ناقشت مع إحدى الزميلات فكرة استقلال الأبناء عن العائلة بعد انتهاء مرحلة ما قبل الجامعة وكم هي تجربة تستحق المغامرة بل إنها ضرورة. لم أتوقع أن تمتلك الزميلة رأي آخر، اعتقدت أنها تشاركني الرأي؛ لقد كنت أتحدث إليها عن الموضوع بحماس شديد حتى نزل عليّ رأيها كالصاعقة حين قالت إنها ترى هذه الفكرة دخيلة على مجتمعنا وإنها عديمة الفائدة بل مجرد تعقيد للحياة؛ فلماذا يقوم شخص بإرادته المطلقة بالانفصال عن أهله والمنزل الذي تربى فيه وبالأخص إذا كان هذا البيت مستقرًا سعيدًا، ليختار العيش بمفرده. وتنهي كلامها الذي استفزني بـ: هل من المنطقي أن يخلق الشخص المشكلة ويسعى إلى حل لها؟!

للأسف من الصعب هذه الأيام أن تجد منزلًا مستقرًا سعيدًا كما تقول زميلتنا؛ وأغلب الأبناء يعانون من مشكلات وضغوطات نفسية لا يعلم عنها أي من الأبوين، وفي أحايين قد يظن الوالدان أن الابن ممتن من معيشته ونمط حياته الذي يوفرانه له، ولكنه يخفي مشاعره لأنه لا يجرؤ على مشاركتها معهم. لا زلت من مؤيدي تجربة الانفصال بعض النظر عن حالة العائلة وأرى أنه حبذا لو تم تعميمها ليحصل الأبناء على حقهم في رؤية الحياة بعيونهم وليس بعيون آبائهم.

وإذا سألني أحدهم هل لو كنتِ أمًا لمنحتِ أبناءك هذا الحق، لأجبت بـ "نعـــــم"؛ فالأمر مثل تعلم قيادة السيارة لأول مرة. سأتركهم يقودون بنفسهم، وسأبقي عينًا عليهم تسندهم حين يحتاجون إلى المساعدة أو الخروج من مأزق. سأتعلم كيف أتمكن من تقليص دوري في حياتهم وسأتقبل ذلك. لم يُخلق أبناؤنا ليكونوا تحت رحمتنا طول العمر.

فدعونا نتناقش، هل تؤيدون فكرة انفصال الأبناء عن أهلهم في سن الثامنة عشر؟ وما هي السلبيات المحتملة لهذه التجربة من وجهة نظركم؟