التى تواجه البشر بالعصر الحالي، مابين ترك للطفل حرية الاختيار خوفاً عليه من اختيار الأسوء، وبين الاختيار له، الأمر واضح، كطفل يحتاج فعلاً للاختيار له وتعريفه الخطأ من الصواب، ولكن حين يكبر نتحول للتوجيه والنصح فقط، بالنهاية هي حياة الفرد وهو المسئول عنها وعن نفسه.

الطفل ليس غبيا كما أوهمتنا الأعراف التي سادت في فترة ما ، الطفل هو إنسان ذكي يتمتع بكافة المؤهلات التي تجعله يميز بين الصواب و الخطأ حتى لو كان في سن صغير ، فإذا ما عرضت عليه مجموعة متنوعة من الأفكار و الحوارات البناءة و التجارب المقنعة .. فإنه سرعان ما يكتشف النافع و المفيد له و لغيره ...

انظر ان كل شىء له شىء او افكر على حسب شخصيتها شخص هو ثقافي و جميل و اخلاقي اكثر من انساني يا عزيزي

المعذرة منك آنسة @qqq لم أفهم جيدا معنى ما كتبت ..

هذه الأفكار موجودة في الأنظمة الشمولية التي تريد السيطرة على كل شئ وتحاول التصدي إلى أي فكر يعرضها في مهده لذلك تبث تلك الأفكار في المناهج الدراسية وأيضا تبثه في الجانب الترفيهي من أفلام ومسلسلات وغيرها هذه الأنظمة وان قل تأثيرها في ظل عصر الانفتاح الشبكي وسهولة الوصول إلى أفكار جديدة حول العالم إلا أنه أيضا بعض هذه الأنظمة بدأت تتدارك ذلك وتحاول فرض تلك الشمولية أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي.

في رأيك أخي أيهما أصلح ؟ هل الشمولية و التنوع الفكري ؟ أم الإنعزال و الإنغلاق و الأحادية الفكرية ؟

بالتاكيد التنوع الفكري لكن بشرط التنوع الفكري المتزن الذي يصب في المجتمع افكار سليمة واقعية ليست بالشاذة او القائمة على افكار فردية اي من باب فسددوا وقاربوا.

كيف ستضبط ذلك؟، لنا في بعض الدول العربية أمثلة، بمجرد سعيهم للتنوع والانفتاح ضاعت الهوية التي تميزهم، أحدهم أصبح نموذج من الغرب وربما أكثر، والثاني فقد سماته المميزة بكل أبعادها.

الذوبان في الثقافة الغربية ناتج عن غياب الإعتزاز بالهوية و الثقافة الوطنية ، لقد صنعت الأنظمة الموالية للأمبريالية التابعة للإحتلال التقليدي واقعا فاسدا من التجهيل و العزل و التخلف و إدانة الحريات المشروعة ، لقد ظلموا الأبرياء و خربوا البيوت و نهبوا الثروات و المناصب و أعطوا وعودا زائفة للشعب و استغلوا المناصب المستأمنين عليها لخدمة أغراض شخصية ..

أوافقك الرأي ، لكن بالنسبة ( للشاذ ) يقول الخبراء أنه يحفظ و لكن لا يقاس عليه ، بمعنى أنه يعطى له إعتبار و مساحة للوجود ، و لكن لا يقاس عليه بمعنى أنه لا يصبح هو المعيار و المرجع الطبيعي الذي يستند عليه ..

لكن ليس كل ما هو شاذ يجب أن يسمح له بمساحة للوجود فبعضه يجب أن يحارب من البداية سواءً لإضراره بالمجتمع أو حتى لا يصبح هو السائد وبالتالي يكون المعيار، كما حدث فيما يتعلق بالكثير من الأفكار بالثقافة الغربية التي كانت في البداية مجرد أفكار يتبناها أقلية حتى أصبحت اليوم تمثل طبيعة الأمور وأصبح من يخالفها هو الشاذ.

الشاذ يبقى شاذا حتى لو أصبح مشاعا و تمارسه الأغلبية الساحقة ، لأن صفة ( الطبيعية ) هي شيء لا يزول بمخالفة الأغلبية له ، في القديم كانت الكثير من الشعوب تعبد الأصنام و عبدوا الشمس اعتقادا منهم أنها تنفع و تضر و أنها الإله الخالق - تعالى الله عن شركهم - ، و كانوا ينظرون إلى الذين لا يوافقونهم الرأي على أنهم شواذ و متمردين ، و لكن ذلك الشيوع لم يمنع و لم يحجب الحقيقة ، و عاشوا شاذين في اعتقادهم إلى أن جاء من يعيدهم إلى الأصل و إلى الطبيعي ...

