كثيرا ما قال لي أبي حينما كنت طفلا إن اليابانيين على علم بثلاث قوى: "قوة السيف وقوة الدرر وقوة المرايا "؛ فالسيف يرمز لقوة السلاح، ولطالما انفقت أمريكا تريليونات الدولارات على الأسلحة وهي لهذا أضحت القوة العسكرية الكبرى في العالم، أما الدرر فترمز لقوة المال، وهناك درجة من الصحة في المقولة القائلة: "تذكر القاعدة الذهبية وهي أن من يحوز المال هو من يضع القواعد" وأما المرايا فترمز لقوة المعرفة بالذات، وهذه المعرفة بالذات -طبقا للأسطورة اليابانية- هي الكنز الأعظم بين هذه القوى الثلاث.
- الأب الغني والأب الفقير.

حديثي في هذا المقال (والذي سأطرحه باباً للنقاش) عن قوة المرايا، لأنني عند قرائتي في الكتاب (لهذة المقولة تحديداً) أيقنت أننا في عالمنا العربي أبعد ما يمكن عن معرفة النفس.

والغريب أنه ليس بالأمر المقدس في الثقافة اليابانية فقط، بل معرفة النفس متأصلة في ثقافتنا العربية منذ قرون.

بل ربطها الصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمعرفة الخالق "من عرف نفسه عرف ربه"

وأكدها بمقولة دائما ما أتأملها، لأنها تنم علي تدبر في النفس وتعظيم في خلق الله نتج عن معرفة الذات

دواؤك فيك وما تبصر وداؤك منك وما تشعر، وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوي العالم الأكبر.

والعديد العديد من الأمثلة عن معرفة الذات في ثقافتنا العربية من قول للحكماء والعلماء، وأيضا المتصوفة فهم طائفة عقيدتها مبنية علي التأمل في النفس!!

إما أن تكون كما أنت، وإمّا أن تكون كما تبدوا. جلال الدين الرومي

لا أحتاج للإطالة في ضرب الأمثلة لأثبت أن قوة المرايا جزء مهم من ثقافتنا المهملة...

ما أريد أن أتطرق إليه هو نقاش لأعرف كيف يمكن أن نملك قوة المرايا ونحن لا نعتز بهويتنا ولغتنا وتقاليدنا، ونحن لا نعرف عن نفسنا ما يعرفه الغرب عنا؟!