موفق الكيالي

61 نقاط السمعة
1.02 ألف مشاهدات المحتوى
عضو منذ
4

بين ختامها مسك وختامها فسق

الخواتيم ليست مجرد نهاية زمنية، بل هي المرآة التي تكشف حقيقة الطريق الذي سلكناه. قد يبدأ الإنسان أو المجتمع بمظهر القوة والفضيلة، لكن الامتحان الحقيقي لا يكون في البدايات، بل في الكيفية التي يُختم بها المسار. "ختامها مسك" هو التعبير القرآني الذي يرمز للنقاء والصفاء والعاقبة الطيبة، حيث يتحول الجهد إلى عطرٍ يبقى أثره بعد الرحيل. أما "ختامها فسق" فهو الوجه الآخر، حين ينكشف الزيف، وتظهر النهايات على حقيقتها، لا كما أراد أصحابها أن تبدو. الفلسفة هنا أن الخاتمة ليست
3

ذكاء الاحتيال وفن الرذيلة

الحضارة التي قلبت المفاهيم :  من مفاسد هذه الحضارة أنها أعادت تعريف الكلمات، فحوّلت الاحتيال إلى ذكاء، والانحلال إلى حرية، والرذيلة إلى فن، والاستغلال إلى معونة. إنها ليست مجرد أزمة أخلاقية، بل أزمة فلسفية عميقة، حيث اللغة نفسها أصبحت أداة تزوير، والمعاني تحولت إلى أقنعة تخفي القبح خلف ابتسامات مصطنعة. الاحتيال كذكاء في الأسواق المالية، يُسمى الاحتيال "ابتكارًا"، وفي السياسة يُسمى "دهاءً"، وفي الحياة اليومية يُسمى "شطارة". الحضارة الحديثة لا ترى في الاحتيال جريمة، بل مهارة. من يسرق بذكاء يصبح
6

استفزازك ليس صدفة: كيف يصنعون الوحش ثم يصرخون "هذا أنت!"

"يستفزونك ليخرجوا أسوأ ما فيك، ثم يقولون هذا أنت." ليست مجرد عبارة، بل وصف دقيق لآلية اجتماعية متكررة: يصنعون الوحش، يطلقونه، ثم يتظاهرون بالصدمة من وجوده. في عالمنا العربي، لا يُكتفى بتجاهلك، بل يُستفز صبرك، يُستنزف هدوءك، يُحرّض غضبك، ثم تُدان على رد فعلك. كأنك مطالب بأن تكون قديسًا في وجه القذارة، وأن تبتسم لمن يطعنك، وأن تعتذر حين تصرخ من الألم. الاستفزاز ليس عشوائيًا، بل منهجي: في الأسرة: يُضغط عليك نفسيًا، تُحمّل فوق طاقتك، ثم حين تنهار، يقولون "أنت
11

بطل الظلال وصاحب الردود الخالدة

في كل منصة، هناك ذلك الكائن الأسطوري الذي لا اسم له، لا صورة، لا هوية، لكنه حاضر دائمًا: "مجهول". يظهر فجأة كالشبح، يكتب تعليقًا حادًا، ثم يختفي تاركًا وراءه أثرًا من الغبار الرقمي. المجهول هو الفيلسوف الذي لا يريد أن يُعرف، المحارب الذي يخوض معاركه بلا درع ولا سيف، فقط بلوحة مفاتيح. يظن أنه بذلك يحمي نفسه من النقد، بينما في الحقيقة يختبئ خلف ستارٍ أرقّ من ورق السجائر. لماذا يختار البعض أن يكونوا "مجهولين"؟ لأنهم يعتقدون أن الفكرة أقوى
2

المجتمع يرتدي بذلة من المرايا

يقولون إن الحقيقة عارية. لكن في مجتمعنا، النفاق يرتدي بذلة فاخرة، حذاءً لامعًا، ويمسك مكبّر صوت. نحن لا نكتفي بتحمّل ازدواجية المعايير، بل نصنعها بالجملة. نصفّق للواعظ الذي يخون، للناشط الذي يقمع، وللأب الذي يسيطر على ابنته بينما يبارك تهوّر ابنه. نسميها "ثقافة". نسميها "تقاليد". وأنا أسميها: جبن يرتدي زي الفضيلة. مسرح الظهور الجميع ممثلون. الرجل الأخلاقي أخلاقي حتى تطلب ابنته حقها. المثقف مثقف حتى يختلف معه أحد. المدافع عن الحرية مدافع حتى تصرخ أخته. نحن لا نبحث عن الحقيقة،