لذلك فإن الحقيقة و الطبيعية صفة خالدة لا تموت و لا تتأثر بظنون و اعتقادات البشر

أتفق مع هذه النظرة كليًا فالشاذ فعلًا يجب أن يحدد من منظور ديني يتبع الفطرة، لكن الواقع يقول أن الشذوذ يصبح عمليًا المعيار في كثير من الأحيان وأقصد هنا معيار من منظور دنيوي سواء كان هذا المعيار صحيح أو خاطئ، الفكرة فقط في النظرة للشاذ على أنه شيء يحفظ له بحق الوجود كما فهمت من تعليقك وهذه هي نقطة إختلافي وأرى أن بعضه قد يسمح له بالوجود لكن البعض الآخر يجب محاربته من منظور ديني وأخلاقي حتى لا يؤدي بضرر كبير في المجتمع. فهل تتفق مع هذه النظرة أم تجد أن كل الأفكار لها حق الوجود الوجود والانتشار والأمر يرجع في النهاية للمجتمعات والأشخاص في الاختيار؟

في فطرتنا وغريزتنا الإنسانية نحن نخاف من الأشياء المجهولة، وهو خوف طبيعي ابتدائي احترازي يقينا من مخاطر الشيء المجهول إذا كان يحتوي عليها، ومع ذلك حصل كثيرا في الماضي أننا خفنا وحاربنا الكثير من المجاهيل التي تبين لنا لاحقا أنها شيء اعتيادي يصب في صالحنا بعد أن فهمناه وأدركنا كنهه و طبيعته، فالمجهول دوما مدان ومستنكر ومستغرب حتى نرتاح ونشعر بالأمان ناحيته وناحية وجوده ..

الشاذ عبارة عن شيء أو حالة أو ظرف أو حتى شخص يعتبر في مقام ( المجهول x ) ، ويعتبر كخطر ( ⚠ ) في أذهان الناس، و لمجرد سماع كلمة ( شاذ ) يتبادر إلى الذهن أنه شيء سيء مخالف للطبيعة، مع أننا استهلكنا من قبل كثير من الأغذية المصنعة والمعدلة وراثيا والتي تصنف كأغذية شاذة غير طبيعية، ومع ذلك تناولناها ووثقنا في سلامتها بسبب أنه تم التأكيد والمصادقة على سلامتها وصحتها وقد تبين لاحقا أنها مفيدة وصحية، أما بعض الأشياء الشاذة يتم رفضها ليست من باب كونها ضارة أو غير ضارة بل ترفض لأن الذوق العام للأغلبيات الإنسانية هو من يرفضها، ( يشبه الأمر كأن تحاول فرض تمرير نوع الموسيقى المفضلة لك على حساب نوع الموسيقى التي يفضلها جميع الجالسين معك ، رغم كونك تشعر أن النوع الموسيقي للأغلبية غير محبب لديك إلا أنك مضطر لقبول تمريره من باب تفوق رغبات الأغلبية ) ، و هذا قد لا يعني بالضرورة أن ( رغبة و رأي الأغلبيات ) هو رأي صائب و حقيقي و جميل و صادق و نبيل و عادل ، فقد لا يكون كذلك البتة ، و قد تجد الجمال و الصواب و الحقيقة و الذوق كلهم عند شخص أو عند أقليات صغيرة .. و مع ذلك فإن تمرير رأي الأغلبية هو المتعارف عليه في أعراف البشر ، لذلك رغبة الجموع أولى من رغبة الفرد بغض النظر عن الصوابية و الحقيقية ، فالبشر منذ القدم يحترمون رغبة العنصر الأقوى سواء كان فردا أو مجموعة أو أقلية ، لأنهم لا يهتمون لمسائل الصوابية و الحقيقية و ما شابه ذلك بقدر ما يهتمون بعنصر البقاء في دائرة الأمان ، لأن الأمان أهم عندهم من الحقيقة ، و يمكنهم أن يكذبوا و يزيفوا الحقائق إذا كان ذلك يجلب الأمان و يبعد الأخطار عنهم .. الحقيقة هي شيء ليس من اختصاص الناس الآخرين بل هي مراد العلماء و الفلاسفة و المفكرين و الباحثين و المنقبين الذين يرغبون بمعرفة تفاصيل و خصائص و أمور كثيرة بغض النظر عن ما إذا كانت ستضعهم في موقف محرج و تعرض أمانهم الشخصي للخطر .. هم متخلفون في إدراك العواقب الأخلاقية والعاطفية لهذا يحتاجون لمرشدين أخلاقيين و نفسانيين ، لأن إدراك المسائل الأخلاقية مهم جدا للباحث .. و من يدري فقد يصبح ما يسمى شاذا شيئا طبيعيا إذا تبينت للناس سلامته و انعدام ضرره .. و مع ذلك فإن الأصل الطبيعي الأول باق محفوظ مهما ظهرت المستجدات و الاصطناعيات ..

