* لماذا تختار الانسحاب دائما بينما لا تتاقم مع العزلة؟

لم أجد من يفهمني حتى أجالسه.

* وهل عليهم أن يفهموك حتى تجالسهم؟!

لا أعني ذلك، لكنهم لا يحبونني لذاتي إنما يحبون المرايا.

* أي مرايا؟!

المرايا التي يجالسونها حينما يكونون معي ، فأنا لا أحادثهم إلا فيما يريدون الكلام فيه، ولا أُسمعهم إلا ما يرغبون في سماعه، هكذا يحبونني، فأنا أخالط الكل بأخلاقه ولا يخالطني أحد بأخلاقي.

* فماذا لا تدعهم يعرفونك فيختبروا أخلاقك ويحبوك لشخصك؟

لو عرفوني لكرهوني.

* لما؟!

هل ستشتري مرآة تظهرك قبيحاً؟

* وهل تتعمد إظهار القبيح فيهم؟

لا لكني أتعمد إظهار القبيح في نفسي فيذكرهم بالقبيح في أنفسهم فسيكرهونني.

* ولما تظهر القبيح في نفسك؟

لسببين:

الأول:- تأديب لها وتعريف لها بأنها ليست ملاكاً ولا شيطان فأبصر نفسي بيعويبها حتى أتوب منها بيني وبين الله دون أن اكترث لرأي الناس فيها؛

الثاني:- هو امتحان صدق محبة الشخص الذي أخالطه، فإن كان صادقاً في حبه تجاهل القبيح واستحسن مني الحسن وبينه لي، وإن كان كاذباً خدعته المظاهر ورحل عني دون عناء.

* ألا تخاف أن يفهموك خطأ أو يحكموا عليك بصورة لا ترضيك؟

بل إني أسعى لذلك سعياً، فمن فهمني خطأً وحكم علياً حكماً ظالماً صارت علاقتي به محدودة بقدر ما حكمه، فإن رآني سفيهاً زدت له في سفاهتي وإن رآني بسيطا كنت معه أبسط الناس وهكذا.

* فلما تكره الوحدة إذا؟

لأنها تخبرني كل يوم بأني لا خليل لي، وأنه لا يمكن لأحد أن يتحملني.