لأن الأمان أهم عندهم من الحقيقة ، و يمكنهم أن يكذبوا و يزيفوا الحقائق إذا كان ذلك يجلب الأمان و يبعد الأخطار عنهم .. الحقيقة هي شيء ليس من اختصاص الناس الآخرين بل هي مراد العلماء و الفلاسفة و المفكرين و الباحثين و المنقبين

أجل هذا صحيح جداً. قليل جداً من الناس من يتحرى الحق. الاهم عندهم اللقمة و النومة و الكسوة! الحق مطلب عزيز لا يتحراه إلا النادرون كما قلت أنت. حتى العلماء الأفذاذ أحياناً لا يغامرون من أجل الحق. أذكر أن جالليو جاليلي وهو في محكمة التفتيش لما خير بين العقاب وبين أن يتراجع عن نظريته حول عدم مركزية الأرض وأن الشمس لا تدور. أقسم ولكنه - كما يشاع عنه - قال في همس: ولكنها تدور!!! مات العالم كمداً لكتمانه الحق. هنالك من حرقوا من قبله في عصر النهضة مثل جورديانو برونو الأيطالي بسبب نفس القضيةأيضاً لكنه آثر الحق! القلائل من يؤثرون الحق.

نعم بالفعل ، لقد قتل العلماء في تاريخنا كذلك بسبب قضايا مشابهة و تمت زندقتهم و تكفيرهم و اعدامهم بسبب استنتجاتهم الجديدة ، و بسبب خوف الطغم الحاكمة من التفاف الناس حولهم و تبني أفكارهم الجديدة .. لذلك تآمروا عليهم في السر و دبروا لهم مكائد و قتلوهم ، و بعض المحظوظين تم نفيهم ، و البعض الآخر سرقت منهم جهودهم و جردوهم من ملكيتها ، هناك تاريخ ملطخ بدماء العلماء و المفكرين و المجددين ، و هو تاريخ مسكوت عنه و مغمور و مطموس بسبب خوف الناس و الكتاب من انتقام السياسيين الذين يرغبون بتمرير إديولوجياتهم و التستر على فضائحهم و جرائمهم ، و مع ذلك فإن التاريخ السري لا يموت بموت الراحلين ، و هو محفوظ و لا ندري أبدا في أي مكان يمكن أن يحفظه الخالق ، فالحقيقة شيء لا يموت بموت حامليها لأنها شيء خالد ستعود أجيال و أجيال لحمله و إظهاره حتى لو تطلب الأمر العودة إلى نقطة الصفر ، فالحق أو الحقيقة هما شيء يعلو ولا يعلى عليه ، و الخالق سيقيض له من يبحث عنه و يحمله حتميا حتى ولو من صلب و من أعماق الباطل .. ، و الذين أجبروا و أكرهوا على قول الباطل و الزور و قلبهم يأبى ذلك و يتمسك بحمل الحق ، فلا بأس بالكذب للنجاة بالحياة ، لأن الحياة و غريزة حب الحياة أهم و أولى من النطق بالحقيقة ، و الناطق بالباطل تحت تأثير التهديد بفقدان الحياة لا إثم و لا ذنب عليه لأنه يدخل في حكم المجبر و المضطر ، فالإنسان مطالب بالحفاظ على حياته أولا و قبل أي شيء آخر ، ومع ذلك فالإنسان في سعي دائم و حثيث إلى إيجاد حقيقة معينة يؤثرها على حياته و يضحي من أجلها بلا أي تخاذل أو تراجع ..

( و كل إنسان يسعى أن يكون لديه شيء أو قضية ما أو ربما شخص معين يمكنه أن يقيض له حياته من دون أي تردد ) ..

ثقافة

مجتمع لمناقشة المواضيع الثقافية، الفكرية، والاجتماعية بموضوعية وعقلانية. ناقش وتبادل المعرفة والأفكار حول الأدب، الفنون، الموسيقى، والعادات.

99.3 ألف متابع